كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

فاتح جاموس: موقفنا الشامل من حلقة شمال شرق سوريا...

حلقة خطرة جدا في الأزمة السورية.. تطرح برنامج كفاح خاص
أولا: مدخل:
على العكس من اعتقاد البعض، وتطبيلهم وتذميرهم على الطالع والنازل، ولسنوات طويلة، أن الأزمة السورية بطريق الحل "قريبا"، وأن التوافق الدولي الرئيسي، أو بين الأطراف الرئيسية، قد حصل عبر هذا اللقاء، أو المؤتمر، أو اجتماع لمجلس الأمن، وقرار صادر عنه،على العكس من ذلك، فإننا نعتقد أن الأزمة الوطنية السورية، قد دخلت مسارا جديدا خطرا جدا، والقضية ليست عند حدود غياب التوافق الدولي على مدى سنوات الأزمة فحسب، بل في شدة انقسامه عليها، وقيام تناقض صراعي عميق وشامل حولها، إذ وعلى الرغم من الانتصارات العسكرية والجغرافية المهمة التي حققها التحالف الروسي السوري الإيراني، فإن الصف والتحالف الآخر( الأمريكي، الصهيوني، التركي)وأدواته الإقليمية، يرفض تماما التراجع، ويريد الاستثمار الأقصى للدمار الجيوسياسي الذي وقع في سوريا، بالنسبة له حان وقت الاستثمار، إما بحصة اقتسام كعكة سياسية دسمة، له أو لأنصاره، أو فتح خطوط نزيف شبه دائم، ومتابعة التدمير، ومنع سوريا من استعادة وضعها الجيوسياسي السابق على الأقل، ونعتقد أن الخيار الأخير هو الاحتمال الشغال، وتتجسد هذه المرحلة والحقيقة في ثلاثة حلقات هي الأكثر خطورة الآن وللمستقبل المنظور والبعيد، إنها حلقة إدلب والعامل التركي، وحلقة شمال شرق سوريا والعامل الكردي، أو القوى الكردية المتحالفة مع أمريكا،أو تركيا، أو تعيش خارجيا في كنف الأخيرة، مع فعاليات أخرى من الهيئة العليا للتفاوض، وحلقة منطقة التنف والحضور الكثيف للعامل الأمريكي في كل تلك الحلقات، أو دوره في ضبط التناقضات، وتوجيه سياسات الأطراف الأخرى في صفه، ونحدد هذه الحلقات بحيث تبدو حلقات أخرى خطرة الآن وللمستقبل، وكأنها من الدرجة الرابعة مقارنة، مثلا:( حلقة السويداء، حلقة درعا) ومن اللافت أن مجمل هذه الحلقات، طرفية أو حدودية، بحيث تتغذى بسهولة من أطراف خارجية عدوة، متفقة داخل الصف الأمريكي على أدوار التخريب والاستثمار الجيوسياسي، أو في الحد الأدنى، إبقاء الأزمة مفتوحة.
ثانيا:حلقة شمال شرق سوريا، في الأهمية والخطورة:
إن لم نقل بالفم العريض، والصوت العالي، أنها غدت أكثر الحلقات خطورة، بالعلاقة مع تطور شروط الأزمة، فنقول أنها الحلقة الأكثر تعقيدا والتباسا، إلى درجة يبدو تحديد موقف منها على درجة عالية من الصعوبة، وتتأتى الخطورة، والتعقيد، والالتباس، من أسباب ووقائع عديدةأهمها:
-1- وجود عامل كردي يعمل تاريخيا، موضوعيا وذاتيا( نقصد بشكل أساسي النخب السياسية) على أهداف خاصة، متناقضة مع الحد الوطني السوري، وعلى حسابه جيوسياسيا، بحيث يبدو دائما بمثابة صيغة تهديد بالتقسيم، أو صيغة أمر واقع منه، بالتغاضي عن النوايا، فالأمر أمر اختيار شروط خاطئة كليا، والآن شروط أزمة وطنية، وعلى حساب الغالبية القومية وحساب الوطن والدولة.
-2- كما يتحالف هذا الطرف الكردي المسيطر( مجلس سوريا الديموقراطي وقواته العسكرية)وحتى الطرف الكردي الآخر، مع القوة الأكثر خطورة وعداوة للدولة السورية، أي أمريكا،بالطبع مع التمييز الدقيق بين مفهوم السلطة والدولة، وهي أمريكا الآن عدوة للجهتين.
وكذلك بسبب التمتع العميق بروح البراغماتية الانتهازية من قبل الطرف الكردي، بحيث يصبح من معجزات الدنيا الثمانية، فهم العلاقة المتناقضة بين اعتبار أمريكا عدوا لحزب العمال الكردستاني،وهي من صنفته مع تركيا أنه إرهابي، وفي نفس الوقت حليفا لمسد وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، مع العلاقة الرفاقية والارتباط التاريخي حتى اللحظة بين الحزبين، والتأثير القيادي الحاسم لحزب العمال الكردستاني، خاصة قادته العسكريين، على الاتحاد الديموقراطي ومسد في سوريا، ( الأوجلانية عقيدة معلنة) ولا يمكن فهم هذا إلا بصيغة الانتهازية الوطنية من أجل أهداف كردية خاصة، في شروط الأزمة السورية، وتحول سوريا من منظور النخب الكردية إلى حلقة ضعيفة قابلة للكسر، كما نظرت تركيا إليها ولا تزال مع انطلاق الأزمة، وكما نظر كامل الصف الأمريكي-الصهيوني – التركي،كل بغاية تحقيق أهدافه الخاصة، والتنسيق والدعم الشامل لتحقيق أهداف أخرى كردية أساسية في تركيا، بذلك تكون حتى حالة التحالف القديم مع السلطة السورية، وتحمل الأخيرة مخاطر هائلة في ذلك التحالف، تكون وكأنها لم تكن، لا من منظور وطني، ولا منظور أخلاقي، عداكم عن السياسي، إنها براغماتية انتهازية صافية.
-4- ومن أهم عوامل الالتباس في النظر إلى تحالف( مسد)هي المعارك التي خاضتها قواته في مواجهة الأصولية الفاشية، بحيث يوحي الأمر وكأنه كان موقفا صائبا في أولوية المهام في الأزمة السورية، لكن موقف حزب الاتحاد الديموقراطي من بداية الأحداث، الذي قام على مقاربة تقول أن هناك ثورة وشروط ثورية، والمهمة الأولى هي التغيير الديموقراطي في مواجهة النظام، مثله مثل تحالف هيئة التنسيق الذي كان داخله من البدايات، ومثله مثل كل المعارضات الأخرى المسلحة، ويوما بعد الآخر، وبسبب التحالف مع واشنطن، كان يتضح أن دوافع مسد في الصراع ضد الأصولية الفاشية، كانت في الجوهر قطع الطريق على وجود أي قوة أخرى منافسة شرق الفرات، مع الاستقواء الكامل بالطرف الأمريكي، والاعتماد عليه في مواجهة كل الصراعات المحتملة للتناقضات والخوف من الطرف التركي، أو النظام السوري.
ثالثا: في تطور موقفنا من الحلقة المعنية...:
-1- في فعاليتنا( تيار طريق التغيير السلمي) كنا ومن بدايات الأحداث السورية\أواسط آذار\2011\في وضعية خلاف مع الرأي، أو أي جهة تعتقد أن هناك ثورة وشروط ثورية، ومنها بطبيعة الحال، حزب الاتحاد الديموقراطي، وتحالف مسد لاحقا، وكنا نعتقد ولا نزال، أن حزب الاتحاد لاحقا، ومع تدهور الوضع السوري، ترك تحالف هيئة التنسيق، وبدأ التفكير بمنظومة مختلفة، تقوم أساسا على إمكانية تحقيق أهداف كردية خاصة، واعتبرنا تلك المقاربة والمنظومة خاطئة وخطرة جدا، فعدا عن كونها منظومة تلفيقية، غير مستقرة بين المنظومات الأخرى، النظام وموالاته، المعارضة الخارجية، المعارضة الوطنية الداخلية،فهي بحد ذاتها تأتي في شروط غير مناسبة إطلاقا، إذ تحاول استغلال شروط الأزمة، لتحقيق أهداف استراتيجية، ستؤدي إلى تعميق التناقضات والعصبيات القومية، وزادت في الطين بلة تحالفات مسد، تحديدا مع الطرف الأمريكي، والانغماس في ذلك التحالف عميقا من منظورات سياسية ولوجستية.
-2- وعلى العكس مما فعلته العديد من القوى الوطنية والفعاليات السورية، باتهام مسد شتى الاتهامات، ومع وعينا الصريح لكل المخاطر الوطنية التي أثارها تحالف مسد، وانغماسه أكثر فأكثر في السياسات الخاطئة وطنيا، كنا نندفع للإهتمام بالحوار مع ذلك التحالف، وتحملنا شتى الاتهامات والتهديدات الأمنية أحيانا، أخذنا بعين الاعتبار عددا من العوامل، مدفوعين أيضا بالخوف أن تؤدي سياسات تلك النخب الكردية إلى كوارث على الشعب الكردي، والشعب السوري برمته، ومجمل قضية الدولة والوطن، وترافق موقفنا ذلك مع تكثف الأزمة بعدد من الحلقات الخطرة جدا على مستقبل الوطن، ومنها حلقة الشمال الشرقي.
بالاضافة لاعتقادنا أن هناك عددا من الوقائع والشروط، التي تفرض علينا الاهتمام بهذه الحلقة، بل تفرض شدة الاهتمام بها، كنا نعتقد أيضا، أن بعض شروط أخرى داخل بنية الشعب الكردي ونخبه، منها الاتحاد الديموقراطي، كما بعض وقائع التاريخ المعاصر، كله مما يسمح لنا بالتوقع، أن هناك إمكانية بالعمل، لتحويل المنطقة لمنطقة جذب وطني بكل المعاني، بدلا من الالتباسات والسياسات القائمة الخاطئة والخطرة وطنيا، نذكر بعض أهمها:
- على الأقل بقي الخطاب السياسي النظري تجاه السلطة التركية صحيحا من المنظور الجيوسياسي الوطني السوري، فالسلطة التركية عدوة لحركة الكفاح الكردي، وهناك تخوفات كردية دائمة من احتمال عمل عسكري تركي للقضاء على أي قوى عسكرية ومشاريع وأهداف كردية خاصة، وهذا عامل مشترك، وربما في بعض اللحظات والشروط يحضر الوجدان الأخلاقي للتحالف القديم بين الدولة والسلطة السورية من جهة، وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى، ويصبح أكثر أهمية، إعادة التركيز على المهمة المشتركة تجاه السلطة التركية، لترك العلاقة مع الأمريكي، هل هذا تعويل ممكن، نعم!
- قناعة من جهتنا، بأن الشرط الموضوعي ومصالح واشنطن لن تسمح لها أبدا بالتمادي مع مسد على حساب العلاقة مع تركيا، ولن تسمح للعلاقة الروسية- التركية ان تحل محل العلاقة الأمريكية- التركية، وكل هذا سينقلب كوارث على الشعب والنخب الكردية، وسيدفع بهما مرة أخرى إلى تصويب السياسات الوطنية، وهل هذا تعويل ممكن؟ نعم!
- بشكل عام تبدت البني المجتمعية الكردية ومنها النخب عن امتلاكها لبناء فوقي( قيم وعادات وثقافة وفكر) غير ديني عموما، بالتالي في المعارك السورية المستقبلية، يفترض أن صفها في خط الدولة العلمانية إلى جانب الآخرين، وهذا يعول عليه أيضا.
-4- وهكذا رفعنا مستوى اهتمامنا بهذه الحلقة، وهي تتطور لتصبح أكثر أهمية وخطورة، وصممنا على الحوار مع مختلف الفعاليات هناك، وبشكل خاص( مجلس سوريا الديموقراطي) وعبر حوار داخلي في تيارنا، ومع الأصدقاء، وضعنا خطة عمل متكاملة، لطرحها في مختلف الفعاليات الحوارية التي سنحضرها، واستجبنا لأول دعوة حوارية من(مسد) على الرغم من الاتهامات والتهديدات التي وصلتنا، وعلى الرغم من وجود آراء داخل تيارنا، كانت من البداية على اعتقاد بأن تحالف (مسد) قد تحول عميقا، وانتقل إلى الاعتماد والتحالف مع العامل الأمريكي، متجاوزا بذلك الحدود الوطنية في الموقف من الدولة على الأقل( إذا تركنا قضية السلطة جانبا).
-4- ومن البداية أخذنا بعين الاعتبار ضرورة الإنصات الدقيق، والاهتمام العالي بوجهة نظر مسد في مجمل مواقفها، ومعرفة الأسباب في تخوفاتها الأساسية التي دفعتها إلى تلك السياسات الخاطئة والملتبسة، والتي تصب بصورة حاسمة في صالح الصف المعادي( الأمريكي والتركي والصهيوني) بإلحاق المزيد من التدمير بالوضع الجيوسياسي السوري، ونستطيع تكثيف موقف مسد وتخوفاته والأسباب بالنقاط الرئيسية التالية:
- إنهم لم يستدعوا الطرف الأمريكي، أو قوات التحالف، هي كانت موجودة بذاتها وبدوافعها، وأن هذا الطرف قدم لهم كل الدعم المطلوب في صراعهم الصعب والمكلف جدا مع داعش الأصولية، في الوقت نفسه الذي رفض فيه التحالف الروسي- السوري تقديم أي دعم.
- تتحدد أهم تخوفاتهم في إمكانية إعادة إنتاج النظام والسلطة لنفسها بصورة ديكتاتورية وقمعية، لتعود وتمارس على الشعب السوري والأكراد بصورة خاصة الاضطهاد والقمع، وكذلك تخوفهم الشديد من العامل التركي، والاحتمال العالي في إقدام السلطات التركية على عمل عسكري شامل ضد أكراد سوريا وأي أهداف خاصة بهم، وجاءت أحداث عفرين من منظورهم لتؤكد تخوفاتهم تلك، ويضيفوا: أن التحالف الروسي- السوري قد أدار ظهره لعفرين وما جرى لها من قبل السلطات التركية، وبسبب تلك التخوفات والوقائع المسببة لها، يجد تحالف (مسد) أن الطرف الوحيد الذي يستطيع حمايتهم هو( واشنطن) ريثما يتحقق حل سياسي للأزمة السورية.
- وحددوا برنامجهم السياسي بعدد من المهمات، على رأسها التغيير الديموقراطي، بتغيير النظام وطابعه عبر الحوار السوري- السوري، وبدت السلطة نظريا وعمليا بمثابة الخصم الأول المطلوب مواجهته، بالتوازي مع طرح برنامج الإدارة الذاتية لكل المناطق السورية، مع اللامركزية السياسية أيضا،وتثبيت الحقوق القومية الكردية، بما فيه منها ذي الطابع الاستراتيجي، ومشابهات تلك الحقوق في الدستور السوري ، مع مطالب عسكرية وأمنية تتعلق بحق قواتهم المحلية بالدفاع عن الحدود هناك، على الرغم من تبعيتها الإدارية للجيش السوري، متابعة هزم داعش، مواجهة أي احتلال تركي محتمل...الخ.
- ثم ظهرت بوادر استعداد للقبول بقيام منطقة آمنة- حزام أمان- بعمق معين، بإدارة قوات أو أطراف دولية بإشراف الأمم المتحدة، وتطور الأمر للقبول التام بأي مشروع من هذا الطراز ترعاه واشنطن، في مواجهة الشروط التركية المتشددة، وهي تحاول ضبط التناقض والعلاقة والصراع التركي- الكردي، وتأمين عدة أهداف ومصالح للآطراف الثلاثة في نفس الوقت، وكله حتما على حساب الوضع الجيوسياسي الوطني السوري.
- وتبداالسلوك الكردي ببراغماتيته الانتهازية صريحا، كلما برزت احتمالات مغادرة القوات الأمريكية لسوريا، أو بروز التواطؤ التركي- الأمريكي على حساب الكردي، فتجري الهرولة غير المبدئية إلى دمشق.
-5- وقمنا بتلبية دعوة مسد للحوار بوجهة نظر محددة جدا، موثقة بعدد من الأبحاث والمقاربات، والصيغ البرنامجية، والبيانات، أهم نقاطها بتكثيف:
- آ- نحن نتفهم تخوفاتكم الأساسية المتمثلة بالخطر التركي الاحتلالي، وليس بصفته خطرا عليكم كحركة كردية فحسب، هو خطر هائل على سوريا الوطن والدولة، أولا وأساسا، كما نتفهم تخوفكم من المسار الفعلي لإعادة إنتاج النظام ذاته بصورة قمعية وديكتاتورية، وعدم جدية النظام بفتح مسار الحوار الوطني الداخلي، لكن نخالفكم كليا في مجمل نهجكم ووسائلكم وتحالفاتكم لمواجهة تلك التخوفات بمجملها، خاصة التخوف من جهة النظام.
- ب- أساس أخطائكم في المقاربة وبقية المواقف والسياسات والممارسات، هو اعتباركم من البداية أن هناك ثورة وشروط ثورية، ولم تقيموا مقاربة صحيحة لاحقا في قضية المهمات والأولوية فيها، ثم قمتم بانزياح إضافي جديد خطر، وذلك عندما تركتم حتى تحالف هيئة التنسيق، وانتقلتم إلى مقاربة ومواقف وسياسات أكثر خطورة، اعتقدتم ان سوريا سائرة باتجاه أن تكون حلقة ضعيفة قابلة للكسر والتدمير الجيوسياسي، تسمح بالتالي بتحقيق أهداف خاصة بكم في منطقة الشمال والشمال الشرقي، ووصلتم لمقاربة خطرة تفيد أن واشنطن هي الوحيدة القادرة على المساعدة بتحقيق أهدافكم، وانطلق كامل التفكير القصوي البرنامجي، بدءا بالفيدرالية، وصولا للإدارة الذاتية والإصرار على أنها الحل الوحيد للخروج من الأزمة السورية، وعلى الرغم من التراجع البراغماتي في الأهداف الذاتية، إلا أنها بقيت أهدافا ذاتية، وحافظت على التعنت بأنها الحل، ولم تقدم بصفتها أحد الحلول الحوارية في الأزمة.
- ج- واعتبرنا أن ذلك المنطق والمقاربة والمنظومة، قد دفعت كلها حتما إلى اختيار حلفاء محددين، كان على رأسهم واشنطن، ومن اللحظات الأولى للتعاون اللوجستي، توقف أي موقف أو نقد تجاه أمريكا، خاصة من منظور قضية الاحتلالات، وحلت ثقافة اخرى تفيد:أن أمريكا موجودة سلفا بإرادتها، وأنها مثلها مثل غيرها من المحتلين، وبعضهم قد جاء به النظام كروسيا وإيران، وأصبحت واشنطن الطرف الوحيد في العالم القادر على حماية المنطقة، والطرف الكردي من أية تخوفات أو مخاطر، وتوقف أي تمييز لديكم بين السلطة والدولة، وبين أعداء الدولة والسلطة، وتم تناسي الخطاب الأصلي تجاه أمريكا، خطاب التناقض والعداوة وضرورة الصراع، أي خطاب حزب العمال الكردستاني.
- د- وهكذا اعتبرنا المنطقة بقيادة مسد، مع كل تلك الوقائع ، أنها ليست منطقة جذب وطني أبدا، بل هي منطقة أخطاء والتباسات وطنية صريحة،وطرحنا برنامج عمل خاص، للسعي سوية لتحويلها إلى منطقة جذب وطني، من خلال برنامج تدريجي، يأخذ بعين الاعتبار التخوفات، كما الوقائع اللوجستية والسياسية التي لا تسمح بانفكاك علاقات التحالف ضربة واحدة، وكانت أهم نقاط اقتراحاتنا لتحويل المنطقة إلى منطقة جذب وطني هي التالية:
*اقترحنا أن يكون الطرف الروسي بديلا للطرف الأمريكي، بأن نشكل وفدا سوريا مشتركا من مسد، وأشخاص من طيف المعارضة الوطنية الداخلية، وأن نزور موسكو، ونطرح على الروس الفكرة، للقيام بدور رعوي، ودور حمائي من التخوفات المطروحة لجهة السلطة التركية والسورية، وأن يلعبوا دورا رعوي أيضا في عملية الحوار الوطني الداخلي، والبدء بمساره، بدلا من تهرب السلطة وعدم جديتها في ذلك.
* واقترحنا فكرة إطلاق حوار آخر في المنطقة حيث تحكم مسد، وذلك لخلق مركز فعل وإطار خاص بالمعارضة الوطنية الداخلية، بمنظومة محددة، لا التباسات فيها تسمح بدعوة أطراف وشخصيات معارضة، تنتمي فعليا للمعارضة الخارجية، لنصبح مع خلطة منظومات، وجمع غير مبدئي، كما هو مستحيل في الوقائع العميقة المختلفة داخل الانقسام الوطني في الأزمة، أي مركز لقوة معارضة جادة للعمل على تنفيذ الحوار الداخلي.
* واقترحنا التخلي عن التشدد تجاه قضية الإدارة الذاتية، واعتبارها مجرد اقتراح، أو أحد خارطات الطريق المطروحة للحوار، مع جهد نظري وفكري وسياسي، حاولنا من خلاله، التمييز بين الحلول في الحالات الطبيعية لتطور الأوطان، أو حالات الأزمات الوطنية الكبرى، خاصة تلك غير الثورية، فيتحول أي عمل لامركزي سياسي، إلى مساعد في عملية وصيغ انقسام الأمر الواقع، لأن سمات وقوانين الأزمات غير الثورية، هو الطرد والنبذ، أي الدفع إلى الإنقسامات على دوافع مختلفة، والأفضل في هذه الحالة هو الاكتفاء باللامركزية الإدارية، والسعي لتقوية الدولة مجددا، بوسائط مختلفة.
* واقترحنا حوارا في مفاهيم الاحتلال ومعاييره الواردة في المواثيق الدولية، وطالما أن مسد تصر على الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق القوميات، لا بأس فلنعتبر الوثائق بمجملها مرجعية مشتركة.
* واقترحنا تشكيل جبهة مقاومة فعلية وجادة، لمواجهة الاحتلالات الثلاثية( الأمريكي والتركي والصهيوني)بتركيز خاص على التركي ، يقود الجبهة مركز وتحالف المعارضة الوطنية الداخلية.
* واقترحنا مبادئ ومعايير وخطوات استراتيجية وتكتيكية متعلقة بالقضية القومية، بعضها قابل للصياغة في الدستور كمسائل استراتيجية للمستقبل حيث تتوقف عوامل الحروب القومية المتعصبة، وبعضها تكتيكي قابل للتنفيذ في سياق الحوار الوطني والخروج من الأزمة، واعتبرنا أن استغلال شروط الأزمة غير الثورية من قبل الطرف الكردي لتحقيق أهداف خاصة، بالذات ما هو ذي طابع استراتيجي منها، خطأ تاريخي كبير وخطير، لن يثير إلا التناقضات والعداوات والصراعات والعنف.
* وانتقدنا ما يعتبر فعليا احتكار حزب الاتحاد الديموقراطي، أي احتكار الطرف الكردي للسطلة داخل تحالف مسد، مع تحديد عدد من الممارسات الدالة.
* وفي ذلك السياق، أجرينا حوارا مشتركا مع فعالية( هيئة التنسيق- التغيير الديموقراطي) مجموعة كوادر تركت هيئة التنسيق، وهذه الفعالية انتسبت تنظيميا لإطار مسد، ثم اكتشفوا أن هناك ضرورة لقول بعض الحقائق النقدية لمسد وقيادتها الفعلية- الاتحاد الديموقراطي- وصغنا وثيقة مشتركة بخصوص الاحتلالات، وضرورة ترك التحالف مع واشنطن، والديموقراطية في التحالفات، وإصرار حزب الاتحاد على احتكار أكثر الحقائق والأسرار والقضايا أهمية وخطورة، ونحن بدورنا حملنا خطة عملنا التي تشمل هذه النقاط، وطرحناها في آخر حوار مع مسد، بينما ولأسباب تنظيمية خلافية، لم ينفذ شركاؤنا في الهيئة ما اتفقنا عليه.
-6- وللحق وعد بعض قيادي مسد، أن برنامج عملنا ذاك، لتحويل المنطقة ومسد لمركز جذب وطني، سيكون قريبا جدا في جدول حواري ثنائي بيننا في القامشلي، بالاضافة لتخويلنا بدعوة عدد من فعاليات وشخصيات معارضة وطنية داخلية، لحضور هذا الحوار، والاشتراك بنتائجه، وألغي هذا الوعد لاحقا بصورة عملية.
رابعا: في أهم الوقائع التي فرضت علينا توقيف الحوار:
وعلى الرغم من مجمل ملاحظاتنا النقدية، على منظومة مسد ومواقفها وتحالفاتها، ولتقديرنا لأهمية وخطورة الشمال الشرقي من سوريا، دخلنا عملية الحوار وتابعناها بجدية عالية، لكن سريعا ما حصلت عدة وقائع وممارسات سياسية وتنظيمية لافتة جعلتنا نتنبه، لنعيد النظر بموقفنا، ومن أهم تلك الوقائع:
-1- على الرغم من وعينا لعملية الحوار بأنها تفترض ألا تكون اشتراطية( أي بدون شروط مسبقة) إنما هي عملية تفاعلية، تحقق بعض التراكمات الإيجابية، حتى لو حصل الأمر بوتائر زمنية بطيئة، إذ اكتشفنا أن قيادة تحالف مسد تريد الحوار بعيدا عن التفاعلات الإيجابية، إنما لغايات إعلانية، ولتقديم الذات بأنها تحاور وتمثل كامل المجتمع السياسي والاجتماعي السوري، ومن اللقاء الحواري الواسع الأول الذي حضرناه، وكنا ممثلين في لجنة إعداد البيان الختامي، اتضح أن هناك صعوبة هائلة أمام التفاعل الإيجابي، وبإصرارنا على وضع فقرة لجدول عمل اللقاء القادم تتعلق بنقاش قضية الاحتلالات والمعايير والموقف المطلوب، وثُبتت النقطة، لكن سريعا ما أصرت قيادة مسد على التراجع وحذف النقطة كليا من جدول عمل اللقاء التالي، فقمنا بعملية احتجاج على ذلك، كما أصررنا على طرح نقاط أخرى مغايرة في جدول العمل، مع شرح أسبابنا.
-2- وفوجئنا في اللقاء الحواري الواسع التالي، بوجود تركيبة مدعوين من المعارضة، ممن ينتمون عميقا إلى منظومة المعارضة الخارجية، لندرك أن حقيقة منظومة مسد التلفيقية، هي أكثر تقاطعا وقربا من منظومة المعارضة الخارجية، وتريد متابعة هذا الالتباس بخلطة معارضة مستحيلة على الفعل المشترك.
وفي قضية موقف ترامب من القدس والجولان، طالبنا بموقف صريح وواضح، ولم نتمكن أبدا من تحقيقه، بقي موقف مسد مصرا على جوهر العلاقة التحالفية مع أمريكا، وكل ما صدر كان في إطار الالتباس، وغياب الموقف الصريح في قضايا وطنية هامة وخطرة.
-4- ثم عرفنا أن وفدا إعلاميا تلفزيونيا صهيونيا من اسرائيل، قد زار المنطقة، وتنقل فيها بدون أية معوقات، وأجرى تحقيقا واسعا، قابل فيه عدد من قياديي القوات العسكرية، أذيع لاحقا على قنوات التلفزيون الاسرائيلي، وعندما سمعنا، وجهنا أسئلة وكتبنا نستفسر، لم تكن الأجوبة لمرة واحدة دقيقة وجدية، بل هروبية، مع ضعف اهتمام، وما يشبه إدارة الظهر لقضية يبدو أن موقف مسد فيها تصالحي، وأصدرنا بيانا بتمنياتنا ألا يكون الأمر تواطؤا كاملا، وحتى الآن لم يأتنا أي جواب.
-5- ومع أزمة الحصار النفطي، وأزمة النفط ومشتقاته في سوريا، طالبنا مسد بتخصيص الشعب السوري على الأقل بسياسة تضامن خاصة، مثلا إرسال كميات مجانية، أو بأسعار مخفضة جدا، لتمييز نفسها عن النظام الذي تتهمه شتى الاتهامات في القضايا الاقتصادية الكبرى، ومضى طلبنا مع الريح بدون أي عناية، كذلك حصل مع طلبنا المتعلق بسياسات مسد مع محصول الحبوب.
-6- ثم لاحظنا تقصد مسد وأطرافها المختلفة، عدم دعوتنا لبعض الفعاليات الخاصة بهم، ولاحظنا خطابا عدائيا تجاهنا من بعض أطراف مسد" الثورية جدا- ثورية اللفظ" واتهاميا في نفس الوقت، بدت أدوات خفيفة الوزن بيد مسد تحركها بصورة انتهازية، ولاحظنا بوضوح تجاهل الوعد المتعلق باللقاء الثنائي في القامشلي لنقاش مشروعنا المتعلق بتحويل المنطقة لمنطقة جذب وطني.
-7- وكانت آخر القضايا المؤسفة، والتي تجاوزت كل حد في القضية الوطنية، هي قبول مسد الكامل بالدور الأمريكي الوسيط بينها وبين السلطة التركية، ودور ضبط التناقضات واحتمالات الصراع، كله على حساب الوطن السوري وميزاته الجيوسياسية، وكان ذلك يزداد خطورة كل يوم في قضية المنطقة الآمنة، وتلعب مسد لعبة إطالة شروط وجود الأمريكي وتحالفها معه، والدور الأمريكي في المنطقة الآمنة هو دور يهيئ ويعمق ويطيل أمد شروط وصيغة انقسام الأمر الواقع، وكامل العملية هو اتفاق ثلاثي بإدارة وضبط أمريكيين على أن سوريا حلقة ضعيفة قابلة للكسر، وتحقيق الأهداف الخاصة بكل طرف.
أخيرا: بعض المقترحات البرنامجية الكفاحية الخاصة بحلقة الشمال الشرقي من الوطن:
-1- بطبيعة الحال، وبسبب مجمل الملاحظات والوقائع السابقة، واستمرارها، وتطورها بصورة أكثر سوءا، تصبح عملية متابعة الحوار مع إطار مسد صعبة جدا، وأوقفناها لتتابع مسد بدورها توقيف أي تفاعل مع تيارنا.بالمقابل تفعيل الحوار وتطويره وتحويل المنطقة لمنطقة تجميع فصائل معارضة عديدة منضوية في إطار المنظومة الخارجية.
-2- هل يعني هذا أننا أحبطنا، لا بالطبع، لكن دخل الأمر الإطار الإشتراطي، ويتوقف على مسد بأن تظهر منطقا وسلوكا مختلفين.
وجوهر الأمر وطنيا وكفاحيا، هو التخلي الصريح من قبل (مسد)عن التحالف مع أمريكا، أكبر وأخطر عدو للدولة والوطن السوري، واعتباره واشنطن محتلة كما اعتبار السلطة التركية، والعمل على إطلاق جبهة مقاومة جادة في مواجهة الاحتلالين في المنطقة، خاصة بعد عملية المنطقة الآمنة، وما تحقق منها حتى الآن.
-4- العودة غير الملتبسة إلى فكرة خلق مركز للمعارضة الوطنية الداخلية، والتخلي عن سياسة خلطات الشورباء في انقسام وطني عميق على أساس منظومات محددة، لا مكان إلى زمن طويل فيها لتلك التلفيقية، والملتبسة، وغير المستقرة كما هو حال منظومة مسد.
-5- على الأقل هناك ضرورة قصوى للعودة والعمل سوية على فكرة وفد معارضة وطنية داخلية مشترك مع مسد، لزيارة موسكو، والطلب إليها أن تلعب دورا إضافيا طاردا للدور الأمريكي، متنبها للتخوفات الحقيقية من إعاة إنتاج النظام لنفسه، ولمواجهة التهديدات والدور التركي كاملا، ودورا محفزا وحاضنا وراعيا للحوار الوطني الداخلي .
-6- ويكفي كحد أدنى لإعادة بدء حوار تفاعلي إيجابي، مجددا وسريعا، أن تطلق"مسد" موقفا سياسيا وطنيا نقديا وصريحا ضد الطرف الأمريكي المحتل، وكامل صفه، أو إطلاق فكرة جبهة مقاومة جادة وصريحة ضد كل الاحتلالات الموجودة في المنطقة هناك( التركي والأمريكي).
تيار( طريق التغيير السلمي ) المعارض
الجمعة\13 ايلول\2019\

الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.. والطفل المدلل إسرائيل
في عقل العدو (3).. الأمريكيون لا ينتخبون سياستهم الخارجية
في عقل العدو (1 و2).. أنظر لعدوك بعين نفسه
الرئيس حافظ الأسد وحرب تشرين
اغتيال الشهيد السید حسن نصر الله واختراق السیادة اللبنانية من وجهة القانون الدولي
صناعة الإرهاب هي مهنة أمريكية بامتياز
بعدَ فلسطينَ ولبنانَ هل ستتوسّعُ (خرائطُ) نتنياهو العدوانيّةُ على سورية؟
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979