كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أحــمــد ســامــي الســـراج (2).. من بقية السيوف

خالد محمد جزماتي:

ذكرت في المقدمة أن المجاهد الصحفي أحمد سامي السراج وُلد في حماة عام 1892 ودرس في المدارس التركية واجتاز المرحلة الثانوية.. كان من أصدقائه الشهيد محمد علي الأرمنازي رئيس تحرير جريدة نهر العاصي قبيل الحرب العالمية الأولى، فمارس السراج نشاطه الصحفي من خلالها عام 1913، ومن خلال جريدة السيف الحموية أيضا..
وكان أهم ردوده السياسية على بعض المؤرخين من خلال تجربته الشخصية وصلاته المباشرة بالجمعيات العربية، بأن اعتبارهم للحركة العربية أنها قامت بتحريض دولة بريطانيا العظمى في الحرب ضد تركيا، وقال: إن ردود المعتمد البريطاني في مصر العربية قبيل الحرب حين زيارة الأمير عبد الله بن الحسين له موفدا من قبل أبيه حيث قال له جوابا على سؤاله عن الموقف البريطاني تجاه العرب اذا احتربوا مع الأتراك، فكان جوابه أن بريطانيا لا تخشى تركيا المشرفة على الانحلال بقدر ما تخشى القومية العربية المتوثبة نحو الظهور و وراءها أمجاد خالدة وحضارة زاهية.
وهكذا كان السراج يعتقد أن الحركة القومية العربية كانت بريطانيا تخشاها منذ ظهورها..
ويروي السراج بعض المشاهد من الأيام الأخيرة لتركيا في حلب فيقول أن السيد مصطفى عاصم بك التركي الاتحادي أصدر جريدة الأهالي في حلب، وبدأ يخوض في مقالات متتابعة مفادها أن مدينة "حلب" مدينة تركية وليست عربية، وكان السراج وقتئذ يشغل منصب السكرتير الأول لرئيس سكة الحجاز في حلب، فقام بالرد عليه بالتعاون مع صديقه "رضا الرفاعي" من خلال صحيقة المقتبس الدمشقية والمفيد البيروتية والسيف الحموية تحت أسماء مستعارة، وهكذا كان الطرح القومي الطوراني على أن مدينة حلب هي تركية وليست عربية حافزا شديدا لتفوق الطرح القومي العربي على النشاط الاتحادي التركي ...وقبل انهاء هذه الحلقة من حلقات الحديث عن أحمد سامي السراج لا بد من ذكر حادثة يجهلها الكثيرون وهي: بتاريخ 22 تشرين الأول 1918 اجتمع في أحد المنازل بمحلة قسطل الحجارين كل من: أحمد سامي السراج - رضا الرفاعي - شكيب ميسر - توفيق البيسار - لمناقشة أمن مدينة حلب في حال انحلال السلطات التركية ، وحتى لا تحدث فوضى قبل دخول القوات العربية.. ولكن للأسف، رصد أحدهم الاجتماع فقام بالتبليغ عنه، ووصل أسماع قائد قوات الصاعقة مصطفى كمال، فأمر باعتقاله المجتمعين واعدامهم فورا، ولكن الوالي مصطفى عبد الخالق بك تردد في التنفيذ، فكانت فرصة زمنية لهؤلاء الرجال في الانسحاب والتواري على الأنظار...
ويروي السراج أنه اشترك مع سبعة أشخاص هم: أبو رباح الطويل - خليل فايد - أحمد الشرقاوي - عارف الرحمون - بشير السعدى - مصطغى أنيس السراج - أحد الضباط الفدائيين نسي السراج اسمه..
يروي السراج أنه والمذكورين أعلاه هاجموا فندق بارون الذي ينزل به مصطفى كمال وقيادته، واشتبكوا مع الحامية في معركة شديدة الوطيس، ولكن الاقتحام فشل بسبب تمركز رشاشات خفيفة ومتوسطة على أسطح الفندق والمنازل المجاورة، فاضطر السراج وعصبته الى الانسحاب، فمروا بحي العزيزية واعتصموا في بيت أحد المسيحيين وخاضوا معركة دفاعية مع الجنود الأتراك دامت نصف ساعة، وانتهت المعركة بتواريهم في حي قسطل الحجارين..
وحين دخول الجيش العربي فجر ذلك اليوم اشترك السراج في استقبال القوات العربية، ثم سارع مع اخوانه في رفع العلم العربي فوق قلعة حلب الأثرية.
وكان الجيش العربي الذي دخل حلب بقيادة الشريف ناصر بن علي وكان من ضباط ذلك الجيش كل من: نوري السعيد - علي جودت الأيوبي - مهدي الرحال - تحسين علي - عبد الحميد وعلي العسكري، وجعفر العسكري القائد العام للثورة.. ولقد اشترك أحمد سامي السراج في جميع الاجتماعات التي أدت الى تنظيم ادارات الشرطة والبرق والبريد والادارات الأخرى، حيث استتب الأمن وساد الأمان.
وقام أحمد سامي السراج يوم 29 تشرين الأول باصدار العدد الأول من جريدته التي اختار لها أسم "الــعــرب"، وكانت جريدة حرة بنفس عربي أصيل وروح استقلالية عالية، وكان هدفها المعلن "الدفاع عن الاستقلال العربي.
وكان السراح صاحب الامتياز ومديرها المسؤول، وكتب فيها نخبة من الكتاب العرب، وكانت تصدر باللغة العربية في أربع صفحات من القطع المتوسط، وجريدة العرب استمرت في الصدور حتى سقوط دمشق بيد الفرنسيين بعد معركة ميسلون بتاريخ 24 تموز 1920.

"وللحديث بــقــيــة "