كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قصة حياة سيدنا الخوري ابراهيم (صافيتا)

الدكتور جمال جبور

محبوب الجميع يحترم ذكراه المسيحيون والمسلمون معا
قصة حياة سيدنا الخوري ابراهيم
صافيتا
________________________________________
ولد الخوري ابراهيم عام 1798 وفي عامه 12 توفي والده الكاهن سمعان، فذاق مرارة اليتم وفي عام 1835وكان من العمر 37 سيم كاهنا على كنيسة صافيتا الأرثوذكسية فكان ذلك الكاهن الورع التقي الذي كرس حياته لله وبدأ يعمل بإخلاص، فتجلى نور الله فيه كان يعمل لارشاد الناس طلب ملكوت الله وبره، وكان خادما للكنيسة باخلاص وكان لباسه بسيطا ليقهر النفس المتكبرة، لم يترك الرب ساعة في حياته فلم يتركه الرب، فغلب باسمه الشيطان وباسمه شفى مرضى كثيرين وأتى بعجائب كثيرة، وعندما كان يصلي كان يسمع منه صوت صلاة ترافقها زمزمة كزمزمة النحل عندما يحوم على الزهر، واذا سئل عن ذلك أجاب سائله عندما أصلي تصلي الملائكة معي، كان كمثل الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف، محبا للجميع يساعد كل من يقصده، في العام 1892 وعن عمر يناهز 94 سلم الروح بيد خالقه بعد ان كرس حياته للرب وفي الرب مات، كان يشغل حياته كلها في الصلاة لله العلي القدير، وعند رقاده رأى الذين كانوا على البيادر القريبة من بيته نورا صاعدا الى السماء كأنه يحمل روحه الطاهرة، وقي اليوم التالي وعند اتمام مراسم الدفن حضر الكهنة وألبسوه حلته الكهنوتية وأجلسوه على كرسي ولما حان وقت الصلاة عن نفسه في الكنيسة التي يخدمها وضعوا الكرسي على محمل ووقف وراءه وفوق رأسه رجل بيده قمقم يرش به على ماء الزهر، وبعد اتمام مراسم الدفن والصلاة على جثمانه الطاهر حملوه على الرؤوس ولما خرجوا من باب الكنيسة انبسطت سحابة حجبت وجه الشمس وصارت تقطر نقطا من الماء كالتي كانت تخرج من فم القمم حتى انتهوا في سيرهم الى المقبرة، ووضعوا الجثمان بجانب المدفن، ونظر الناس اليه فإذا بهم يرون العرق يبلل جبينه ووجنته، فأخذوا يمسحون مناديلهم به للبركة، وأخيرا دفن بإجلال وتكريم، وعند منتصف الليل نزل نور من السماء على الضريح واستقر فوقه ساطعا ثم عاد واختفى تاركا أثرا ظاهرا على القبر، وفي الصباح توافد الناس للزيارة فكانت تفوح رائحة ذكية في أنوفهم.
كانت أعماله بقوة ايمانه، ففي يوم من الأيام زار المطران زخريا، وهو مطران عكار وتوابعها في ذلك الوقت، صافيتا متفقدا ابناء رعيته وما كاد يستقر حتى وشى اليه البعض من رجال الحسد والنفاق قائلا للمطران ان الخوري ابراهيم يتعاطى الشعوذة والسحر بين الناس، فدعاه المطران وأوصاه بأن لا يعود الى استعمال الرقوات وحذره من مغبة ذلك، وفي اليوم الثاني ركب المطران فرسه قاصدا قرية بدادا وبالقرب من القرية لسعت أفعى فرسه برجلها وفي الحال ورمت رجل الفرس وسال الدم منها ولم تعد الفرس تقوى على النهوض، فاقترح أحد مرافقي المطران ان يصلي لها الخوري ابراهيم، فاستدعى المطران عندئذ الخوري ابراهيم وصلى على ماء وسقى الفرس، فقامت الفرس وكأن لم يصبها شيء، فباركه المطران، وقال له ثابر على ما أعطاك الله، وهكذا عاد لما كان عليه هبة من الله لشفاء المرضى والملسوعين، وكان يصلي لهم من أجل الشفاء وكان الله يستجيب لصلاته ويهبهم الشفاء.
وبعد ان مضى أكثر من 33 سنة أرادوا أن يدفنوا حفيده المرحوم الخوري عيسى في قبر الخوري ابراهيم، وعندما بدأ العمال يحفرون القبر لمحوا من ثقب نورا يضيء داخل القبر، فحدقوا وإذا بهم يرون بدلته الكهنوتية لم يتغير منها شيء حتى كأنها لم تكن تحت التراب، فمد واحد منهم يده وأخذ قطعة صغيرة منها، فسمع شخصا يقول أعد ما أخذته الى محله، وبعد هذا الحادث أقيمت قبة فوق القبر وهي الآن مزار يقصده الناس من جميع الجهات وعلى اختلاف دينهم ومذاهبهم يحرقون البخور ويشعلون الشموع عنده.
ويحكى ان بعض النسوة في عين الحداد القريبة من المقبرة أتاهن رجل يطلب منهن ان يرشدهن الى قبر الخوري ابراهيم، فقالت احداهن وماذا تريد منه؟ قال أنا اشعر بألم في بطني وإذا لمست قبره، فإنني أشفى بالحال، فقالت انظر الى هذه الصخرة هذا هو القبر فأسرع الرجل الى الصخرة وانطرح عليها وقال: "دخلك يا خوري ابراهيم اشفني من مرضي"، وبعد ذلك نهض الرجل وبقدرة الله وقوة ايمانه سالما من مرضه ولم يعد يشعر بشيء، فلما رأت النسوة ما حصل قالت له احداهن طالما وانك شفيت فهناك القبر بجانب تلك الكنيسة التي تراها، فاذهب وزره فمضى وزار وعاد شاكرا الله وعادت النسوة يخبرن الناس بما جرى ويمجدن الله.
وكما يحكى بأن الخوري ابراهيم كان يملك عصا من سنديان يحملها ليستند عليها وأصبحت هذه العصا بعد وفاته تضعها أية امراة على بطنها عند الولادة فتلد بسهولة ويسر.
ويحكى ايضا بأن رجل كان يشكو من وجود حبوب كثيرة في جسمه، فنصحه أحد اصدقائه أن يزور قبر الخوري ابراهيم ويتبرك منه، فأتى الى القبر مؤمنا ودخل وصلى ودهن جسمه بتراب فشفاه الله في الحال.
كما يروى بأن امراة من قرى التابعة لصافيتا كانت تشكو من وجود حيات وعقارب في البيت وبجواره، فأتت زائرة الى قبة الخوري ابراهيم وأخذت ماء من الصنبور الموجود فيها وترابا من أرضها وذهبت الى بيتها وأذابت التراب في الماء الذي اخذته ورشت به البيت، وفي صباح اليوم التالي سمعت صوتاً، فأسرعت لترى مصدر الصوت واذا بها ترى حية كبيرة على الأرض غير قادرة على الحراك ولم تعد ترى بعده شيئا في بيتها.
عاش الخوري ابراهيم عمره الطويل مرشدا الى طريق الخير والنور، ولم يعمل غير الأعمال الصالحة، فكان الله يسمع لصلاته ويستجيب له وكرمه حيا وميتا، حتى الى الآن كثير من بيوت واهالي صافيتا من مسيحيين واخواننا العلويين تحتفظ بماء صلى عليه الخوري ابراهيم في حياته ويسقون منه مرضاهم فينالون الشفاء، وبقدرة الله ويرشون بيوتهم من ترابه فتذهب الحشرات والأفاعي عنهم.