كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أعمال مسيئة للأديان.. قراءة في الخلفيات والاهداف

محمد ابراهيم- فينكس:

بينما يتعالى عقلاء العالم العربي والإسلامي على الجراح ويحاولون نسيان إساءات للإسلام ورسوله الكريم، تمعن جهات غربية ورعاتها في الاساءة مجدداً للإسلام ورموزه المقدسة.. وعبر التاريخ لم تكن الأديان سبباً للصراع بين البشر، لكنها وُظفت كغطاء لأطماع اقتصادية كأفيون قابل للاستغلال بين فينة وأخرى، كما حدث عند نشر رسوم مسيئة للرسول محمد منذ عدة سنوات، وإلقاء جندي أمريكي بوله على المصحف الشريف في أفغانستان، وصولاً الى حرق نسخ من القرآن الكريم في السويد وهولندا مؤخراً.
تهدف الجهات الراعية لهكذا إساءات الى:
- اثارة مفاهيم وأفكار وسلوك متبادل من الحقد والكراهية بين الغرب والعالم الاسلامي، واضرام نار فتنة تفسّر الحملة على الاسلام كعدو حقيقي، فليست فوبيا الاسلام وهمية.
- تهدف إلى حدوث اضطرابات في ساحات معيّنة يُراد استخدامها للخلط بين السياسة والأمن والإرهاب والاقتصاد، لغزو الأسواق والهيمنة على أسواق الآخر وثقافته، وتبرير وشرعنة أعمال غير شرعية، وليس من أفيون أخطر من الأديان لتحقيق ذلك.
- أعمال مسيئةيتم النفاذ عبرها لتفكيك العلاقات بين الأديان، كونها جاهزة للاستغلال والتلاعب بنتائجها للتأثير على الرأي العام وتكوين اتجاهات دينية ومذهبية تؤدي الى التصادم كخدمة للجهات الراعية لها.
- استغلال وسائل الاعلام لهكذا أعمال كونها ردود أفعال على صور القتل والذبح والتشريد والهجرة، لتترك آثار وردود تدين العرب والمسلمين من جهة، ونسيان ما حدث ويحدث في فلسطين وغيرها من جهة ثانية.
- تبرير هكذا أعمال كحرية رأي وصحافة بينما أعمال الغرب بحق الحجر والشجر والبشر في دول عربية واسلامية مبررة لنشر ديمقراطية وحرية وعدالة.
- انها جزء من أعمال تهدف الى ضرب النسيج الاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين عرب وأجانب، لما لهذا النسبج من اهمية في حوار الحضارات والعيش والمشترك.
- يسعى المحرضون عليها إلى تعزيز التعصّب والجمود الفكري والعقائدي لدى الشباب العربي والمسلم، واصرارهم على أصولية دينية ونسيان العلم وأبحاثه وبراءات اختراعاته وفنون إنتاجه.
- تسريب هكذا اعمال بشكل متدرّج ونشر صور وافلام مظاهرات في العالم الإسلامي لزيادة التوتر والحقد والكراهية، فعندما يشاهد مسلمون صور حرق كتابهم المقدّس يتبعها أعمال انتقامية واغلاق سفارات ومقاطعة منتوجات، في حين عندما يشاهد أبناء الغرب مظاهرات والسير على أعلام غربية تحمل إشارة الصليب، تترك آثاراً عدائية كون الاقدام تنتهك حرمة الصليب رمز الديانة المسيحية.
- انها قضية ذات أبعاد وتجاذبات مشحونة بردود أفعال عصبية وأصولية، تفجّر ازمات مفتوحة بين أتباع الديانات السماوية، فهي دعوة لخلق اصولية اسلامية ومسيحية ليست للإيمان بل لنفي الآخر وابتزازه، ودفع المتعصبين الى ارتكاب حماقات تسبب سجالات فكرية وسلوكية وآراء متطرفة مغذية للحروب واستباحة الارض والعرض والدماء وتشريع أي عمل للقضاء على الآخر.
- انها دعوة المتعصبين للرقص على صفيح ساخن ورمال متحركة، فهؤلاء تتم رعايتهم الى حين موعد التضخية بهم، وهم في الاصيل مطيّة وجسر عبور يتم استخدامهم كشوكة في حلق دول وانظمة معارضة للغرب كلما أحتاج خضات إعلامية أو سياسية او اقتصادية او حتى عسكرية.
فلماذ تطرّف هؤلاء وتشددهم في مواقع هامشية، في حين يتم نسيان المقدسات الإسلامية تحت الاحتلال؟
- انها أعمال تحشر المسلمين في الزاوية، تضرب عدة عصافير بححر واحدة، وفي كل مرّة يُساء الى المقدسات تظهر دعوات للحوار واللقاءات والاجتماعات والتفسيرات، مع الشعور بالهوان والاحتقان وحدوث اضطرابات عند تلازم تلك الاساءات مع صور طائرات وصواريخ الغرب تنهال على بلدان عربية وإسلامية.
فاذا لجأ العرب والمسلمون للتسامح والسلام يُعتبر مذلة وهوان عند كثيرون في ظل ضعف عام وعدم قدرة على مواجهة الغرب، ما يثبّت معادلة خسارة الشرق المستمرة منذ الانسحاب من الأندلس، ودخول الغرب جنة المال والصناعة وجني الاموال واستمرار الحقبة الاستعمارية بشقيها الاقتصادي والعسكري اذا لزم الأمر.
لذلك ينبغي توثيق العلاقات بين الشرق والغرب وبين الإسلام والمسيحية لقطع الطريق على الفتنة ورعاتها الساعين الى فتنة بين الأديان وبقاؤهم أقوياء يفرضون شروطهم وآرائهم وابتزازهم.
ولوسائل الاعلام المعتدلة دور بارز بكشف زيف المتعصبين والاصوليين، وتعبيد طرق التقارب وحماية ثقافة الآخر ومقدساته وزيادة الثقة بين الأديان والشعوب، لمنع أعمال دنيئة ومسيئة للغرب والشرق وكشف الدسائس والأخطار. عندئذ ندخل مرحلة تحرير النفس من أوهام الاعلام المسؤول عن الاساءات وعن تفجير الازمات والحروب.
عندئذ نتخلص من الجهل وأسباب التعصب، وينصب الاهتمام على العلوم والمعرفة والاعتدال التي توّلد تفاهم وحوار للحد من يقدم على اساءة عن سابق تصميم أو غفلة، وللحد من الحقد والغضب والحروب.
ينبغي منع تكرار هكذا اساءات وردود الافعال العصبية عليها، ينبغي التحكّم باللصوص والمنافقين الذين يحرّضون الأديان والشعوب على بعضهم البعض، ولمنعهم من التحكّم بالمكان والزمان، ولعدم عودة الحقبة الاستعمارية أو استعادتها ووراثة ما سبق من أعمال هيمنة ونهب وابتزاز.
فالأجدر استحضار المحبة والتعاون واستنهاض الشعوب بدل التفرقة والتحريض، والابتعاد عن الاساءات للأديان وجعل التسامح سمة لتعزيز التفاهم والتعاون.
وما يجمع بين المسلمين والمسيحيين له اثر بارز في منع وقوع مواجهة بين الشرق والغرب، ولرجال الدين والادباء والاعلاميين المعتدلين دور في ايجاد تفاهمات مشتركة تحرّم الإساءة وتعاقب المسيئين وتردعهم. وإلاّ لماءا ندين المتطرفين ونسعى لعقابهم؟ ولماذا نترك العقلاء فهن يحاسبهم؟!