كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الطبيب المؤسس.. المؤلف والمترجم د. مرشد خاطر

طبيب جرّاح سوري، وأحد مؤسسي كلية الطب في الجامعة السورية.
ولد مرشد خاطر لأُسرة صغيرة ومتواضعة في قضاء الشوف بجبل لبنان عام 1888، ودَرس في مدرسة الحِكمة المارونية ببيروت ثم في كلية الطب الفرنسية عام 1906م، ليتخرج حاملاً شهادة دكتوراه في الطب عام 1910.
بعد نشوب الحرب العالمية الأولى التحق بالخدمة الإلزامية في الجيش العثماني عام 1915، وفي موقع عسكري جنوب معان وقع أسيراً في يد قوات الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني، ولكن سرعان ما أُطلق سراحه مع سائر الأطباء العرب، بأمر من الشريف حسين، ليُصبح طبيباً في الجيش الهاشمي في الحجاز. كما عُهد إليه برئاسة القسم الجراحي في مستشفى أبي الأسل وهو المستشفى العسكري المركزي للجيش العربي ورقي من رتبة رئيس إلى رتبة مُقدم.
دخل مرشد خاطر مدينة دمشق مع طلائع القوات العربية يوم 1 تشرين الأول 1918 وقرر الإقامة فيها بعد مبايعة حاكمها الجديد الشريف فيصل بن الحسين أميراً على البلاد المحررة من الحكم التركي. عُين رئيساً لقسم الجراحة في المستشفى الحميدي بحي البرامكة وعضواً في اللجنة المُصغرة التي شُكلت لتعريب مناهج الطب، برئاسة عميد معهد الطب الدكتور رضا سعيد. شارك مرشد خاطر بإعادة إفتتاح المعهد بعد إغلاق دام أشهر نتيجة الحرب العالمية، وسُمّي فيه أستاذاً للأمراض والسريريات الجراحية، وفي عام 1919 انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق، وعَمل إلى جانب رئيسه المؤسس محمّد كرد علي على تعريب جميع مؤسسات الدولة السورية. ظلّ يعمل في التدريس وتأليف الكتب طوال حياته، وكان من فريق الآباء المؤسسين للجامعة السورية في صيف العام 1923. بعدها بعام، أسس المجلة الطبية الصادرة عن الجامعة السورية وعمل رئيساً لتحريرها.
بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية، عُيّن الدكتور خاطر رئيساً لقسم الجراحة في مستشفى الشهيد يوسف العظمة في منطقة المزة، وفي 9 حزيران 1952، سُمّي وزيراً للصحة في حكومة الزعيم فوزي سلو، التي شُكلت يومها تحت إشراف حاكم سورية العسكري العقيد أديب الشيشكلي. خلال فترة عَمله في الحكومة، أسس مركزاً لمكافحة السل في دمشق وأخر لمكافحة البرداء في حمص، إضافة لمدرسة التمريض في حلب ومركزاً للأمومة والطفولة في دمشق. في أيار 1953، ترأس وفد سورية إلى الدورة السادسة لمنظمة الصحة العالمية في جينيف، وانتُخب رئيساً للمؤتمر. ولكنه أصيب بنوبة قلبية أثناء تواجده في سويسرا أجبرته على العودة إلى دمشق، فناب عنه ممثل وفد بريطانيا الطبيب مالفيل ماكنزي.
استقال مرشد خاطر من الوزارة بسبب وضعه الصحي في تموز 1953، ولكنه حافظ على مقعده التدريسي في الجامعة السورية حتى عام 1957. تفرغ بعدها للتأليف والترجمة والنشر، ووضع خمسة عشر كتاباً طبياً، أبرزها "الأمراض الجراحية" ومعجم المصطلحات الطبية، المُترجم عن اللغة الفرنسية والصادر عن مطبعة الجامعة السورية عام 1956.
توفي مرشد خاطر عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عاماً يوم 11 كانون الثاني عام 1961. حَمل في حياته عدة أوسمة، منها وسام الشرف الإيراني (1922) ووسام الإستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى، الذي منحه إياه الرئيس إميل إدة عام 1937. وفي عام 1948، قلده الرئيس شكري القوتلي وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، وفي عام 1953، قُلِد وسام القديس غريغوريوس الكبير من قبل البابا بيوس الثاني عشر. تخليداً لذكراه، أُطلق اسمه على شارع كبير وسط مدينة دمشق، ممتد من ساحة التحرير إلى ساحة السبع بحرات، وعلى إحدى غرف العمليات في مستشفى الجامعة السورية وعلى مدرج في مستشفى المواساة.
أهم مؤلفاته:
– «الأمراض الجراحية» في ستة أجزاء.
– «موجز الأمراض الجراحية» في جزأين بالاشتراك مع منير شورى.
– «السريريات والمداواة الطبية» في جزأين بالاشتراك مع ترابو (طبيب فرنسي) وشوكة موفق الشطي.
– «فن التمريض» الذي أُعيدت طباعته مراتٍ عدة.
– «إصلاح النسل».
كما ترجم عن الفرنسية: «جراحة أنبوب الهضم»، «الدروس العملية في الأمراض النسائية»، «أمراض جهاز البول». ونشر باللغة الفرنسية الكثير من الأبحاث في المجلات الطبية، منها «مجلة المجمع الجراحي الفرنسي».
كما قام بمشاركة بعض أساتذة المعهد الطبي العربي بدراسة «داء الجلبان» الذي تفشَّى بعد الحرب العالمية الأولى، والذي لم يكن معروفاً بشكلٍ كافٍ قبل ذلك، وصارت تلك الدراسة مرجعاً لسنواتٍ طويلة.
وفي مجال ترجمة المعاجم، فقد نقل مرشد خاطر بمشاركة أحمد حمدي الخياط ومحمد صلاح الدين الكواكبي إلى اللغة العربية «معجم المصطلحات الطبية الكثير اللغات» لمؤلِّفه الفرنسي «أ. ل. كليرفيل»، الذي احتوى نحو خمسة عشر ألفاً من المصطلحات الطبية. كما نقَّح «معجم العلوم الطبية، فرنسي – إنكليزي – عربي» بالاشتراك مع أحمد حمدي الخياط، وقد نقَّحه بعد وفاتهما محمد هيثم الخياط، ويضمُّ 15228 من المصطلحات العلمية والطبية.
إعداد: محمد عزوز

من كتابي (راحلون في الذاكرة) برسم الطبع