كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عمر حمد ورفيق سلوم في ذكرى استشهادهما

محمد عزوز:

الشاعر الشهيد عمر حمد في ذكرى استشهاده
ولد عمر حمد في بيروت عام 1892عاش في لبنان وسورية، جده مصري الأصل، توفي والده وهو لم يتم الثامنة من العمر.
حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ شاتيلا في الطفولة، ثم ألحق بالكلية الإسلامية في بيروت بعد أن اكتشف القائمون عليها ذكاءَه ونبوغه، فحصل على الشهادة الثانوية عام 1912، والتي تأهل بعدها لمواصلة دراسته للغة العربية وتاريخ الإسلام في الكلية نفسها.
عمل في مجال التجارة مدة أربعة أعوام، وبعد حصوله على شهادة الثانوية شارك في تحرير الصحف المحلية، وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عين ضابطاً احتياطياً ونقل إلى دمشق، فمكث فيها ثلاثة أشهر.
وعندما بدأ جمال السفاح في القبض على الأحرار من الشباب العرب فرَّ مع رفاقه إلى البادية وظل مختبئاً فيها قرابة ثمانية أشهر.
قبض الأتراك عليه مع رفاقه ومنهم عبد الغني العريسي والأمير عارف الشهابي في بلدة مدائن صالح واقتادوهم إلى سجن عاليه، وهناك أمضى نحو أربعة أشهر، وفي فجر اليوم السادس من مايو عام 1916 جيء به مع رفاقه إلى بيروت، وأعدموا مع شهداء القافلة الثانية ولما يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره.
الإنتاج الشعري:
له ديوان عنوانه «ديوان الشهيد عمر حمد» - مطبعة وزنكوغراف طبارة - بيروت 1969، وأورد له كتاب «الشاعر الشهيد عمر حمد» العديد من القصائد والمقطوعات الشعرية، ونشرت له مجلة «المنارة» - العدد (57) - بعض أشعاره.
شاعر قومي، يدور شعره حول الفخر بالماضي العربي التليد، داعياً إلى استعادته وابتعاث قيمه التي علّمت العالم وأسست لحضارته، كما دعا إلى الثورة على الظلم ومواجهة المعتدين، وله شعر يمجد فيه خُطا الأحرار من أبناء هذه الأمة.
وله شعر في الرثاء، وكتب في المدح والإشادة. يبدو تأثره البالغ بتراثه الشعري القديم خاصة المتنبي الذي تسري أنفاسه الشعرية عبر أنساقه وتراكيبه، وما اهتم به من مضامين، وكتب في الحكمة والاعتبار، وله شعر في رثاء العهود فيما يشبه رثاء المدن والممالك في الشعر الأندلسي.
تميز بنفس شعري طويل، واتسمت لغته بالطواعية مع قوة في العبارة، وجهارة في الصوت، وفسحة في الخيال، مع ميلها - في كثير من الأحيان - إلى البث المباشر. التزم عمود الشعر إطاراً في بناء قصائده.
من كتاب (راحلون في الذاكرة) الألف الثانية – برسم الطبع
******
الشاعر الشهيد رفيق رزق سلوم في ذكرى استشهاده
ولد في مدينة حمص سنة 1891 وتعلم في مدارسها، وبينما كانت أسرته تتوسم فيه أن يصبح رجل دين خلع ثوب الرهبنة مبكراً واتجهالشاعر الشهيد رفيق سلوم إلى بيروت للتعلم في الكلية السورية البروتيستانتية “الجامعة الأميركية في بيروت” وكتب وهو لا يزال طالبا فيها أولى رواياته “أمراض العصر الحديث”.
وبعد أن أنهى دراسته في بيروت سافر إلى اسطنبول لدراسة الحقوق وهناك راسل كبرى الصحف والمجلات العربية مثل “المقتطف والمقتبس والمفيد ومجلة لسان العرب” التي كان يصدرها النادي الأدبي في اسطنبول وعمل محرراً في جريدة الحضارة التي يصدرها الشيخ عبد الحميد الزهراوي.
في هذه الفترة من حياته وضع كتاباً جامعاً في الاقتصاد بعنوان “حياة البلاد في علم الاقتصاد” ولما أنهى دراسة الحقوق كان قد أجاد اللغات الروسية واليونانية والتركية.
كان لسلوم ولع وهواية بالموسيقا فأتقن العزف على آلات القانون والعود والكمان والبيانو كما كان من أشد المساهمين في إنشاء النادي الأدبي الذي كان يهدف إلى ائتلاف العرب وصيانة حقوقهم واستقلال بلادهم.
في عام 1914 ساقت سلطات الاحتلال العثماني سلوم إلى الخدمة مع قواتها المشاركة في الحرب العالمية الأولى، وهنالك تسنى له الاتصال والتنسيق مع الفئات المعارضة لهذا الاحتلال، وكان بمثابة ضابط الاتصال بينها وبين ما تجسده من آمال الشعوب الرابضة تحت نير الاحتلال.
وفي عام 1915 اعتقل سلوم بعد أن وشي به وبنشاطاته للاحتلال العثماني ونقل إلى الديوان الحربي في عاليه حيث حكم عليه بالإعدام شنقاً ووقتها بعث برسالة مؤثرة إلى والدته وصف فيها ما ذاقه من تعذيب خلال مدة توقيفه واستجوابه وذكر أسماء الأشخاص الذين وشوا به وسامحهم.
وفي صبيحة يوم السادس من أيار 1916 نفذ حكم الإعدام بسلوم وهو لا يزال شاباً في الخامسة والعشرين من العمر، وكان معه عدد من الأحرار مثل شفيق مؤيد العظم ورشدي الشمعة وشكري العسلي وأستاذه عبد الحميد الزهراوي، حيث وصفت مذكرات ضابط في جيش الاحتلال العثماني اسمه فؤاد أردن موقف سلوم أمام الموت وكيف سار له بخطوات ثابتة سريعة وحيا جثمان الشهيد الزهراوي واصفاً إياه بأبي الحرية وارتجل قصيدته التي يدعو فيها السوريين والعرب للثأر لشهداء 6 أيار وللتحرر من نير الاحتلال.
وفي الوصية التي تركها سلوم دليل بالغ على مشاعره وحس انتمائه للوطن وللأمة حيث أوصى أن تكتب على قبره أبيات من قصيدة الشاعر المقنع الكندي الشهيرة “إن الذي بيني وبين بني أبي” لتعبر عن إيمانه بسوريته وبعروبته ودفاعه عن أبناء جلدته حتى الذين خانوه وسلموه للموت.
من كتاب (راحلون في الذاكرة) برسم الطبع