كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الياس مرقص (بمناسبة ذكرى وفاته الثانية والثلاثين)

 صفوان زين:

ربما لم أكن قد تجاوزتُ العاشرةَ من العمر عندما سمعتُ بإسم الياس مرقص يتردد في بيتنا على ألسنة أخوتي الأكبر مني سنّاً، سمعتهم يتحدثون باستغراب ممتزج بالإعجاب عن إدمان الياس على المطالعة الى درجة أنه لا يغلق الكتاب ويخلد الى النوم قبل سماعه لأذان الفجر منطلقاً بصوت المؤذّن جميل منلا من مئذنة جامع الشواف المطلة على بناية كريازي حيث كان يقيم الياس مع أهله.
هذه الصورة، صورة الماركسي الذي يخلد الى النوم على وقع أذان الفجر، استهوتني فيما بعد، وظلت تستهويني لسنوات طويلة كنتُ خلالها أتابع أخبار الياس بكل تفاصيلها دون أن يتاح لي ان أتعرف إليه.
في السبعينات تعرفتُ الى الياس بالصدفة البحتة عندما التقينا بمناسبة معايدة بالعام الجديد عند أقرباء له وأصدقاء لي من آل مرقص، رويت له ما سمعته من أخوتي في طفولتي، اكّد لي صحة ما سمعته، وأضاف بأن أذان جميل منلا العذب كان يذكّره بوجوب الإخلاد الى النوم من جهة وكان يساعده على النوم من جهة أخرى، كي ينتقل بعد ذلك الى الاستفسار عن اخي نعمان زميله أيام الدراسة في مدرسة الفرير واصفاً نعمان بأنه كان 'فطحل' في الرياضيات، بلعتُ ريقي عند الحديث عن الرياضيات وطرحتُ عليه السؤال الذي شغل دوماً تفكيري عن الرابط بين الذكاء الرياضي والذكاء العام، أجابني بأن ليس من رابط والدليل أن أينشتاين نفسه كان فاشلاً في الرياضيات، تنفستُ الصعداء لدى سماعي ذلك دون أن أقع في الوهم بأني أينشتاين آخر!
لم يكن من شأن جلسة المعايدة السريعة تلك أن تشفي غليلي لمعرفة الياس 'معرفيّاً'، كان عليّ أن أنتظر عودته الى اللاذقية بعد غيابه عنها لسنوات عدّة كي أدعوه إلى أكثر من سهرة ثقافية في بيتي بحضور مجموعة من الأصدقاء المتعددي الاتجاهات والانتماءات الذين حملوا لاحقاً اسم الأربعائيين. كانت سهرات ممتعة حقاً حلّق فيها الياس وحلّق بنا معه في فضاءاتٍ ثقافية رحبة ومتنوعة.
لم ينقضِ وقتٌ طويل قبل أن أسمع بمرض الياس وتدهور صحته. طلبتُ إلى صديق مشترك قريب جداً منه أن نزوره، كان غورباتشوف قد استولى حديثاً على مقاليد الأمور في الاتحاد السوفييتي وبدأ يقود عملية تحول كبيرة تحت عنوان 'البيريسترويكا'، كانت فرصة لأن أستطلع رأي الياس فيما يحصل "ألا ترى يا استاذ الياس أن غورباتشوف وبالمعايير الماركسية أخذ يجر الاتحاد السوفييتي بعيداً عن الماركسية؟ نظر إليّ شزراً وسألني بلهجة لا تخلو من استهزاء "لماذا تتحدث مثل خالد الجندي؟ ماذا تعرف عن المعايير الماركسية؟ إن ما يفعله غورباتشوف هو من صميم الماركسية". وراح من ثم يقدم لي ولضيفه الآخر تحليلاً مطوّلاً عن مغزى التحولات الجارية في الاتحاد السوفييتي، لم يقطع عليه الاسترسال في تحليله سوى رنين الهاتف لإبلاغه بآخر تحليل للدم أجراه صبيحة ذلك اليوم وكانت نتائجه للأسف سيئة كما أخبرَنا، تلك كانت المرة الأخيرة التي التقي فيها الياس مرقص قبل أن يبارح الحياة بعدها بفترة وجيزة ولم يكن قد تجاوز الثانية والستين من عمره.
في أعقاب وفاته التي صدمت العديدين وكنتُ واحداً منهم نقل لي احد مريديه وكانوا أيضاً عديدين إعجابَ الياس بتلك الجلسات الغنية في بيتي وخاصةً بنوعية الأسئلة التي كانت تُطرَح خلالها بحسب وصفه، لم تمضِ اشهر معدودة على وفاة الياس إلّا وكان غورباتشوف وبيريسترويكاه قد أصبحا في عالم النسيان، أما الياس مرقص فسوف يظل عصيّاً على النسيان.
 
 
 
من نظريّةِ التحريرِ.. إلى نظريّةِ الانهيار!.. "حزبُ اللّه" وتكتيكُ الاستنزافِ المباشر!..
على الضفاف الأخلاقية والمهنية للدكتور خلف الجراد
على خلفية شماتة بعض المتصهينين في المقاومة.. تحرير الأنفس أصعب من تحرير الأوطان
منير عبد الله كما عرفه نصر شمالي
على خلفية خطاب المرشد الإيراني: حلم الصهاينة يتجاوز حدود فلسـطين ويشمل كامل المنطقة وشعوبها من طنجة إلى جاكارتا
هذا الحلّ مع من لايملك نخوة وشرفاً
قصة حقيقة وتجربة علمية بتصرف
كنت دوما ما أتهرّب من سؤال: ماذا لو غيّب الموت سماحته؟
إلى الذين حسدوني لعلاقتي وقربي من السيد نصر الله
أعمدة من ورق.. عن نصر شمالي
نصر شمالي متذكراً غازي عقل
ماهي أهدافُ العدوانِ على لبنان؟!.. ومن كانَ وراءَ اختراقِ "حزب اللّه"؟!..
أين يحصل مثل هذا ومع من؟!
تحالف سخّمني والبغل.. ومشعل والقرضاوي وأردوغان!
محور المقاومة يُخِيْفُ ولا يخاف