كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"صافيا شيخو" شاعرة الوجدانيّات والتناقضات..

 زهير النعمة – حلب- فينكس:
مُبكّراً، وفي مدرستها الابتدائيّة تعلّقت بحُبٍّ وعشقٍ ونهمٍ كبير بمادّة اللغة العربيّة بكلِّ أنواعِها ومُفرداتها، لِيُساعدها هذا الحبّ في فتحِ المسارِ على مصراعيه نحوَ صقلِ موهبةٍ أدبيّة لفتاةٍ لاتزالُ في مُقتبلِ عُمرِها الفتيّ، ولينمو هذا المخزون رويداً رويداً معَ تقدُّمِ سنينِ العُمرِ والدارسةِ معاً، حتى أضحى جزءاً لا يتجزّأُ من شخصيّتها وكيانها، لتُتبعَ ذلك بقراءةِ الكُتُب الأدبيّة لكُتّابٍ وشعراءَ عالميّين، بالتوازي معُ مُحاولاتٍ بدائيّة بكتابةِ خواطرَ نثريّة وشعريّة.
وعن مسيرتِها ومراحلِ حياتِها تحدّثت الأديبة الشابّة الشاعرة "صافيا شيخو" لِ "فينكس" قائلة: «بدايتي في حُبّ الأدب العربيّ كانت في المرحلةِ الابتدائية، وبتشجيعٍ من مُعلّمتي "سهى جلال جودت"، فقد كانت تطلبُ منّي دائماً في بدايةِ كلّ حصّة قراءةَ مواضيعِ الواجب الوظيفيّ التي أكتبهُا، وتقومُ بعدَها بالتصحيحِ والإرشادِ والثناء على ما أُلقيه، ثمَّ تطلب منّي قراءةَ بعضٍ من قصائدِ المنهاج بصوتٍ عالٍ ومسموع. كلّ هذا الاهتمام والرعاية كانَ يشدّني ويجذبُني أكثرَ لأتعلّقَ بحُبِّ اللغة العربيّة، وخلالَ دراسةِ المرحلة الإعداديّة، ومن بعدها الثانوية قرأتُ أولَ كتابٍ "لجبران خليل جبران"، وقد كانَ بعُنوان "دمعة وابتسامة"، وكذلكَ كتاب "الأجنحة المُتكسّرة"، كما الكتاب الذي أثّرَ في شخصيّتي كثيراً والذي كانَ بعُنوان "النبي".
كلّ هذهِ الكُتُب كنتُ أشتريها من توفيرِ مصروفي الشخصيّ، فقد كانت عائلةُ أهلي من أصحابِ الدخلِ المحدود، وفي الفترةِ نفسِها قرأتُ كثيراً للشاعرَ الفلسطيني "محمود درويش" وأعجبتُ به، وكانَ ذلكَ بنصيحةٍ من مُعلّمي "سمير إسحاق". ومِن وحيِ أشعارِ "محمود درويش" الجميلة تولّدت لديَّ طاقةٌ ورغبة بكتابةِ مُقتطفاتٍ شعريّة قصيرة، وتابعتُ هوايتي بقراءةِ الكثيرِ من أشعارِ "نزار قباني" بالتزامُن معَ كتابةِ القِصَص القصيرة بطريقةِ السرد النثريّ، وكانت باكورةُ محاولاتي التي قد أبصرتِ النور بقصّةٍ عن (مُعاناة أم) كانت بسبعِ صفحات. وتتالتِ المحاولات حتى وصلتُ لأربعينَ قصّة قصيرة، وكانَت أغلبُ مواضيعها عن( الأمّ، والكفاح، والشهيد، والإخوة، والأطفال)، ونصحني مُعلّمي "علي درويش" بتجميعِ هذهِ القصص ضمنَ ديوانٍ مطبوع، لكنَّ التحضير للثانوية أجّلَ الكثير من كلّ مشاريعي الأدبيّة ». وبعكسِ التيّار والتوقّعات درست "صافيا" الثانوية بفرعها العلميّ، ونجحت بتفوق، وسجّلت في كليّة الاقتصاد. 
تُضيف الشاعرة "صافيا": « أثناءَ فراغي حرصت على قراءةِ كًتًبٍ عدّة منَ الأدب العالميّ لِ"ليو تولستوي"، و"ديستوفسكي"، و"باولو كويلو"، و"عزيز نيسين"، وقمتُ بترجمةِ بعضِ أعمال "عزيز" منَ اللغة التركية للغة العربيّة. واللحظة الحاسمة كانت لي بكتابةِ وإلقاءِ قصيدةٍ شعريّة مُهداة إلى روح أخي بعنوان (رثاء أخ)، وقراءة قصيدة (أصدقاء الحرف) لتُوجّهَ لي بعدَها دعوات عديدة متلاحقة للنوادي والمُنتديات الأُمسيات والمراكز الثقافية في المدينة والريف، بعضُها للحضورِ والاستماع، وبعضها الأخر للمُشاركة بإلقاءِ قصائد شعريّة.
 تنوّعت أغلب قصائدي بينَ (الحنينِ، والذكريات، والليل، والحزن، والتفاؤل)، ورفضتُ التعمُّقَ والمبالغة بكتابةِ "الغزل" على حسابِ الجانب الوجدانيّ. ومن أهمّ أعمالها روايتي (على ذمّة الحياة)، وهيَ تُحاكي ظروفَ امرأة شرقيّة فقيرة عاشت وكافحت في مُجتمعٍ شرقيّ، لكنّها لم تنتصر في النهاية ضدّ تيّار الحياة والمُجتمع، لتُعلن استسلامَها للظروف القاهرة والواقع الذي فاق إمكانيّاتها، ثمّ أتبعتُها بديوانٍ شعريّ بعُنوان "أنا والليل والحنين ثالثُنا". وعن أهمّ مشاركات الأيبة "صافيا" فقد كانت بقصيدتين "معشوقتي الجريحة سورية " وأخرى وجدانيّة، وكانَ ذلك عام /2018/ من خلالِ مُلتقى مهرجانٍ شعريّ أقيم بمدينة "حلب" بمشاركةِ نخبةٍ من أدباء القطر. أمّا آخرُ المشاركات لها كانت في عام /2021/ في "مُلتقى الشهباء الشعريّ.
 "محمّد سميّة" مدير المركز الثقافي قالَ بتاريخ 27 / 1 /2022: في الأديبة "صافيا": «"صافيا" أديبة وشاعرة تجيدُ النثر الأدبيّ البديع الذي تمزج فيهِ ما بينَ الخاطرة والومضة الشعريّة الساحرة، أديبة من روّاد الحداثة، تغلُب على خواطرها الشعريّة المطوّلة نسبيّاً الومضة الشعريّة الوجدانيّة والتأمليّة، تنتقل في معظم نصوصها إلى الجدلية، وأراها تسيرُ حثيثاً نحوَ قصائد النشر الجميلة».
"محمد أنمار حجازي" مدير دار الكتب الوطنيّة والمسرح القومي قال بتاريخ 27 / 1 /2022: «"صافيا" شاعرة تمتلك منَ الأحاسيس أكثرَ ممّا تمتلك من الصّنعة الأدبيّة، فتتغلّب في أشعارها الصنعة على الوجدانيّة، وتحتال على اللغة حتى تولدَ الحروف عندها على شكلِ نوتةٍ موسيقيّة جميلة. تنتمي إلى قاعدةٍ معرفيّة قوامها الوجدان والمنطقة الشعوريّة الداخليّة التي تخاتل اللغة بالكلام البهيّ الذي يعبّر عن القلق الوجوديّ وعن صراع الإنسان مع الوجود، ولاسيما قضيّة المرأة التي تناضل ضد مكنونات المجتمع الشرقيّ الذكوريّ، تعيشُ صراعاً داخليّاً بلغةٍ شعريّة خاصّة >>.
"صافيا شيخو" من مواليد مدينة "حلب" عام /1982/، حاصلة على إجازة في الاقتصاد / إدارة إعمال من جامعة "حلب"، وهيَ مدير المكتب الاجتماعي والاقتصادي في الأمانة للثوابت الوطنيّة بحلب، وعضو مجلس إدارة في جمعيّة رابطة الوعي العربي، وعضو في جمعيّة أصدقاء اللغة العربيّة، وعملها الحاليّ مديرة لمكتب المصرف العقاري في جامعة "حلب".