كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حرب يوم القيامة.. الجزء الثاني

باسل علي الخطيب- فينكس
قلنا في الجزء السابق، أن عملية (الهدهد) الأخيرة أعلنت انتهاء مفاعيل خطة (الصدمة و الترويع)، الصور التي عرضتها المقاومة حملت الرسالة الاستراتيجية التالية (العودة إلى المربع الأول)، ذاك المربع التي تختصره المعادلة التي أرساها الشهيد الأمين (المعاملة بالمثل)، كان من المخرجات الأولى لذلك تثبيت معادلة (حيفا مقابل الضاحية الجنوبية)، ويبدو أن معادلة (تل أبيب مقابل بيروت) يجري إرساءها بالتدريج، لكن الرسالة الأكبر من عملية (الهدهد) الاخيرة، انه تمت إعادت تشكيل غرفة عمليات المقاومة، وعادت منظومة القيادة والسيطرة تعمل بأفضل طريقة ممكنة....
على فكرة يمكن القول أنه ولأن عملية الصدمة والترويع لم تنجح في القضاء على المقاومة، بل يمكن القول انها أدت إلى نتائج عكسية بالمطلق، هذه النتائج تكاد تحمل ابعاداً استراتيجية، أن الطرف الأول في هذه الحرب وهو المقاومة، وصل ما يمكن أن يخسره إلى الذروة، خسرت المقاومة قيادتها، خسرت أعز ما لديها، الأمين العام، ولم يعد لديهم ما يخسروه، أقصد كل خسارة أخرى لن تكون مؤثرة أبداً...
في المقابل لدينا الطرف الصهيوني، إن كان قد تعرض لخسائر في هذه الحرب، وهي ليست بالخسائر القليلة، لكن مازال لديه الكثير ليخسره، وأب خسارة أخرى سيتعرض عليها ستأكل من رصيد (إنجازاته التكتيكية) السابقة، وستأكل من رصيد جيشه وجبهته الداخلية على الاستمرار والصمود...
عملية الهدهد هذه المرة لم تكن ذات هدف (معنوي) فحسب كالعمليات السابقة، إنما ذات هدف علمياتي، مع أن كل الإهداف التي تم عرضها في عمليتي (الهدهد 1،2) قد تم ضربها، ألا أن الأهداف الحالية يحمل بعضها (الطابع المدني)، نعم لا تريد المقاومة حتى الآن الذهاب إلى إرساء معادلة (المدني مقابل المدني)، والسبب بكل بساطة أننا أمام عدو يملك إرادة الإجرام ويمتلك القدرة على الإاجرام، وأمام مقاومة تملك القدرة، ولكن لا تملك الإرادة وانطلاقاً من منظومة أخلاقية عالية السقف تحدد عملها.
ولكن و مع تطور الأمور و إيغال العدو في الإجرام، كان لا بد من إرسال الرسائل المناسبة، وقد وصلت....
نعم، أخفق العدو في تحويل (إنجازاته) التكتيكية إلر رصيد استراتيجي، أو إلى واقع سياسي، لا سيما أن (بنك الأهداف) قد انتهى عملياً، وكل ما يحصل منذ عشرة أيام حتى تاريخه هو (جدول تدمير) يسير وفقه الكيان، لأنه بكل بساطة لم يكن يملك تصوراً أو خطة لما يمكن فعله في حال فشلت خطة (الصدمة والترويع)....
لم يكن أمام الصهاينة للهروب من مأزق هذا الاخفاق سوى الذهاب الى بعد آخر، الانتقال من حرب بدأت تظهر بوادر الهزيمة فيها إلى حرب آخرى قد تحمل معها السلم المناسب للكيان حتى ينزل عن تلك الشجرة العالية التي صعدوا عليها، ويكادوا يسقطون عنها سقوطاً مدوياً......
ليس من قبيل الصدفة أن الكيان وفي ذكرى طوفان الأقصى أطلق على هذه الحرب مسمى (حرب يوم القيامة)، تم نقل الحرب علانية وصراحة من المستوى السياسي إلى المستوى الديني، أن تعرض القناة 14 العبرية صور بعض المرجعيات الدينية التي يتم التخطيط لاغتيالها، وهذه القناة هي قناة المتطرفين، تسمية الصواريخ التي تم بها اغتيال قادة المقاومة بصاروخ (مرحب)، تصريح افيخاي أدرعي أن (خيبر) لن تعود، كل هذا له دلالاته، الكيان يذهب باتجاه الخيار الانتحاري، خيار (الماسادا)، هذا يذكرنا بنظرية صموئيل هينتغتون حول الحرب القادمة في كتابه (صراع الحضارات)....
السياسة التي يطبقها نتنياهو وفريقه هي التطبيق العملي لهذه النظرية...

يتبع..