كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

كيف تقرؤون وتبدعون تحت القصف وتهديد المسيرات؟

زيد قطريب

نحاول نبش المثقفين من مقهى الهافانا بدمشق، أثناء الحرب، فيفاجئنا الفنان جورج عشّي "1940"، قريبًا من المدخل، ويقول: "لم أعد آتي إلى هنا، فنجان القهوة أصبح بـ20000 ليرة". ينظر إلى السماء، ويضيف: "كيف ترى الوضع؟". نتتبع نظره ونؤكد: "إنه على ما يرام".

جورج، من المؤسسين الأوائل لنادي التصوير الضوئي، وللفرقة السيمفونية الوطنية العام 1960، كما أنه رسام وكاتب لأكثر من 1000 أغنية لأشهر المطربين، وحائز على الكثير من الجوائز.

نسأل جورج، إن كان إصبعه لايزال على زناد الكاميرا وريشة الألوان. فيقول: "لقد وثقت كل شيء في هذه البلاد، حتى أوكار النمل وتضاريس الأرصفة ووجوه الناس".

مرّ على رأس جورج الكثير من الحروب، لكنه لم يتوقف عن مهنته في مقارعة المستحيل بالفن. يضيف لـ"إرم نيوز": "الفن أحد أشكال الانتماء للأرض، لا توقفه حروب ولا حصارات".

حال المثقفين السوريين في الحرب، يثير الدهشة، فالعروض المسرحية مستمرة، وأمسيات الشعر والندوات ونشاطات المنظمات الرسمية والأهلية، لم تتوقف. يقول الباحث التاريخي الدكتور ابراهيم خلايلي لـ"إرم نيوز":"لا أحد يخاف من الحرب، بل من نتائجها. فالمخططات معروفة لإعادة رسم خريطة المنطقة، وحرب الإبادة هي أحد الأساليب لذلك".

يضحك خلايلي، ويؤكد أن الحرب مع العدو ثقافية قبل كل شيء. ويضيف: "الكلمة تقاتل، والأبحاث والدراسات لا يمكن أن تتوقف في الحرب. يجب أن نفهم تاريخنا جيدًًا، حتى نتعامل مع الحاضر والمستقبل بشكل صحيح".

سننحت الصخر!

ينهمك الفنان العالمي أكثم عبد الحميد، في نحت الصخور القاسية الضخمة، فتطويع الحجر، يعتبر نصرًا بالنسبة إليه. ويقول لـ"إرم نيوز":

"الانتاج الثقافي والفني جزء من معركة الحياة، ولا يجب أن يتوقف تحت أي ظرف؛ لأنه شخصية الأمة وضمانها الأخير. أما الحروب فتبدأ وتنتهي، المهم ألا ينكسر الإنسان".

ويعتبر عبد الحميد "1955"، من أشهر النحاتين السوريين، حاز الكثير من الجوائز العالمية، وهو صاحب فكرة "الحدائق النحتية السورية في إسبانيا، التي ضمت 40 عملًا نحتيًا وانتهى تنفيذها العام 2010". يقول أكثم:

"الحرب ليست نهاية التاريخ. ونحن الفنانين نفرغ طاقاتنا وأفكارنا في أعمالنا الفنية. لا نحب اليأس والتقهقر، نحن أبناء الحياة والجمال، ويجب أن ننتصر لتلك القيم دائمًا".

سقط علينا سقف المقهى وتابعنا الكتابة!

ومن طرائف الحرب السورية، ما حصل مع الشاعر صقر عليشي، عندما انهار عليه سقف مقهى "الشرق الأوسط"، بسبب إحدى القذائف. لكن ذلك لم يمنعه من المتابعة بعد إزالة الركام. يقول صخر لـ"إرم نيوز":

"اعتدنا على الحرب. وكنت أكتب في المقاهي، ولم أتوقف حتى عندما انهار علينا سقف مقهى الشرق الأوسط، ولا عندما تكسر الزجاج وتطاير في مقهى الكمال".

يؤكد صقر أن الحرب يمكن أن تؤثر على لون الكتابة ومضمونها، لكنها لا تحذفها، بل ربما تشكل حافزًا لها.

ويؤكد صقر أنه كتب أجمل أشعاره خلال الحرب، ولم يتوقف يومًا عن إقامة الأمسيات الشعرية واللقاءات مع الكتاب المهتمين. ويضيف:

"اليوم، وبينما ترتفع وتيرة الخطر والقصف، لم أتوقف عن الكتابة؛ لأن الشعر نافذتي الوحيدة. كما أنني أدأب على حضور المسرحيات وعروض السينما".
 اليأس يصبح تحررًا في الفن!

المسرحي محمد الشعراني، لم يتوقف حتى اليوم، عن دوراته التي يقيمها مجانًا للمسرحيين الشباب، وقد قدم مؤخرًا عملًا مونودراميًا بعنوان "الحفار والغربة"، من إخراجه وتمثيله، اقتصادًا في التكاليف.

يقول الشعراني لـ"إرم نيوز": "لاشك أن الوضع صعب على المشتغلين في الثقافة والفنون، خاصة أثناء الحروب واشتعال القصف والمعارك، لكن رغم سلبيات اليأس، فهو دليل تحرر من الأمل الزائف".

ويضيف الشعراني: "القراءة والفن، ترميم لإنسانيتنا أمام استسهال القتل. نحن نحب الحياة ومرتبطون بهذه الأرض، أما الحروب، فلتفعل ما تشاء".

القراءة.. بالمجان

وتنتشر في سوريا، ظاهرة القراءة بسعر رمزي أو بالمجان. وهي خدمة تقدمها المكتبات الخاصة، التي توفر للراغبين، جميع عناوين الكتب التي يريدون مطالعتها، بسبب ارتفاع أسعار الكتب وانخفاض مستوى دخل الفرد.

كما لم تتوقف معارض الكتب، التي تقيمها مؤسسات وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب، حيث تباع بأسعار رمزية.

وكان خيار الكتاب الإلكتروني، جيدًا بالنسبة للشباب محدودي الدخل. حيث تقود عملية تحويل الكتب المطبوعة إلى إلكترونية، عدة مواقع وصفحات مهتمة بالثقافة.

يقول الشاعر الشاب أحمد سبيناتي: "انتماء الإنسان للثقافة والأدب، يجعله يراهن على هذا الاتجاه ولا يمتنع عنه، حتى لو كانت المعارك والقصف يجري قرب بيته".

وشكل ارتفاع أسعار الكتب، بالنسبة للكتاب الشباب، عائقًا أمام القراءة ومتابعة  الإصدارات الجديدة. لكن وجود متطوعين يحولون الكتب المطبوعة إلى "بي دي اف"، جعل الحصول على الكتب أسهل. ويضيف أحمد:

"الحصول على الكتاب الإلكتروني ليس صعبًا، لكن المشكلة في التفرغ للقراءة خاصة أثناء الحرب وانشغال الإنسان بتلقف الأخبار ومتابعة التطورات".

العامل الاقتصادي يعتبر عائقًا أمام القراءة، أثناء الأحداث الخطيرة والحروب. فالإصدارات الجديدة تأخذ وقتًا حتى يتم تحويلها إلى إلكترونية. أما شراؤها مطبوعة، فيعتبر صعبًا على المثقفين الشباب، بسبب الأزمات الاقتصادية المرافقة للحروب.

ورغم أن الحرب، جعلت شراء الكتب عملية صعبة بسبب الغلاء، إلا أن الإبداع لم يتأثر بالأحداث، فالمشتغلون بجميع أنواع الفنون، يؤكدون أن الانتاج الإبداعي، عزاء وفسحة أمل، يدفعهم للاستمرار. إنه القتال بالفن!

إرم نيوز

الشيعة والمذهب الجعفري
الخوف (قصة قصيرة)
بحضور 16 ألف مشاهد.. اختتام عالمي لمسابقة أقرأ في إثراء ومغربية تحصد لقب قارئ العام للعالم العربي
كيف تقرؤون وتبدعون تحت القصف وتهديد المسيرات؟
وقفة مع بعض خصال وثمار العلامة الدكتور المحامي أحمد محمود عمران الزاوي في الذكرى السابعة لرحيله
ثلاثمئة عنوان متنوع في جناح اتحاد الكتاب العرب في المعرض الثالث للكتاب السوري
في الذكرى السابعة لغياب العلّامة الدكتور أحمد عمران الزاوي.. نفحات من طيب فكره
مثقفونا وفئران السفينة
10 مشاركين من 7 دول عربية منها سوريا يتنافسون على لقب قارئ العالم العربي
تحليق في ديوان فلسطين في أناشيد محمد نصيف
لغةٌ تسكنه وينبض بها قلبه.. المترجم نوفل نيوف: اللغة الروسية وثقافتها جزءٌ أساسيّ من تكويني..
عن خرائد العصر
"زهرة تحت القدم".. نصف قرن من القصص الروسية الخالدة
النِّزاريّةُ الشِّعريّة.. فلسفةُ الانتماء والنَّقدُ الـمُختلِف
طَعنُ الكتّاب على الشبهة.. هل أصبح الالتزام تهمةً في الأدب؟