كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من وحي ما جرى مع الزميل كنان وقّاف..

فينكس- خاص:

 قبل صدور قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، كانت معاناة الصحفي السوري كائنة في توسيع هامش الحريّة بغية تقديم منتوج اعلامي أفضل و أرقى يحترم عقل القارئ، طبعاً إضافة الى متاعب أخرى كائنة في غياب تعاون معظم مؤسسات الدولة (في السلطة التنفيذية) مع الصحفي، و التفنن في وضع العصي أمامه، و بهذا يجد أي صحفي صعوبة بالغة في الحصول على معلومات مفيدة حال كانت خارج دائرة كيل المديح..

و في السنين الأخيرة ظهرت معاناة أخرى (أقرب الى الفضيحة) كائنة في وجوب حصول الصحفي على موافقات مسبقة من الادارة المركزية في دمشق (كالوزارة او الادارة العامة) بغية الكتابة عن أي فرع أو مؤسسة تتبع لها في المحافظات(...) أيضاً، حتى لو كانت مديحاً.. و هذه مفارقة لا أظن أنّ لها شبيهاً في أي دولة أخرى حتّى كوريا الشمالية.. طبعاً، و ذريعة المسؤولين عن هكذا قرارات جاهزة، ألّا و هي الحرب الدائرة على سوريا، علماً أن المعلومات التي يطلبها الصحفي لا تتعلق بأسرار الدولة و لا تهدد أمنها القومي.

و من نافل القول: إن كل تلك العراقيل تقف على النقيض من قانون الاعلام الذي تنصّ بعض بنوده على وجوب التعاون مع الإعلامي و تقديم المعلومات اللازمة له، و عدم عرقلة عمله.. و هنا نتساءل: لو لم يكن لدى بعض مؤسسات الدولة، أو القائمين عليها، ما يخشون منه، فلماذا كل هذه العراقيل، الصادرة إما عن رئيس الوزارة أو هذه الوزارة أو تلك المؤسسة، في وجه الصحفي، تحت ذرائع غير مقنعة؟

و ظهر لاحقاً، قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، و هو قانون –من حيث المبدأ- ضروري و هام في ظل استفحال و انتشار الجرائم الالكترونية التي ترافقت مع وجود وسائل تواصل اجتماعي عدة عبر الشابكة، و رغم أهمية القانون المذكور، نجد فيه ثغرات من شأنها تقييد العمل الإعلامي كي لا نقول إصابته بالشلل.. و هي أيضاً تتناقض مع مواد في قانون الاعلام، كالمادة 101 التي تنصّ "في جميع الأفعال التي تشكل جرائم ويقوم بها الإعلامي في معرض تأدية عمله باستثناء حالة الجرم المشهود لا يجوز تفتيش مكتبه او توقيفه أو استجوابه إلا بعد إبلاغ المجلس (المقصود بالمجلس، المجلس الوطني للإعلام الذي أُلغي و أُلحقت صلاحياته بوزارة الإعلام) أو فرع اتحاد الصحفيين لتكليف من يراه مناسبا للحضور مع الإعلامي ويجري في حالة هذه الجرائم إبلاغ المجلس أو فرع اتحاد الصحفيين بالدعوى العامة المرفوعة بحق الإعلامي وجميع الإجراءات المتخذة بحقه..".

فيما المادة (7) من قانون الإعلام تنص:

أ‌- حرية الإعلامي مصونة ولا يجوز أن يكون الرأي الذي ينشره الإعلامي سببا للمساس بهذه الحرية إلا في حدود القانون.

فتصوروا كم يتمّ انتهاك حرمة هاتين المادتين القانونيتين، و يساء إلى الصحفيين و إلى عملهم جرّاء عدم احترام مضمونهما القانوني من قبل السلطات المعنية، و ما زاد الأمر سوءا، هو الالتباسات التي أتت و رافقت قانون مكافحة الجرائم الالكترونية الذي يبدو أن بعض الفاسدين باتوا يستغلونه حماية لفسادهم. 

من هنا نتساءل: ألم يكن الأحرى بمن وضعوا قانون مكافحة الجرائم الالكترونية أخذ ظرف الصحفي السوري و عمله في حسبانهم؟ و ألم يروا كيف انعكس سلباً وجود هذا القانون على العمل الإعلامي السوري بحيث بات حلم الصحفي السوري هو كيفية التخلّص من بعض مواد ذلك القانون أو تلطيف بعضها و ترويضها بحيث لا تعرقل عمله و تعرضه الى مهانات و مواقف هو بغنى عنها؟ من ثمّ كيف تفسّرون لنا أنّ المنتج الصحفي حال كان منشوراً عبر موقع الكتروني لصحيفة رسمية أو موقع الكتروني خاص مرخّص أصولاً لا يعاقب ناشره عليه، لكنه إذا نشر رابط المنتج الصحفي ذاته عبر الفيسبوك أو التلغرام و الانستغرام.. الخ، سيكون من حق من تضرر من مضمونه (و إن كان فاسداً) التقدّم بشكوى ضد الصحفي إلى أفرع الأمن المعنية. 

بالعودة إلى تداعيات ما جرى مع الزميل كنان وقّاف, يمكننا القول إن موقف صحيفة الوحدة التي يعمل بها الزميل وقّاف، و بكل أسف كان موقفاً مخجلاً، و لا يليق بمن يمتهن الصحافة حرفة، و يُذكّرني بموقف جامعة دمشق قبل عقود، عندما ألقى أحد أساتذتها محاضرة في مكان ما، فنالت استحسان مسؤول أمني رفيع، فأرسل أحد عناصره الى الجامعة ليسأل عن الدكتور، فكانت إجابة المسؤولين في الجامعة: "تمّ اجراء اللازم و عوقب الدكتور"، و المفارقة أن المسؤول الأمني الرفيع كان يسأل عن الأستاذ الجامعي بغية التعرّف عليه و شكره على محاضرته..

و من تلك التداعيات، الاعتذار الذي قدّمه قائد شرطة طرطوس، السيد العميد موسى حاصود الجاسم، و هذه حالة حضارية لم نكن نعرفها من قبل في وطننا.. أعني ثقافة الاعتذار و الاعتراف بالخطأ من قبل مسؤول.. و شخصياً أشكر العميد الجاسم على شجاعته للاعتراف بالخطأ و من ثمّ الاعتذار.

و أخيراً: نشير إلى ما قام به السيد وزير الاعلام السوري مشكورا، إذ صرّح أنه اعتباراً من اليوم لن يتم توقيف أي صحفي قبل أن يتم اطلاع وزارة الإعلام على أسباب التوقيف ومسبباته، فرغم أهمية ما قام به غير أنّه ليس حلاً.. فيما الحلّ الناجع ببساطة هو بإعادة النظر في بعض المواد في كلا القانونين: قانون الاعلام و قانون مكافحة الجرائم الالكترونية (و أن يكون اتحاد الصحفيين شريكاً في إعادة النظر تلك، باعتباره البيت الأوسع للصحفيين السوريين المعنيين بهذه التعديلات)، تلك المواد المعرقلة للعمل الاعلامي و التي في بعضها اهانة للصحفي خاصة قانون مكافحة الجرائم الالكترونية.. و لا نكون قد أفشينا سرّاً إذا ما قلنا إنّ أحد الفاسدين المتضررين من تحقيق الزميل وقّاف، قد استغلّ الثغرات و التأويلات الموجودة في قانون مكافحة الجرائم الالكترونية بالتعاون مع بعض رجال السلطة الذين عادة ما يكون بعضهم في خدمة رأس المال الذي بحوزة الفاسد.

ختاماً: نرجو أن تكون المتاعب التي عاشها الزميل كنان وقّاف طوال أربعة أيام، و هي متاعب قد تحصل مع أي زميل آخر، هي خاتمة المتاعب التي نحن في غنى عنها

سوريا.. كذبة وخرافة الوحدة الوطنية
لأبناء سوريا افهموا جيداً ماذا كنتم تحاربون.. لغز الهجري
كي لا تكون شريكاً...
نداء عاجل من خبير في المياه الجوفية إلى العقول المغيبة!
هل هناك من يدق ناقوس الخطر؟ هل يدمر الهنود دول الخليج كما فعلوا بإيران؟
العنصر الخفي في اغتيالات طهران.. "اليد التي لم تُرَ" خرجت من الظل
سوريا بين اليهودية (كدين ومواطنة) والصراع مع إسرائيل: تفكيكٌ ضروري للنقاش
لقاء في الذاكرة البعيدة مع "قاتل" الصحافي أوستن تايس..
عندما يكون نهوض الأمم جريمة يعاقب عليها الغرب!
عن فرزاد ديركي الذي اعتُقل لكشفه زيف مظاهرات الأسد من مبنى التلفزيون
أضواء على واقعتين وحدثين وأسلوبين.. الحزب الشيوعي السوري والرئيس عبد الناصر.. الشيخ العرعور والرئيس حافظ الأسد
ذاكرة مثقلة بمآسي تدمر والوطن
هل كان حكمُ بيت الأسد حكماً عائلياً؟ لِنرَ..
حول رابطة خريجي الدراسات العليا
توضيح من رامي مخلوف بخصوص توريط شباب الساحل في دعوات للقتال