كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

شكري الطبّاع

خالد محمد جزماتي- فينكس:

مقدمة: سبق أن نشرتُ نشرت مقالاً عنوانه "دمشق والجنرال غورو بعد ميسلون" شرحت فيه بعض طرق الحرب الدعائية النفسية للتأثير على العسكرين المقاومين وحاضنتهم الشعبية بمن فيهم القيادات السياسية الوطنية المدنية.
ولقد شاع بعد معركة ميسلون أخبار كاذبة ساهمت فيها الاستخبارات الفرنسية، ودار بها بعض الناس من أوساط مختلفة، وخاصة أن الضعفاء في المواقف المفصلية من تاريخ الأمم يقعون فريسة الشائعات الهادفة، بل من الممكن أن يروجوا لها، وقد يروجون لمئات الشائعات الكاذبة! ومن هذه الشائعات التي سأتناول الرد عليها هي أن: القائد يوسف العظمة قتله رئيس عصابة اسمه "أبـو شــكــري الــطــبــاع"، وعند قراءة عشرات المراجع عن تفاصيل معركة ميسلون وكيف استشهد يوسف العظمة، لا نجد للمدعو "أبو شكري الطباع" وجوداً، بل هو شخصية وهمية اخترعها العدو وتبناها محلياً البعض ودار بها في الأوساط الشعبية، لينال من سمعة بعض العائلات الدمشقية الكريمة ومنها اّل الطباع الكرام..
وهناك في تاريخ دمشق رجل مجاهد اسمه: شـــكــري الـطــباع.. و قد عرّفنا على هذه الشخصية المؤرخ "أدهم اّل الجندي" في كتابه "تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي" الصفحة 171 و 172 فكتب الاّتي (انتهت المقدمة):
شــــكـــري الــطـــباع
هو ابن أنيس بن محمود الطباع، والأسرة عراقية الأصل كانت تقيم في بغداد، وقد نزح منها أحد أجدادها المسمى "بكري الطباع" واستوطن في القنوات بدمشق منذ أكثر من قرنين.
--وُلد المترجم بدمشق سنة 1865 ونشأ في كنف والده، وعني بتثقيفه، فتلقى العلوم العربية في المدارس العلمية.. كان يتعاطى تجارة بيع الدخان والأسلحة، ولما شبت الثورة العربية الكبرى كان من أنصار الهاشميين ويعمل لصالح القومية بشكل مستتر تفادياً من بطش الأتراك..
جهاده: وفي معركة ميسلون الخالدة كان من الدعاة للجهاد وحث الأهلين على الاشتراك بهذه المعركة، التي تتوقف عليها حياة البلاد. وقد أرسل ولده الأكبر أنيس وابن شقيقه صبري الطباع الى المعركة واشتركا فيها، بالإضافة إلى الكثير من أبناء عائلته.
و أثر دخول الفرنسيين دمشق حُكم عليه بالاعدام غيابياً، وبقي نازحاً في فلسطين ومصر أكثر من سنتين، وصادر الفرنسيون جميع أملاكه وأملاكه وبيته وقد سكنوه مدة طويلة ونكلوا أشد التنكيل بأفراد أسرته تشفياً وانتقاماً لعلمهم بما قام به من دعايات كان لها أبلغ الأثر في نفوس قومه. 
عودته: ثم صدر العفو عنه، فعاد إلى دمشق سنة 1923، و أخذ يراقب الأحداث السياسية عن كثب، ويجتمع بالوطنيين من زعماء البلاد ويعمل معهم لصالح الوطن.
في الثورة السورية: ولما اندلعت نيران الثورة السورية عام 1925 كان الفرنسيون يراقبون حركاته وسكناته، ولما تأكد لهم صلاته وتأييده لحركة الثورة اعتقل في سجن القلعة مدة ثلاثة أشهر في عهد قائد الجيش الفرنسي الجنرال "اندريا"، ثم أُطلق سراحه بعد أن يأس الفرنسيون من تحويله عن أهدافه السياسية المضادة لرغباتهم.
وقد بقي المترجم في دمشق، وكان يقوم بجمع التبرعات والأسلحة والعتاد للمجاهدين بكل حيطة وحذر.
وفاته: لقد طوى الردى صفحة مجيدة من تاريخ النضال الوطني، فوافاه الأجل في 25 ايلول سنة 1932وألحد الثرى في مقبرة باب الصغير، وأنجب أربعة ذكور وهم السادة: أنيس -- عبد الرحمن -- وهو المدير العام للأوقاف -- وتيسير وخالد. انتهى النقل من كتاب أدهم اّل الجندي...
أما بالنسبة لما قيل عن جر عربة الجنرال غورو في شوارع دمشق، فلم أجد لها خبراً في كتاب المؤرخ أدهم اّل الجندي، ولقد كتب الجندي عن المعركة وما يتعلق بها من الصفحة 159 إلى الصفحة 167.. والكتاب بحوزتي..
أما بالنسبة للمرحوم خالد العظم، فقد أورد في مذكراته في الصفحة 70 أن عربة عربة الجنرال غورو تم جرها، وذكر ذكر في استعراض التزلف من قبل البعض إلى الحاكمين الجدد مثل تزلف البعض الى جمال باشا السفاح أثناء قوته، وهو لم يذكر أية تفاصيل عن هوية الأشخاص أو تاريخ ذلك العمل المشين، مع العلم أن المصادر الفرنسية وصورها تثبت أن الجنرال غورو وصل دمشق يوم 7 اّب 1920 عن طريق القطار ونزل في محطة الحجاز، حيث تم استقباله من قبل القائمين السوريين والفرنسيين وعلى رأسهم الجنرال "غوابييه"، واستعرض حرس الشرف على ظهر جواد قدّم له، ثم وزع الأوسمة على ضباطه الفرنسيين وغادر الى قصر المهاجرين على ظهر جواده يرافقه موكب من الفرنسيين وبعض السوريين وعلى رأسهم نوري الشعلان وكوكبة من فرسانه...
أخيراً: إن العربات التي تجرها الخيول، استبدلت بالسيارات بالنسبة للقادة العسكريين أثناء الحرب العالمية الأولى، فالجنرال غورو ومرؤوسيه من القادة الفرنسيين لهم مخصصاتهم من السيارات العادية ومن العربات المصفحة، ومن المفيد قوله أن القائد يوسف العظمة كانت له سيارة، وأيضا قائد الفرقة الأولى العميد تحسين الفقير الذي حاربت فرقته في ميسلون كان له سيارة من ضمن ملاك الفرقة...
وفي الختام، أذكّر الجميع أن البرتوكول التاسع لحكماء صهيون يقول: "بــذر الــعــمــلاء وتـــدمــيــر الأخــلاق".