كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"صبراته" مدينه ليبية فينقية الطابع

صبراتة هي مدينة ليبية كان اسمها عند اليونانيين  "لبروتون بولس كاي ليمن" ميناء ومدينة لبروتون، وعرفت بعد فترة باسم "صبراتة" يوجد فيها مرسى الكابوط التاريخي أمام المدينة الأثرية نزلت به قوات جستنيان البيزنطية لتأديب المتمردين البرابرة، وقد تم تخريبه إثر الفتح الإسلامي لقطع خط الرجعة على فلول الصليبيين.

ويوجد فيها مرسى زواغة غرب المدينة الأثرية، ويستخدم الآن كمرفأ للصيادين. ويوجد مرافأ آخر شرق المدينة الأثرية، يسمى مرسى الوادي، وهو أكبر مراسي صبراته وأقدمها. بالإضافة إلى مرافيء صيد صغيرة.. تقع قبالة مستشفى صبراتة والمعهد القومي لعلاج الأورام.

 تذكر المصادر التاريخية أن الفينقيين  هم مؤسسو هذه المدينة، ثم وقعت تحت سيطرة الرومان، ثم الوندال الذين دمروها كغيرها من المدن التي طالتها أيديهم، ثم احتلها البيزنطيون فأعادوا تعميرها إلى أن جاء الفتح الإسلامي.

ويذكر ابن خلدون في تاريخه (المجلد السادس منه) أن هذه المدينة كانت قبل الإسلام ملكاً لقبيلة نفوسة البربرية، ولكن الظاهر أن البيزنطيين استعادوها منهم  عن طريق المصالحةً.. بيد أنها خربت بعد الفتح الإسلامي، حيث فضل ساكنوها من البيزنطيين (وكانوا يقدرون بزهاء خمس عشرة ألف نسمة بحسب ما تذكر بعض المصادر) الرحيل عنها إلى بلادهم الأصلية.

وقد كان الاسم الذي عرفت به هذه المدينة عند العرب هو (صبره)، وبه ذكرها ابن خلدون في تاريخه، والتيجاني في رحلته، وغيرهما.

وكان يقطن بجانب المدينة بعد الإسلام وربما قبله مجموعة من بربر زواغة، فأخذت المنطقة بكاملها اسم زواغة، وبهذا الاسم تذكرها المصادر التاريخية، كـ كتاب (التذكار فيمن ملك طرابلس وما كان بها من الأخيار) لابن غلبون، وقد كتبه في القرن الثامن عشر الميلادي (الطبعة 1، دار المدار الإسلامي ببيروت، 2004 م، تصحيح وتعليق الطاهر الزاوي)، وكتاب (المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب) لأحمد بك النائب الأنصاري، وقد كتبه في القرن التاسع عشر الميلادي، وصدرت طبعته الأولى في الإستانة عام 1899 م، ثم أعادت طبعه دار دارف المحدودة بلندن عام 1984 م، وبهذا الاسم ذكرها أيضا الرحالة المغربي العياشي في رحلته (مخطوطة)، إضافة إلى التيجاني الذي ذكر أن زواغة كانت قائمة بذاتها بجانب كانت خرابا وأطلالا (زواغة الخاربة) في الوقت الذي مرّ فيه بها (القرن الرابع عشر الميلادي)، وذكر التيجاني أيضا أن زواغة ((هي أكبر قرية في ذلك الموضع وأضخمها وبها نخل كثير ومنها يظهر للمتوسم بعض مباني طرابلس وبينهما نحو خمسين ميلا11 من رحلته.

وقد أخذت هذه المدينة وضواحيها الطابع العربي بعد هجرة قبائل بني سليم الذين يتحدر منهم سكانها الحاليون، اذ استوطنتها قبيلة العلالقة، وهي كما ورد في بعض المصادر بطن من بني علاق بن عوف من بني سليم، كـ كتاب (المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب) لمؤلفه المذكور، وكما ذكر الإيطالي أغسطيني في كتابه (سكان ليبيا) الذي ترجمه إلى العربية خليفة محمد التليسي، وكما جاء في بعض موسوعات القبائل كموسوعة القبائل العربية لمحمد سليمان الطيّب، وموسوعة قبائل العرب لعبد الحكيم الوائلي، إضافة إلى مصادر أخرى.2 Sabratha

واسم صبراته اليوم لا يشمل المدينة الأثرية القديمة فحسب.. بل إنه يشمل المدينة الحديثة أيضا إضافة إلى كل المنطقة الممتدة من زوارة غربا، وصرمان شرقا، والجبل الغربي جنوبا، وتحدها منطقة العجيلات من الجنوب الغربي.. وتشمل هذه الأراضي بعض القرى والمناطق المعروفة.. الخطاطبة(قبيلة الرايس)، دحمان، والوادي، وقاليل (قبيلة الغرابلية)، وسوق العلالقة، وخرسان، والنهضة، والطنيبات، والدبابشية، وزواغة (يبدو أن هذا الاسم اقتصر في الوقت الحالي على هذه الجهة وساكنيها فقط)، وقصر العلالقة، وتليل، ومليتة، والطويلة، وغيرها.

كما وَصف آثار صبراته الكثير من الرّحالة الأوروبيين في القرن التاسع عشر، مثل "بارت" الذي تحدّث عن المسرح والأعمدة والأقواس. وقد رأى أيضاً رصيف الميناء وتمثالين من الرّخام، أحدهما لامرأة ذات جسمٍ متناسقٍ.. كما وصفها الرّحالة "فون مالتزان" و وصف المسرح الدائري والتّماثيل والميناء وبعض الأبنية البيزنطيّة المتأخّرة.. ومع الاحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911 م، قرّرت الحكومة الإيطالية تكليف بعثةٍ من كبار المؤرّخين وعلماء الآثار بالبحث عن الآثار الرّومانية بصبراته وغيرها من المُدن اللّيبية.. وبدأت الحفائر المُكثّفة بصبراته من سنة 1923 إلى 1936، وأدّت إلى اكتشاف وترميم معظم مباني وشوارع ومسرح ومدافن المدينة القائمة حتّى الآن وبها المسرح الكبير التي تقام فيه بعض الحفلات الموسيقية سنويا.

تشتهر مدينة صبراتة بشاطى رملي على البحر الأبيض المتوسط تطل عليه غابات الصنوبر والمنتزهات مثل منتزه صبراتة العائلي، حديقة الحيوانات وكذلك ظهرة بنور ومنها تستطيع رؤية المنطقة بكاملها والمدينة الأثرية.