كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

آل القباني

آل القباني عائلة دمشقية عريقة، كان هاجسها التأسيس والابتكار. وقد اختصر صباح قباني ذلك في كلمات قالها له أحد الأصدقاء ذات مرة: «إن هاجس التأسيس يتملككم جميعاً جيلا بعد جيل؛ جدك (أبو خليل القباني) أسس المسرح الغنائي العربي، ووالدك (توفيق قباني) أسس أول معمل للملبّس والشوكولاته في دمشق، ونزار أسس مدرسة شعرية حديثة كانت نسيجاً وحدها بلغتها وتراكيبها وموضوعاتها، وجئت أنت في نهاية المطاف لتؤسس التلفزيون السوري بعد مرور مئة عام تماماً على تأسيس أبي خليل مسرحه»..

وكان توفيق قباني والد صباح قد أسس ورأس في ثلاثينيات القرن العشرين أول نقابة تعنى بشؤون المهنة التي كان رائداً من روادها، تحت اسم «نقابة عمال السكاكر»، ورغم أنه كان في تلك الفترة صاحب أهم وأكبر معمل بينها، إلا أنه ظل يعتبر نفسه واحداً من العمال. وقد استطاع بفضل شعبيته الواسعة في الأوساط التجارية والاجتماعية أن يوظف تلك الشعبية في خدمة النشاط الوطني الذي كان يمارسه ويموله خلال الانتداب الفرنسي، وحين رحل توفيق قباني عام 1954 صدرت جميع الصحف السورية في العهد الديمقراطي السوري، وقد خصصت افتتاحياتها الطويلة للإشادة بجهاده وتضحياته في سبيل استقلال وطنه. ويعلق صباح على ذلك بالقول: «كان ذلك تكريماً لم ينله أي مواطن آخر لا يشغل منصباً رسمياً»..
لكن خلف تلك العبارة المقتضبة، ثمة صورة تستحق التوقف. صورة سوريا التي كانت تعتز بتاريخ أبنائها بعيداً عن المناصب الرسمية وعن الانتماء للحزب الحاكم والسلطة والجاه. صورة سوريا التي تنطوي صحافتها على هامش واسع من الحيوية والحرية وتقديم الصورة الحقيقية للناس والحياة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد منصور
ثماني سنوات على رحيله… صباح قباني: سيرة البناء والنهوض في زمن البراءة الوطنية
القدس العربي. 4 يناير 2023