كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الدوران عكس عقارب الساعة

باسل علي الخطيب- فينكس:

لطالما كانت قناعتي ومنطلقي في كل مأكتب هو التالي:
أنه يمكن لك أن تقول كذبة بسيطة مريحة ما، فيصدقك عشرة أشخاص، ويكونون فرحين بالكذبة وممتنين لك...
وعندما تقول حقيقة مزعجة ما، سيتهمك ويهاجمك ثمانية أشخاص، ولكن سيذهب اثنان ليفكرا....
هذان الاثنان هما من يعمل معهم ولهم هذا القلم، علماً أن التفكير لم يكن يوماً من الأيام حالة جماعية أو فعل جماعي، الناس بطبيعتها تميل إلى الالتحاف بعضها ببعض، تميل إلى الأحاديث الجماعية، تميل وترتاح للقناعات والمسلمات الجمعية، لاشيء كالتفكير غير النمطي أو التفكير خارج الصندوق يعكر صفوها وسلامها المزيف، لذلك قد يكون رد الفعل أحياناً وحشياً وهمجياً، وقد عكس لنا الموروث الشعبي تلك العقلية عبر بعض الأمثال من قبيل "حط راسك بين الروس وقول ياقطاع الروس" أو "إذا دخلت مدينة العميان، ضع يدك على عينك".....
التفكير كان دائماً حالة فردية، كان دائماً انعتاقاً من الجماعة، وكان دائماً مجهوداً ذاتياً، ويتطلب التضحية والتحمل، وأول التضحيات أن يستعد صاحبه لكي يعامل كأنه أجرب، لذلك كنت أقول دائماً إن الناس تحب الصالح ولكنها لاتحب المصلح....
لطالما كان الوهم لذيذاً، ولطالما كانت الحقائق مرة كالعلقم، الحقائق تضع الشخص في مواجهة حقيقية مع كيانه، مع موروثه، مع قناعاته المعلبة، مع تاريخه، ليس من السهل أن يسقط كل ذلك البنيان، هذا سيجعل الشخص عارياً بشكل مخيف، لذلك يلجأ إلى ذاك الوهم يتدثر به لكي يتابع حياته.....
لطالما تساءلت، لماذا الاتجاه الموجب في الدوران هو عكس عقارب الساعة، والاتجاه السالب هو مع عقارب الساعة؟!!...
إن تكون حياتك مع عقارب الساعة، يعني أن تستيقظ على راحتك، أن تنام بعد وجبة الغداء، أن تضبط توقيت يومك وفق ايقاع معين وثابت ومريح، أن ترى الظلم ولاتنكره، أن تعرف الحق ولاتقوله أو تناصره، أن تسير وفق منطق الجماعة، أن تفكر وفق منطق الجماعة....
أن تكون حياتك عكس عقارب الساعة، أن تستيقظ فجراً لأداء صلاة الفجر، أن تذهب لممارسة الرياضة، أن تبدع في عملك ولاتكون تقليدياً، أن تطرح الأسئلة، أن تخرج خارج سياق التفكير النمطي، أن تقول الحق عندما يصمت أو يهرب الكل، أن لاترضى الظلم، أن لاتكون أمعة....
هل عرفتم لماذا الاتجاه الموجب للدوران هو عكس عقارب الساعة؟...