كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الجبلاوي درة الجهاد عز الدين القسام 1882-1935

جمانة طه- فينكس

عندما احتل الأسطول الفرنسي في العام 1918 اللاذقية والساحل السوري، كان عز الدين أول من رفع راية المقاومة في تلك المنطقة، وأول من حمل السلاح في وجه فرنسا. دعا إلى الجهاد، فلبى دعوته جمع غفير من أهل جبلة. وأخذ يدربهم على استعمال السلاح وفنون القتال في موقع البحيص جنوب جبلة، إذ كان على خبرة باستعمال السلاح من خلال محاربته مع الجيش العثماني الإنكليز والطليان. كان لعصبته الجهادية أثر شديد الوقع على الفرنسيين، فحاولوا إغراءه واستمالته للكف عن مقاومتهم. وبسبب رفضه حكموا عليه الموت في منشور أصدره الديوان العرفي. ونتيجة تكاثر العدو عليه وعلى رفاقه وانقطاع المدد عنهم، فكر بالذهاب إلى فلسطين على نية الجهاد. فغادر مع رفاقه جبال صهيون (الحفة)، في رحلة شاقة للوصول إلى فلسطين. ومن صيدا وبقارب صيد وصلوا عكا في نهاية العام 1920 وأقاموا فيها شهوراً قليلة، قبل أن ينتقل في العام 1921 للسكن في حيفا. عمل القسام مدرساً في أكثر من مدرسة في حيفا، وجمع في تدريسه بين المنهج الدراسي والتوجيه التربوي. وفي أثناء تدريسه ركّز على المهن وأهميتها، وحث الطلاب على اختيارهم منها ما يتناسب مع قدراتهم وتطلعاتهم المستقبلية. استخدم المسرح المدرسي وسيلة لغرس روح الجهاد، في نفوس الناشئة. واتبع في التدريس أسلوب الحوار مع الطلاب، فكان يحمل العصا ولا يضرب بها.
لم يملّ القسام من التذكير بنوايا الصهيونية في احتلال فلسطين، فكان يقول: "إن اليهود ينتظرون الفرصة لإفناء شعب فلسطين، والسيطرة على البلاد وتأسيس دولتهم". في الوقت الذي كان هناك كثير من الناس يعتقدون بأن المشروع الصهيوني، حلم لا يمكن أن يتحقق. وبسبب تخوفه من الآتي، دعا الجهات الاقتصادية في البلد إلى شراء الأسلحة من أجل الجهاد وتحرير الوطن. وأنكر على المجلس الإسلامي الأعلى تزيينه المساجد، وبنائه الفنادق. وأشار بوجوب تحويل الجواهر والزينة في المساجد، إلى أسلحة. وقال: إذا خسرتم أرضكم، فإن الزينة على الجدران لن تنفعكم. ونادى في تلك المرحلة بتأجيل فريضة الحج، وتحويل نفقاته إلى شراء الأسلحة. "فالحج لمن استطاع إليه سبيلًا بعد تأمين نفقة الأهل عند غيابه. وكيف يكون مستطيعاً الحج، مَنْ إذا سافر لا يأمن العودة إلى بيته المهدد من الأعداء؟ فَالْأَوْلى به أن يحمي بيته، بسلاح يشتريه بنفقة الحج".