سردة من الذاكرة.. الحماة والكاوبوي وسطل الغسيل وغيرها
2024.09.09
معن حيدر
++كانت مجلة المختار التي تصدر في مصر، تحوي مقالات مترجمة إلى العربية من مجلة ريدرز دايجست الأمريكية، وكان يفصل بين كل مقالة وأخرى طرائف قصيرة، لا أزال أذكر إحداها نظرا لطرافتها ومضمونها:
التقت صديقتان بعد سنوات طويلة من البعاد، وفي سياق الحديث سألت إحداهن الأخرى
-كيف هما بيتر وأنجيلا؟
-ابني بيتر هو الآن مدير شركة كبيرة، ناجح في عمله
ولكنه (يا حسرتي) غير ناجح في حياته الزوجية.. زوجته تركتْ العمل
وتصوّري أنها تجبره أنْ يُحضر لها الإفطار إلى سريرها يوميا قبل ذهابه إلى العمل.
أما ابنتي أنجيلا فحياتها رائعة، زوجها (تسلملي عينو) يحبها كثيرا، وقد طلب منها أن تترك العمل.. تصوّري حتى أنّه يُحضر لها إفطارها للسرير يوميا قبل أن يغادر إلى عمله.
وهكذا منظورنا في كل شيء حتى في السياسة والدين، فما يحلّ لنا هو حرام على غيرنا
وهذا ما يُطلق عليه المحللون السياسيون (ازدواجية المعايير)، وهم أول من يطبقونها في حواراتهم.
++في فترة الستينيات انتشرت في سورية موضة البنطلونات الجينز التي كانت تأتي تهريبا من لبنان، وكانت تسمى آنذاك (الكاوبوي) أسوة بأبطال أفلام الكاوبوي الأمريكية بونانزا ورفاقه.
وكانت خالتي المتزوجة في طرابلس لبنان، تجلب لنا كلما جاءت إلى سوريا بنطلونات الكاوبوي تلك فنفرح بها.
وقد حدثنا زوج خالتي، وهو تاجر ورجل أعمال طرابلسي من آل صبلوح:
هادي البنطلونات بالأصل شغل حلب، ببيعوها للبنان، وهنيك بحطولها الماركة (ليبل) وببيعوها ع أساس أمريكية، وبهربوها لعنكم.
-وعلى سيرة الصناعة السورية، كان والدي مرة في زيارة عند قريبه حسين صوفان أبو لؤي في الأردن، وهو تاجر أقمشة في سوق عمان، وقد ذكر له:
عندي أغلى نوع هو قماش دياب سعر الدراع دينار وربع، أغلى من القماش الإنكليزي الموهير والكشمير.
والدراع: وحدة قياس طولية كانت تستخدم للأقمشة في سورية.
أما دياب فهو واحد من خمسة مؤسسين للشركة الخماسية، وقد انتقل بعد تأميم الشركة لبريطانيا.
وفتح مصنعا للقماش هناك نافس فيه الأقمشة الإنكليزية المشهورة.
-ومن قراءاتي أذكر رواية من أدب الرحلات (أنا وكلبي تشارلي) للكاتب الأمريكي جون شتاينبك، يصف فيها تجواله في الولايات الأمريكية بسيارته، ومن جملة ما يرويه:
كيف ابتدع طريقة لغسل ثيابه بواسطة سطل غسيل محكم الإقفال كان يضع ثيابه المتسخة فيه ويعلقه على حامل المرآة الجانبية لباب السيارة وهو يسافر من مكان لآخر فكان السطل يعمل (كغسالة يديوية).
-وأخيرا أختمها بأبيات شعر اخترتها لكم من كتاب تراثي عن قصيدة وردت في باب التقيّة في الحب فصل لغة العيون، لشاعر محهول:
أشارتْ بعينيها إشارةَ خائفٍ/ حذارِ عيونِ الكاشحينَ فسلَّمتْ
فردَّ عليها الطَّرْفُ منِّي سلامَها/ وأوْما إليها أسكُني فتبسَّمتْ
وأومَتْ إلى طرفي يقولُ لِطَرفها/ بنا فوقَ ما تلقى فأشجتْ وتيَّمتْ
فلوْ سُئِلتْ ألحاظُنا عن قلوبنا/ إذنْ لاشتكتْ ممَّا بها وتبرَّمتْ
وما هكذا إلاَّ عيونُ ذوي الهوَى/ إذا خافتِ الأعداءَ يوماً تكلَّمتْ.