كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من الذاكرة.. الشعنينة في مشتى الحلو ستينات القرن الماضي

عدنان بدر حلو- فينكس:

كل عام مع اقتراب أحد الشعانين أستعيد في ذاكرتي صورة محفورة بالمحبة والسحر لهذا العيد الذي لا أستطيع إلا أن أرى فيه عيدا مشتاويا بامتياز.
كان ذلك في العام 1964 وكنت في زيارة ربيعية للمشتى، بعد أن انتقلت إقامتنا الشتوية الدائمة إلى حلب. دعانا الصديق المرحوم وديع خوري (كان سابقا أستاذنا في المدرسة الابتدائية) إلى فطور صباحي على سطح بيتهم المطل على دار الكنيسة، وكان معنا الصديقان العزيزان المرحومان جرجي الزكزك والياس العطا..
كان الطقس ربيعيا جميلا والطبيعة المطلة علينا من الحرش تلبس أبهى حللها ما بين السنديان الأخضر وزهر الزهور البرتقالي وبعض الأبيض من أشجار اللوز في الحواكير المجاورة للنهر الذي كان خرير مياهه أحلى سمفونية في ذلك الصباح..
أما الأحلى، وهو موضوع الذكرى، فكان زرافات الأولاد والأطفال بحللهم الجديدة البهية التي يغلب عليها اللون الأبيض، وهم يحملون شعانينهم بأغصان زيتونها وورودها الملونة، متجهين من مختلف الطرق والزواريب نحو الكنيسة..
كان هذا المنظر المدهش يوحي كأن المشتى كلها قد تحولت إلى شعنينة موشاة بالخضرة والزهور والرياحين..
كل عام أستعيد هذه الصورة في خاطري وأستمطر (مع دمعتي) الرحمات على الأصدقاء الراحلين وديع وجرجي والياس.