كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"يا ليل يا عين"

معن حيدر- فينكس

ترِدُ كلمتا الليل و العين في الشعر والغناء كلّ على حدة.
ولكنْ تكاد لا تخلو أغنية طربيّة من تلك الكلمتين معا بصيغة (يا ليل يا عين) يغنّيها المطرب في مطلعها أو بين مقاطعها.
وكان المطربون قديما يطيلون بها في مطلع الأغنية بشكل مملّ، وقد جسّد ذلك الفنّان الكوميدي سيّد ملّاح، في إحدى الحفلات على المسرح، بتقليده للمطرب محمّد عبد المطّلب.
++وعند بحثي في الإنترنت عن أصل هذه الصيغة وسبب ارتباط الليل بالعين، وجدتُ ضالتي في موقع esyria وأقتبس منه بتصرّف:
((يقول الباحث الموسيقي الراحل صميم الشريف: مهما قيل في منشأ "يا ليل يا عين" فإنّها أصبحت نوعاً من فن الغناء الوجداني الذي يستثير الأشجان والأحزان.
وإنْ كان بعض الباحثين يذكرون أنّ الناس كانوا يتوسّلون للإله "إيل" فينادونه "يا ايل"، التي أصبحت لاحقا "يا ليل".
أما الكاتب حنّا عبود فيذكر أنّ النسوة السومريّات كنّ يتضرعنّ لربّة الليل "ليليت" بأغنية يطلبون فيها أنْ تكون عيناً على الأطفال، ومع الزمن تطوّرت الأغنية لتصبح "يا ليل يا عين".
ويقول الموسيقار الراحل محمود عجّان: من شكا السُّهاد فليس من العجيب أنْ يناجي الليل وأنْ يأسى على عينه ويأسف لحرمانها من النوم.
وهناك مصدر يذكر أنّ "يا ليل يا عين" هي كلمة فرعونية واحدة معناها: "أيها الطريق الطويل" أو "استيقظي يا عيني")). انتهى الاقتباس
++وفي الشعر جاء ذكر الليل كثيرا على لسان الشعراء، الذين كان منهم من يراه طويلاً لا صباح بعده، ومنهم من يراه قصيراً كلمح البصر، كما قال أحدهم:
فلمْ أَرَ مثل ليل ذوي التصابي .. وكلٌّ يشتكيه بكلّ حال
فيشكو طوله أهل التجافي ..... ويشكو قصره أهل الوصال
+ويضع "الفرزدق يده على العلّة في طول الليل:
يقولون طال الليل، والليل لم يطل/ ولكنّ من يهوى من الوجد يسهر
+أما بدر شاكر السيّاب، فيصف لنا الليل من منظور آخر:
الليل ... والسوق القديم
خفتتْ به الأصوات...
إلّا غمغمات العابرين، وخطى الغريب
وما تبثّ الريح من نغم حزين
في ذلك الليل البهيم
الليل... والسوق القديم... وغمغمات العابرين
والنور تعصره المصابيح الحزانى في شحوب
++في العيون نجد الكثير من الشعراء ممن تغنوّا بها وبأوصافها ونظراتها وسحرها، وتفنّنوا في وصفها
ومن تلك الأوصاف: الكحلاء والنجلاء والحوراء والشهلاء ...
+ولكنّ من أغرب الأوصاف هو المرض والسّقم، ويعنون به (الفُتور)، وهو انكسار النظر وذبولُه خِلقة.
يقول الشاعر الأَبيوَرْدي:
مريضة ُ أَرْجاءِ الجُفونِ، وَإنّما... أَصَحُّ عُيونِ الغانياتِ عَليلُها
أما دوقلة المنبجي فيصف عيون حبيبته في قصيدته اليتيمة قائلاً:
وكأنّها وَسْنى إذا نظرتْ ... أو مدنفٌ لمّا يفِق بعد
بِفُتور عينٍ ما بها رمدٌ ... وبها تُداوى الأعين الرّمد
+وكثيرا ما كان الشعراء يُكنّون عن العين: بالطرف واللّحْظ وبالمقلة، حيث يقول المتنبي:
مُطاعَةُ اللّحظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ ... لمُقلَتيها عظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
ويقول عمر بن أبي ربيعة:
أشارتْ بطرف العين خشية أهلها ... إشارة محزون ولم تتكلّم
+وفي النظر نجد: رمقه، ولمحه، ونظر إليه شزرا، وحدّق فيه، وحملق، وحدّج عند الخوف، وتصفّح إذا نظر في كتاب
و رنا إليه: أي أدام النظر مع سكون الطرف، وفي ذلك يقول ابن سناء الملك:
رنا إِليَّ فقال العاذلون رَنَا ..... وما أَقولُ رَنا لكن أَقول رَمى
رمَى فأَصمى ولو لم يَرْمِ متُّ هوىً أَما ترونَ نُحولي في هَواهُ أَمَا
+وقالوا إنّ العين تكشف المكنونات، حيث يقول زهير بن أبي سُلمى:
فإن تكُ في صديق أو عدوّ ... تُخبِّرْك العيون عن القلوبِ
ويقول أحدهم: ... والعينُ تُظهر ما في القلب أو تَصِفُ
+والعامّة شبّهوا نبع الماء بالعين فسُمّي (عين الميّ) لأنّه كما يبدو (يذرف الماء) كما العين
وفي ذلك يقول نصري شمس الدين في موّال:
عين الميّ محبوبي وَرَدْها .. بإيدو لملم الغرّة وَرَدّْها
+ونبقى عند استخدامات العامّة للعين، حيث يستخدمونها للاستهجان والتعجّب والمديح:
يا عيني... شوووو هااااد؟ أو: أنت عيني، أو: عيني ربّك هنت، أو: على عيني وراسي، أو: من عيوني بتاخدهم (عند طلب حاجة)، من عيني هيّ قبل هيّ
-وعند أهل الشام يستخدمونها (للدعاء على): الواه الواه العين تطرأك، أو: العين تصيبك.
أبعد الله عنكم العين الطرّاءة