كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"فاتن الحناوي".. صوتٌ استثنائيّ وبصمة لن تتكرّر

زهير النعمة – حلب - فينكس

تعلّقت "فاتن الحناوي" بالغناء من خلالِ مُرافقتها لوالدتِها التي امتلكت صوتاً عذباً، والتي غنّت لكوكب الشرق "أم كلثوم" في الأعراس والحفلات الحلبيّة، ما رسّخَ في ذاكرة الشابّة اليافعة تلكَ القصائد والأغاني الخالدة التي بدأت تُردّدُها في حفلاتِ المدارس وعلى المسارح بصوتٍ جميل لفتَ إليهِ النقّادَ الموسيقيّين.

"صدارة في مسرح المواهب"

دُعيَت الراحلة "فاتن الحنّاوي" في عام /1975/ للمُشاركة في برنامجٍ تلفزيونيّ لاكتشافِ الأصوات الجميلة والمواهب، ونالت فيه المركز الأوّل بجدارة بغنائِها لأغانٍ عدّة "لأم كلثوم"، ما جعلها محطَّ اهتمامِ الفنانين لاحتضانها وتقديم الكلمات والألحان لها، ولم تتجاوز آنذاك /14/ من عمرها.

"رحلة فنيّة قصيرة ومُنتِجة"

رحلتُها معَ الطرب والغناء كانت قصيرةً جداً، فقد اعتزلت مُبكراً، لكنّها تركت أرشيفاً وبصمة في الغناءِ العربيّ بما امتلكتهُ من صوتٍ ساعدها على غناءِ مُختلفِ الطبقات بأسلوبٍ جميل أطربَ الجميع. رياض السنباطي

"تعاون معَ خيرةِ المُلحّنين، ولكن..؟"

بعدَ احترافِها كان لها أغانٍ عدّة، منها "يا مَن سقانا كؤوسَ الهَجرِ مُترعةً"، وهيَ شِعر "بدوي الجبل" وألحان "رياض البندك"، ثمَّ أغنية "خطوتين" من كلمات "حسين حمزة" وألحان "إبراهيم جودت،" وبهاتَين الأغنيتين ضربت الراحلة "الحنّاوي" موعداً كبيراً معَ الشُّهرة والنجاح في بلدِها "سورية" والوطن العربيّ، لتتابعَ مشوارَها بأغنية "بلد الشام" مع المُطرب اللبناني "وديع الصافي"، وأغنية "أحبُّها" ألحان "شاكر بريخان"، وأغنية "جرح الهوى".

اشتركت الرّاحلة في عام /1976/ في مِهرجان مُسابقة أغاني "أم كلثوم" في "تونس" لتنالَ المركز الأوّل من خلالِ أدائِها لأغنية "الأطلال"، وقد كانَ رئيس لجنة التحكيم حينئذٍ الموسيقار "رياض السنباطي" المَعروفُ عنه عدم مُجاملتهِ لأيّ صوتٍ لا يستحقّ، لكنّهُ دُهِشَ وصفّقَ لصوتِ الشابّة "الحنّاوي" طويلاً، وتوقّعَ لها مُستقبلاً مُشرِقاً في الغناء إن عرفَت كيفَ توظّف موهبتَها وإمكانيّاتها وصوتها وتستغلّها بشكلٍ صحيح. 

وفي عام /1978/ أيضاً نالت المركز الأوّل في مهرجان الأغنية العربيّة في "القاهرة"، ما زادَ من رصيدِها وشُهرتِها في "مصر" وعلى مُستوى الوطن العربيّ. وأثناء زيارتِها "مصر" قدّمَ لها المُلحّنان المصريّان "جمال حمزة" و"حلمي أمين" لحنَ أغنية "إيه الحكاية" وأغنية أخرى، ويُقال إنّها لم توفَّق في ذلكَ الخَيار.

"اعتزال مُبكِر"

أعلنت الراحلة "فاتن الحنّاوي " عام /1981/ ابتعادَها عن الغناء بشكلٍ نهائيّ، بعدَ رحلةٍ فنيّة قصيرة لم تدُم أكثرَ من /6/ سنوات، طبعت خلالَها رغمَ قِصَرِها في ذاكرةِ المُتابعين والفنانين صوتاً جميلاً جداً قلَّ نظيرُه.

يُبيّن الناقد الموسيقيّ د. "محمد البابا" حولَ مسيرةَ الراحلة في حديثهِ لمنصّة "فينكس" بتاريخ 22/2/2022 أنَّ "فاتن الحنّاوي" مُطربة امتلكت صوتاً ذهبيّاً وقويّاً، وقد ورثَت حبَّ الغناء وتعلّمَته من والدتِها التي كانت 11 تملكُ صوتاً جميلاً، وحاولت الفنانة الراحلة أن تخرُجَ كثيراً من شخصيّة الغناء المُشابهة لـ "أم كلثوم"، لكنَّ المُلحّنين لم يُساعدوها على ذلك، بل طبعوها من دونِ قصد بذاتِ القالب والنغمة (الكلثومية) لتشابُهِ الأصوات، وهذا ما قلّلَ من ظهورِ الشخصيّة المُستقلّة لها رغمَ جمالِ صوتِها، والمُلحّن الوحيد الذي أخرجَها من عباءةِ كوكبِ الشرق كانَ الراحل "سُهيل عرفة" في أغنية "يا وطني شو بحبّك".

من جانبِه أوضحَ الناقد الفنيّ للتراث الغنائيّ د. "أيمن سيد وهبة" لمنصّة "فينكس" بتاريخ 22/2/2022 أنَّ الراحلة "فاتن الحنّاوي" هيَ الشقيقة الكُبرى لمُطربة الأجيال "ميّادة الحنّاوي"، وقد نشأت لدى أسرة فنيّة، فوالدتُها "عدويّة نجّار" كانت تتمتّعُ بصوتٍ جميل، إضافة لمهارتِها في العزف على العود. 2

وقد اعتزلت الفنّانة الراحلة بعدَ زواجِها في ثمانينيّاتِ القرن الماضي، تاركةً فراغاً كبيراً للأصواتِ النسائيّة الطربيّة الشرقيّة.

غيّبَ الموت المُطربة "فاتن الحنّاوي" بعدَ مُعاناةٍ معَ المرض الكلويّ استمرّ /10/ سنوات، ورحلت عن عُمرٍ ناهزَ/56/ عاماً.