كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن المربي و المجاهد أحمد وتار

خالد محمد جزماتي- فينكس:

المربي الفاضل الأستاذ أحمد وتار.. مواليد مدينة حماه عام 1898 - توفي عام 1973..
هذا الرجل الكبير هو عربي مسلم من المجاهدين الحمويين الغرّ الميامين، اشترك بشكل فعّال في ثورة حماة سنة 1925، وبعد إخمادها من قبل المحتل الفرنسي جرى اعتقاله مع مئات من الحمويين في الثكنة المشهورة غربي حماة، وتم تعذيبه بشكل وحشي وهمجي مع شاعر حماة العظيم بدرالدين الحامد والشيخ طاهر النعسان وغيرهم كثيرون.
لما انتسبت إلى مدرسة دار العلم والتربية الابتدائية، ومقرها قصر العظم بحي الطوافرة في حماة، كان مديرها. وأمضيت خمس سنوات عرفته فيها جيداً وعرفني بشكل ممتاز أيضاً، وقد أكلت منه عقوبات لا تنسى أبداً..
في عام 1972 وفي أوائل الشهر السابع منه ترفعت إلى رتبة نقيب، وفرحت بالنجمة الجديدة، وغادرت طرطوس قاصداً أهلي في حماة مرتدياً الزي العسكري وحاملاً على كتفي النجمة الجديدة..
غادرت دارنا الكائنة قرب الموقع العسكري، وكان يومئذ مقراً للشرطة العسكرية، ويخدم فيها ابن حارتنا القبضاي "أبو عبود محمود دبيس" رحمه الله، الذي اعترضني في الطريق لتهنئتي بترفيعي الجديد، إلّا ثوان معدودات، حتى علا الصراخ بشكل لافت للأنظار ولجميع المارة، وكان مصدر الصراخ من الرصيف الاّخر، حيث يتوضع محل المرحوم "هاني القصاباشي"، يصرخ بأعلى صوته و بمرح كامل: "اي يا خيو.. شايف حالك، وكان الذي يصرخ المرحوم عثمان القصاباشي.. الخ، فأسرعت إليه لأتقي تطويل مدة صراخه ومزاحه.. فإذا بأستاذي ومديري أحمد الوتار أبو سليم يقف في مدخل دكان الهاني قصاباشي مرحباً بي ومهنئا لي"، فدخلت معه الدكان وقبلت يديه عدة مرات غصباً عنه.
والله لقد بكي بدموع غالية سالت على خديه، ودعاني للجلوس إلى جانبه، وأخذنا الحديث إلى الماضي الجميل، وحدّث الحاضرين عني وعن أخي المرحوم رياض، وكم من المرات عاقبنا، وكم هي عديد الوقائع التي كافأنا فيها بالجوائز..
وبعد غلي الشاي، و تناول كأس منه، ذكرني بالدخان وكم من المرات ضربني في أزقة الطوافرة بسبب ضبطه لي وأنا أدخّن مع المرحوم مصطفى طيفور رحمه الله.. وقال لي ألّا تزال تُدخّن؟ أجبته: نعم. قال لقد كبرت وأصبحت ضابطاً فهيا دخّن أمامي..! رفضت رفضاً قاطعاً التدخين أمامه.

فأذرف الدمع مرة ثانية.. لا أريد الاسترسال، ولكني أقول بعد أكثر من أربعين عاماً على هذه الواقعة أنظر حولي، فأشعر أني من الغرباء..