كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"عين الشعرة".. نبع من قلب جبل الشيخ

هنا تاريخ يمكن قراءته صفحة تلو أخرى، من كتاب عمره مئات السنوات، صفحاته لوحات فسيفساء، وسطوره نبض الذين سكنوا هذه البقعة من الأرض، نقشوا فيها قصصاً وحكايا، تحفر عميقاً في صخور قرية "عين الشعرا».
.
تقع قرية "عين الشعرة" في بطن جبل الشيخ من الجهة الشرقية..تطل على سفوح وهضاب ممتدة حتى العاصمة دمشق وهي القرية التي تتلألأ ليلا بأنوارها البهية،
وتتبع عين الشعرة مدينة قطنا - ناحية الحرمون، وتبعد عن العاصمة دمشق 65 كم على ارتفاع 1450 م عن سطح البحر.
.
"عين الشعرة" بلد الشعراء قديماً ، ولها موقع متميز كاشف على العاصمة "دمشق" وغوطتها، وعلى محافظة "ريف دمشق" الغربي حتى التقائها مع حدود محافظة "القنيطرة"، وعلى سهول "حوران" و"جبل العرب"، وهاتان المحافظتان لا يمكن رؤيتهما بالعين المجردة، .ويقال أنه حتى بمقدور الإنسان مشاهدة "جبل قاسيون-والصنمين- والقنيطرة ومطار دمشق الدولي " من شرفات منازل القرية عندما يكون الجو صافيقرية عين الشعرة في الصيف
.
أرضها صخرية وصخورها كلسية بيضاء تتخللها بعض الكتل الصخرية السوداء الصماء في بعض مناطقها.
.
تقسم إلى قسمين : الحارة الفوقة والحارة التحتى وكل سكانها من المسيحيين والموحدين من بني معروف يتعايشون بالمحبة الريفية
وقد استوطنها أهلها منذ أكثر من مئتي عام، قسم منهم ذهب من "حلب" إلى "لبنان"، ومن لبنان قدموا إلى هذه البقعة واستقروا فيها، وقسم آخر من "فلسطين" مروراً بلبنان أيضاً؛ وصولاً إلى "عين الشعرة"، وهؤلاء هم سكان الحارة "الفوقة"، أما الحارة "التحتة" كما يلفظها الأهالي؛ فقد قدموا إليها من مناطق متفرقة أثناء البعثات التبشيرية، منهم من لبنان ومن "دمشق" وغيرهما،
.
يحدها :
• من الجنوب قرية "حينة" التي تبعد عنها نحو خمسة كيلو مترات،
• ومن الشمال قرية "خربة السودا" التي تقع على جانب "وادي بحيران"، وهي في مكان منخفض عن "عين الشعرة" التي ترتفع عنها نحو ثلاثمئة متر، وعن "حينة" نحو مئتين وخمسين متراً،
• كما يحدها من الجنوب الغربي قرية "دربل"،
• ومن الغرب قرية "عرنة"، حيث يرتفع موقع "عين الشعرة" عنها بنحو ثلاثمئة متر،
• ويحدها من الجنوب الشرقي قريتا "كفر حور" و"بيتيما"،
• ومن الشمال الشرقي قريتا "بقعسم" و"قلعة جندل"؛ وهما على نفس المستوى من "عين الشعرة" من حيث الارتفاع عن سطح البحر، وتتبع القرية لناحية "الحرمون" التابعة لمنطقة "قطنا" في ريف دمشق .
.
أسست هذه القرية من عائلات توزعت على الحارتين،
• حارة "الفوقة" ، تتألف من عائلات: "شعفورة، حميد، زرقطة"،وقد هاجرت معظم عائلاتها إلى خارج القرية؛ ومنهم إلى خارج البلد، أما العائلات التي تقيم فيها حالياً فهي "الخمري، أبو حامد، راضي، جبر، مزهر، حمدان، أنديوي، شروف، الجارية، مسعود، سلامة".
أما العائلات التي رحلت عنها وأصلها منها أيضاً فهي عائلات: "عز الدين، يعسوف، قرقماز، رشيد، فخر الدين، أبو محمود، عبود، حاتم، ضيا"؛ وهم من أصل سكان "عين الشعرة" القدماء.
.
• أما الحارة "التحتة" فعائلاتها: "الخوري، عبود، السيقلي، أبو النصر، نصر، عون، مارينا، القسيس، الطويل، شحادة، حنا، السمر، بشارة، غنطوس، عطاالله، المعلولي، الياس، المعلوف، أبو عيسى".متزل أثري في قرية عين الشعرة
.
وكل حارة من هاتين الحارتين سكنت حول نبع ماء سمي باسم الحارة نفسها؛ وفي أغلب الأحيان تذهب الحارتان إلى نبع الحارة "التحتة"، خاصة أثناء صنع البرغل؛ لأن هذا النبع أشد غزارة من نبع الحارة "الفوقة".
.
أما سبب تسمية القرية فيعود إلى :
• الرواية الأولى تقول: إن التسمية تعود نسبة إلى العين الشرقية دائمة الجريان طوال العام، ولكن كمية المياه تخف في أواخر الصيف إلى حجم الشعرة. من حيث قوتها،و كانوا قد أحدثوا لها حوضاً لجمع هذه المياه للاستفادة منها،
• وهناك مقولة أخرى ترد التسمية إلى الطبيعة الجميلة للقرية، ووفرة المياه والأشجار، والطقس الجميل والمعتدل،
كل هذه الأشياء جعلت من القرية مقصدا للشعراء، ومناسبة للتلاقي وقول الشعر والقصائد، فأخذت اسم "عين الشعراء" ومع مرور السنين، تعودت العامية على تخفيف اللفظ من الشعراء إلى الشعرا، وهذه عادة نلمسها عند العرب.وكانت تستقطب الزجالين، أو الشعراء الشعبيين الذين كانوا يتساجلون عندها.
• كما يقال ان اسم القرية الأصلي هو عين الشعراء بتسكين الشين وتشديدها، نسبة إلى "شعراء" حرمون أي غابة حرمون، الذي هو جبل الشيخ. وفي اللغة العربية الشعراء اسم مرادف لاسم الغابة كناية عن كثافة شجرها كالشعر. وبالتالي يعني الاسم "عين شعراء حرمون".
• ورواية اخرى ايضا تقول: إن نجم "الشعرا" الموجود في السماء يمكن مشاهدته من القرية، بالعين المجردة، ومن هنا يمكن أن تكون القرية أخذت اسمها من هذه القصة.
.
يعيش أهل القرية حياة هانئة وراضية؛ ضمن نسيج واحد، فحالة التشاركية هي المسيطرة على تفاصيل الحياة هناك، فقد شكل الأهالي قديماً جمعيةً لنقل الركاب؛ تبرع لها جميع أهل القرية واشتروا حافلة صغيرة باتت تقلهم إلى المدينة، والحالة التشاركية والتفاهم ما بين أبناء القرية ساهم ببناء أول مدرسة ابتدائية أثناء الانتداب الفرنسي لـ"سورية" .
.
تشتهر عين الشعراء بمناخها المعتدل صيفا.
ويعمل السكان بالزراعة، ومعظم أراضي "عين الشعرة" بعلية؛ تزرع بأشجار التين والعنب واللوز والزيتون، والجوز والتوت والتفاح والكرز والمشمش.
كما تشتهر بوجود بعض أنواع الطيور الجميلة كالحجل والسمن وغيرها المقيم منها والعابر.
.
ويوجد فيها الينابيع التالية: "• قبو أبو سلطان، • قبو نجم راضي، • عين الخشف، • عين الباردة، • عين القرنة"، وكلها متواجدة في وادي "عين الشعرة" الشرقي، والمنخفض بشكل واضح،
.
كما يوجد العديد من الينابيع التي تنحدر من قمة الجبل، وهي: • نبعا "عين العريش" الأول والثاني، • "عين أبو طريف"، • "عين الجوزة" الذي تم سحب مياهه للشرب إلى قرية "خربة السودا".
.
ونظراً لوعورة أراضيها وانحدارها الطبيعي؛ قام المواطنون باستصلاح هذه الأراضي وتحويلها إلى مصاطب زراعية لتشجيرها حيث تسهل حراثتها .
.
يربط القرية بالقرى المجاورة طريق معبد يصلها أيضاً بالعاصمة "دمشق"، كما يربطها بطرق متفرعة بالقرى الأبعد، وفيها بئر ارتوازية رديفة لنبعي القرية؛ تعمل على مضخة كهربائية توصل المياه إلى خزان في نقطة مرتفعة في الحارة "الفوقة"، مما يسمح بتوزيع المياه لكل بيت من بيوت القرية، وفيها شبكة للصرف الصحي، وساحة وسط القرية تقام فيها الاحتفالات والأعراس، وقديماً كانت تستقبل المعزيين لكلا الحارتين بشكل مشترك؛ قبل أن يشاد موقف للتعازي في الحارة "الفوقة"، كما يوجد فيها أيضاً جمعية فلاحية ترعى شؤون المزارعين .نبع عين الشعرة في الجولان
.
أما من حيث الثقافة؛ فإن "عين الشعرة" تعد من القرى المتميزة علمياً وثقافياً،
و تعتبر من أقدم القرى التي حازت على العلم ويوجد فيها مدرسة قديمة جدا معروفة من قبل المسنين بالمنطقة حيث كانو يقصدونها من اجل قراءة الرسائل القادمة من أقربائهم المغتربين و يفتخر أهل القرية بارتفاع نسبة من أتموا تعليمهم العالي من أبنائهم خاصة في مجالات الطب و الهندسة و التدريس.
.
فعدد سكانها الرسمي نحو 5000 نسمة، ممن يقطنون فيها حالياً إضافة إلى قاطني "دمشق" وضواحيها، هذا العدد القليل نسبياً يضم قرابة 13 شهادة دكتوراه متعددة الاختصاصات، وفيها الكثير من الأطباء البشريين؛ والصيادلة والأطباء البيطريين والمهندسين والمحامين والمدرسين، لكن قلة موارد العيش ومحدوديتها دعت الكثيرين للهجرة خارج القرية، فتوجه بعضهم إلى الداخل السوري وسافر آخرون إلى أوروبا، وتحديداً إلى الدول التالية: البرازيل، فنزويلا، الولايات المتحدة الأميركية، الأرجنتين، أستراليا، تايلاند، ألمانيا، النمسا، السويد، سويسرا، ودول الخليج، ونظراً لدور هذه الهجرة في تقليص عدد سكان القرية شتاءً بشكل واضح، انحصر عدد تلاميذ المدرسة الابتدائية بـ35 تلميذاً، والبقية يتلقون تعليمهم في المرحلة الثانية
التعليم الأساسي، وفي المرحلة الثانوية في قرية "حينة".
.
إن القرية متأصلة في القدم، إذ فيها ثلاث كنائس وجامع واحد،
• الكنيسة الإنجيلية الوطنية وهي تتبع السينودس الإنجيلي الوطني في سوريا ولبنان،
• وكنيسة القديس جاورجيوس للروم الكاثوليك
• وكنيسة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس
• ومجمع للدروز.
وقد بنيت فيها أول مدرسة ابتدائية في زمن الاحتلال الفرنسي، ويوجد فيها عدد من المغارات بين صخورها مثل مغارة "الرهبان" التي حفرت بواسطة الأيدي والآليات البدائية، وتتسع لأكثر من عشرين شخصاً، وفيها أيضاً مغارات: • الحمام، • جب الحجار"، • "مزار الدكن،• والخندق الصيفي"،
كما يوجد فيها معصرة للدبس حفرت أحواضها في الصخر بالآلات البدائية، وكانت تستخدم في عصر العنب وتحويله إلى دبس .
.
يذكر أن بيوت "عين الشعرة" حفِرت في قلب الصخور، يلفحها الهواء العليل الذي يستمد برودته من برودة ثلج "جبل الشيخ" المرتفع الشاهق، ويظهر منظرها ليلاً للقرى المجاورة كأنها نجوم متلألئة.
.
◘ المعالم السياحية :
--------------------------
تعتبر القرية من أهم المناطق التي تصلح لإنشاء المنتجعات الصحية والبيئية. كما تشهد القرية والمنطقة بشكل عام حركة سياحية كبيرة لما فيها من جمال الطبيعة والجو العليل بالإضافة للمخيمات الكشفية الكنسية وغيرها التي تزورها على مدار العام وكانت القرية ولا تزال مقصدا لمخرجي التلفزيون - وتم فيها تمثيل العديد من المسلسلات والأفلام السورية مثل شفيق ونظيرة، مرايا، بقعة ضوء، حسيبة، زهرة النرجس وشوك ينبت في العيون والشريد وغيرها.
.
من المعالم السياحية الأخرى نذكر مغارة الحمام، الوادي، نبع المخاضة، أراضي تحت العين، راس المطل الذي يطل على قرية خربة السودا و وادي بحيران (نهر الأعوج).
.

يتغنى أبناء القرية بالعين في مناسباتهم و أفراحم و البعض يحيي عادة تلبيسة العريس عند العين و كثيرا ما يغنون على الدبكة: على عين الشعرا لاقيني تا شوفك و تشوفيني بوقف ع مزراب العين و بتحجج عم تسقيني