توضيح سياسي (عن الوحدة والبعث)
2025.05.31
عبد الكريم الناعم
• أحد الأصدقاء، ولا أسمّيه احتراما لصداقتنا، ذكرعلى وسائل التواصل الاجتماعي، في معرض منشور له ما مفاده أنّ (البعث) شارك الاخوان المسلمين في عمليّة فصل الوحدة بين دمشق والقاهرة، أو هكذا فهمتُ من سرده، لذا أقول، وأنا عاصرت تلك المرحلة وكنت من العاملين في الحقل السياسي العقائدي آنذاك، وقريبا من الأحداث:
1-البعث لم يُشارك في الانفصال، ولم تكن له قوّة في الجيش آنذاك، وأنّ الذي وقّع تأييداً للحركة الانفصاليّة هو المرحوم الأستاذ صلاح البيطار، وهو أحد ثلاثة قادة تاريخيين للبعث العربي الاشتراكي مع كل من ميشيل عفلق وأكرم الحوراني.
2-الضباط الذين قاموا بفصل الوحدة هم الذين اعتمدتهم قيادة عبد الحكيم عامر، حين كلّف بالإشراف على الإقليم الشمالي ( سورية)، وكان الضباط البعثيون وأصدقاؤهم في القوات المسلّحة قد نُقل معظمهم إلى مصر إبعادا لهم عن أيّ فاعليّة ممكنة.
3-الضباط الذين نفّذوا الانفصال هم في معظمهم من أبناء أصحاب النفوذ المالي التجاري في دمشق، وساندهم آخرون، كما ساندتهم الأخطاء الكبيرة التي ارتُكبت من قبل المسؤولين في دولة الوحدة، ويحتاج شرحها لصفحات، ولا يبدو عرضها مفيداً الآن.
3- صلاح البيطار دُعي كغيره من سياسيين مرموقين للتأييد، لأن الانفصاليين يريدون تحقيق دعم واسع من أسماء سياسية بارزة، وكان توقيعه، وهو قائد تاريخي في البعث.. كان سقطة هزّت الجهاز الحزبي، وتركت نقمة عارمة عبّرت عن نفسها، وقد عمل الكثير الكثير الأستاذ ميشيل عفلق لحماية صديق عمره، واعتذر البيطار، وبقي فترة مبعَدا عن أيّ موقع، ثم استردّ موقعه القيادي، بإصرار من ميشيل عفلق.
4-الذي أيّد حركة الانفصال بقوة هو الأستاذ أكرم الحوراني، هو وجماعته، وهؤلاء كان لهم رأي في عبد الناصر، وقد كتبوا ذلك في الصحافة وأصدروا كتيّبا صغيرا في ذلك، واعتبروا عبد الناصر رجل أمريكا في المنطقة، ينفّذ سياستها، وكانوا رافضين لأيّ مراجعة لموضوع الوحدة مع مصر، ووقف إلى جانب الحوراني أسماء سياسية قيادية معروفة في وقتها كخليل كلاس، وعبد البر عيون السود، وإدوار حشوة، ومصطفى حمدون، ووقفت بعض الأسماء المعروفة الشهيرة على حافة الحدث كوهيب الغانم، وعبد الهادي عباس، وذهب بعض البعثيين إلى الفضاء الناصري كفايز إسماعيل، وسامي الجندي.
بالمناسبة أشير إلى أنّ عبد الناصر كما تكشّفت الأحداث كان وطنيا، عروبيّاً، وأمميّاً، ونظيف اليد، مات ووجد في جيبه قرابة 225 جنيه مصري، وليست له حسابات في الخارج، ولم يورّث أبناءه غير اسمه النّاصع، وشهيرة حادثة أنّه استدان من احد البنوك الرسميّة مبلغا، وفاه بالتقسيط لتأمين جهاز لا بنته.
أشير إلى أنّ الانفصال اشتغلت لإنجازه قوى مخابراتيّة كبيرة، وكان الأردن، أيام الملك حسين أحد مراكز الدعم العلني، بالقول والفعل، للتيار الانفصالي.
4-أؤكّد أنّه لم يجر أيّ تنسيق بين البعث وجماعة الاخوان عبر تاريخ سورية الحديث، بل كانت العلاقة صداميّة ومتنافرة، وعبّر الاخوان عن عدائهم للبعث بعد انقلاب 1963والذي حمل البعث، فيما بعد، إلى الانفراد بالسلطة بعد تصفية شركائه في الانقلاب.
هذه الأحداث صارت الان في ذمّة التاريخ، والعودة إليها قد تفيد في العبرة المستخلَصة من المجريات.
المهمّ الان كيف نجعل سوريّة لكل أبنائها، دولة مدنيّة، ديموقراطيّة، متعددة الأحزاب، يسود فيها القانون، وفصل السلطات، تُعتَمد فيها الإدارة الذاتية لكلّ محافظة، نظيفة من كلّ شُبهة مذهبيّة أو طائفيّة أو مناطقية، أو إثنيّة، دولة مواكِبة لمعطيات العصر، لا مصادرة فيها، ولا إقصاء لأيّ مكوِّن من مكوّناتها،....