كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"زبيدة جانسيز".. نجحت في الحُبّ والإنسانيّة

حسان إبراهيم – حمص - فينكس

فرضت خصوصيّةُ مُجتمعاتنا الشرقيّة تمييزَ الذكرَ عنِ الأنثى، سواء في ميادينِ التشريعات أو بطبيعةِ العاداتِ الاجتماعيّة السائدة، وحتى في مَيدانِ العمل. وفي مُجتمعنا تمَّ توجيهُ الأنظارِ نحوَ المرأة المُتميّزة، ومن هؤلاءِ السيّداتِ المُتميّزات "زبيدة جانسيز" والتي تشغلُ منصبَ مدير عام شركة "الرستن" للإسمنت منذُ /8/ أشهرٍ، بعدَ حوالي /26/ عاماً منَ العملِ الحكوميّ، تنقَّلت خلالَها بينَ أكثرَ من جهةٍ ومسؤوليّةٍ تولّتها. بعدَ حصولها على إجازةٍ في الحقوق من جامعة "حلب" عام /1994/ بدأت مسيرةُ "زبيدة جانسيز" الوظيفيّة، بعدَ عامَينِ من تخرُّجها، كرئيس شعبة القضايا القانونيّة لدى الشركة العامّة للموارد المائيّة في "حمص" لمدة (4) سنوات، لتنتقلَ بعدئذٍ إلى عملٍ إداريٍّ جديد كمُعاون رئيس شعبة مُتمرّن في مديريّة مواصلات "حمص". وفي عام /2001/ تمَّ تعيينُها مُديرةَ العمل والشؤون الإداريّة والقانونيّة لدى شركة "الرستن" للإسمنت، ثمَّ معاونة للمُدير عام /2008/، وقبل تسلُّمِها منصبَ المُدير العامّ للشركة كانت قد عمِلَت كمديرةٍ للتنمية الإداريّة فيها.

"زبيدة جانسيز" المرأة التي لا تكلُّ ولا تملُّ منَ العملِ أولاً، والسعي نحوَ تطوير قدراتِها بشكلٍ دائمٍ ثانياً، وفقَ ما تروي عنها "لمى طبّاع" صديقتُها المقرَّبة، والتي أضافت قائلةً: «هذا ما لمسهُ عن قربٍ كلُّ الذينَ عملوا معَها، وحتى المقرَّبون من أصدقائِها، حتى أنَّني قد لقّبتها بِ "النحلة" ذات مرَّة، من كثرة حبِّها للعمل، والوقت الذي تعطيهِ له. تهتمُّ بأدقِّ تفاصيلِ أعمالِها، ولا تعيرُ قلقاً لطبيعةِ الأنثى بداخلها، ولا خوفَ منَ الفشل، وبخاصَّةً في مجالِ العملِ الميدانيّ معَ الرجال، وهذا ما أثبتتهُ من خلالِ وجودِها كمُديرةٍ لشركةٍ إنتاجيّة غالبيةُ عُمَّالِها منهُم». وترى "طبّاع" أنَّ أكثرَ ما يُميِّزُها "جانسيز" هيَ الروح الوطنيّة والشجاعة التي تتحلّى بهما، وقد تجلَّى ذلك برفضِها فكرةَ مُغادرةَ وطنِها رغمَ كلِّ التهديداتِ التي تعرَّضت لها، خاصَّةً زمنَ بدءِ الأحداث في مدينةِ "حمص"، وإقامتها ضمنَ حيِّ "بابا عمرو" التي نشأت وترعرعت فيه، إضافةً لمُحاولاتِ الخطف لها، ولولدِها الوحيد». تتحدَّث "زبيدة جانسيز" عن عملِها الحاليّ قائلةً: «رغم كلِّ المَعوقاتِ والعراقيل التي وضعَها البعض - وما يزالُ - في طريقي كانَ من بابِ المُعاداة، لِكوني امرأة لا أكثر، لكنّي مُستمرّةٌ في تحمُّلِ هذهِ المسؤوليّة التي وُضِعَت على عاتقي. وبالنسبة لي هيَ تجربة جديدة أخرى تُضاف إلى سجلّي الوظيفيّ الذي أفتخر به وبالإنجازات التي حقّقتُها خلالَه. ومع الأسف، ورغمَ كلّ الشّعارات التي نسمعُها عن حقوقِ المرأة ومساواتِها معَ الرجلِ في الحُقوقِ والواجبات، إلاَّ أنني قد لمستُ عكسَ ذلك على أرضِ الواقع، من خلالِ كلِّ ما يجري في مُجتمعنا ضدَّها من عُنفٍ وتهميش. ومن خلالِ تجربتي الشخصيّة معَ مَن يُحاولونَ إفشالَ مسيرةِ عمليّ الحاليّ، فوجودي كامرأةٍ معَ غيري منَ النساءِ اللواتي يتولَّينَ مسؤوليّاتٍ مُشابِهة، وفي كلِّ مواقعِ العمل هيَ الرّسالة الأنجع لتغييرِ نظرةِ قسمٍ كبيرٍ من أفرادِ المُجتمع نحوَ المرأةِ وعملِها».

 عُرِفَت "زبيدة جانسيز" في أوساطِ المُجتمع الحمصيّ بأنَّها تلكَ المرأة المُحِبَّة للعملِ الخيريّ والإنسانيّ، واهتمامها على وجهِ الخُصوص بشؤونِ الأطفال والمرأة، لذا كان تواجدُها حاضِراً في نشاطاتِ الجمعيّاتِ الأهليّة والخيريّة التي أسهمت في تأسيسِ بعضِها، وفي هذا الخصوص تقول: «أسهمتُ في تأسيسِ جمعيّة "الاسرة القانونيّة"، و"تطوير المرأة"، ومعها جمعيّة "حماية الطفل"، وأخرى كنتُ داعمةً لها، مثل جمعيّة "الربيع" المعنيّة بأطفال التَّوحُّد، عدا عن الإسهام في إنشاءِ "دار الضّيافة" المَعنيّة بقضايا النساءِ والأحداثِ في السّجونِ وهمومهم. وفي عام /2012/ تولّيتُ مسؤوليّةَ الإشرافِ والمتابعة لمراكزِ الإيواءِ التي أُنشِئَت خلالَ فترةِ الأحداثِ التي شهدَتها المدينة، وكانت الفترة الأجمل لي، من خلالِ تواجُدي في مجلس مًحافظة "حمص" كعضو مكتب تنفيذيّ ما بين عامي /2001 – 2018/، وتسلُّمي مسؤوليّةَ قطّاعات (الثقافة والشباب والصحّة والآثار)، وشاهدَ الجميع تلكَ المرأة المُتواجدة في كلِّ الأحداث الثقافيّة والفنِّية والرياضيّة على اختلافِ أنواعِها».

هذهِ الشخصيّة القياديّة والقويّة تُخفي كمّاً كبيراً منَ التواضُعِ والعفويّة في التعامُل مع الآخرين، وفقَ ما تذكر صديقتُها "رنا الشعّار"، مُضيفة: «يعجبُني إصرارُها على النجاحِ دوماً، وأكثرُ ما يلفِتُزبيدة جانسيز انتباهي فيها هيَ تلكَ الروح المَرِحة التي تُفضيها أثناءَ جلساتِها مع صديقاتِها، والوفاء لهُنَّ ولكلّ مَن عرفته، ومِن إحدى الحوادث التي تثبت ذلك قدومُها من رحلةِ سفرٍ كانت قد قضتها في الخارج فقط من أجلِ حضورِ حفلٍ غنائيّ لإحدى صديقاتها المُقرَّبات منها. إذاً، باختصار، هيَ مثالٌ جميل عن المرأة السوريّة المُحاربة في سبيلِ إثباتِ ذاتِها، وحُقوقِها، والإمكانات التي تمتلكُها لصُنعِ الإنجازات في كلِّ مواقعِ العمل، وعلى اختلافِ ظُروفِها». إنَّ أهمّ ما يُميّز "جانسيز" هوَ الحِرص على إتمامِ المهام المُوكَلة إليها في كلِّ المسؤوليّات التي تولّتها خلالَ عملِها الطويل في الشركة وفقَ المُهندس "سامر حنا" خلالَ حديثهِ مع منصّة "فينيكس"، والذي بيّنَ أنَّ علاقتَها معَ العُمّال تميّزت بالروحِ الأخويّة معهُم، والمُساعدة قدرَ الإمكان على تذليلِ الصُّعوبات التي تعترضُ عملَهُم، وحتى في أمورِ حياتهم الخاصّة لكلِّ مَن يطلُب مُساعدتَها. ويلفِت إلى وجودِها الدائم قُربَ عُمّال الشركة، وعندَ خٌطوطٍ الإنتاج بشكلٍ مُباشر، حيثُ كانَ ذلك يستدعي منها البقاء حتى ساعةٍ متأخرةٍ من اليوم، بهدفِ الاطمئنانِ على تنفيذِ الأعمالِ المُستعجلة، ومُواصلة سير العمل في الأقسام الإنتاجيّة على أكملِ وجه، وتأمينِ ما يلزَم من قِطَعٍ تبديليّة ضروريّة، كونَها المرأة الوحيدة في "سورية" التي تتسلَّم إدارة شركة صناعيّة وإنتاجية بهذا الحجم، وقد أثبتت مقدرتَها على تحمُّلِ عبءِ هذهِ المسؤوليّة الكبيرة ونجاحِها في ذلك. ويرى أنَّ المحبّة والتواضع والرقيّ من أهمِّ صفاتِها الشخصيّة، ومنَ العوامل التي أنجحت مسيرةَ عملِها على الدوام.

يُزبيدة جانسيز شهادةذكَر أنَّ "زبيدة جانسيز" من مواليد مدينة "حمص" عام /1971/، ولها إسهاماتٌ عديدة سابقة من خلالِ مُشاركتها في إقامةِ العديدِ منَ المؤتمرات في "سورية"، ومنها مؤتمر "البيئة والأمن الصناعيّ الدوليّ" الذي عُقِد في "دمشق"، إضافةً إلى مؤتمر "سيّدات الأعمال الدولي"، وكذلك مؤتمر "المُحامين الدولي" الذي جرى في مدينة "حمص"، كما نالت العديد من شهاداتِ التقدير الدوليّة، نتيجةً لإسهاماتِها في مجالِ العمل الإنسانيّ، ومنها على سبيلِ المثال لا الحصر "أكاديميّة البورد الألماني"، و"المجلس العالمي للسَّلام والمحبّة"، و "الأكاديميّة الدولية لحُقوق الإنسان"، و"معهد السّلام للسّلام وحُقوق الإنسان", وغيرها.