كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن خرائد العصر

أحمد يوسف داود

طلبَ صَداقَتي أمسِ (شاعرٌ نِحريرْ!) وصاحبُ موقعٍ لمَجلةٍ إلكترونيةٍ (إبداعيّةٍ!) من تلك التي تُعنى بنشرِ (خَرائدِ العَصرِ!) لِصِبيَة الهَراءِ، وتَهتمُّ بمَنحِهمُ (الألقابَ الطنّانةَ!)، وشهاداتِ (العَبقريّةِ!) المَكتوبةِ إلكترونيّاً على مايُشبهُ الورقَ المُزخرَف الذي كانَ يكتُبُ عليهِ المُلوكُ والأباطرةُ: رسائلَهم وقراراتِهم في ما سلَفَ منَ الأزمنةْ!.
لم تكنْ صُورةُ طالبِ الصَّداقةِ تنقَصُها المَهابةُ المُصطَنَعةُ، ولا نَظرةُ التأمُّلِ المُفتعلِ، التي يجب أن تُوحِيَ (بالمَقدِراتِ الإبداعيةِ الخارِقةْ!).. فَخالجَني شَيءٌ منَ الاستِبْشارِ بما قد تُخبِّئُهُ منشوراتُهُ من (كُنوزْ!)... لكنّني، حينَ قَرأتُ مَنشوراً لهُ، أيقَنتُ أنّني أمامَ شخصٍ لا يَصلحُ حتى أن يكونَ مُنادياً على الأَسعارِ في (سوقِ الهالْ).. فرفضتُ الطّلبْ!
أيُّها السادةُ المُعتدونَ ـ ذكوراً وإناثاً ـ على الإبداعِ الأدبيِّ عُموماً، والشِّعريِّ خصوصاً: أنتم تتَعاملونَ مع (اللُّغةِ) التي يزيدُ عُمرُها على خَمسةِ آلافِ عامٍ، بما لها من دينامِيّاتِ استِعمالٍ، ومنْ مَحمولاتٍ حَضاريةٍ خاصّةٍ تجعلُها: (حاملَةَ الهُويّةِ) لشعوبٍ تُشكِّلُ (أمةً) كبيرةً، سواءٌ قَبِلْنا ذلك أمْ رَفَضناهْ!.
وَهدفُ (العَولَمةِ) التي نَستَخدِمُ إِحدى وَسائلِها هنا، هو: (تَحطيمُ الهُويّاتِ)، وتحطيمُ السّياداتِ الوَطنيّةِ والقوميّةِ في العالمْ، وإلحاقُ الشُّعوبِ والأُممِ بِمَركزٍ قِياديٍّ واحدٍ هو: (المَركزُ الأَميركيُّ/ الغَربيُّ المُتصَهينْ)... أي إنّ اعتِداءَكم على لُغتِنا العَربيّةِ: هو مُساهَمةٌ مُباشَرةٌ وفِعليّةٌ في (المَشروعِ العَولميِّ)، دونَ دِرايةٍ مِنكم!.. فهلّا تعمّقتُم في دَرسِ لُغتِكم، بما لَها وماعلَيْها، وَهلّا تفهّمتُم ماهي التحدِّياتُ التي تطرَحُها لَفظةُ (العَولَمةِ) على شُعوبِكم، وهلّا تفَهّمتُم ـ بالتالي ـ كيف تكونُ استِجاباتُكم لتلك التحدّياتِ مُساهَمةً مِنكم في العَملِ الصّحيحِ لضَمانِ بَقائِنا الناجعْ؟!.
بِبَساطةٍ واختِصارْ: إنَّ قيمةَ الكِتابةِ ـ شِعراً ونَثراً ـ تَرتبِطُ بطرائقِنا في الاستِجابةِ لهذِهِ القضيّةِ الكُبرى، شِئْنا ذلك أم أبَيناهْ!.
----------------

مُعادٌ، منذ عام 2018