كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الذكرى السنوية الأربعين لوفاة زعيم زغرتا حميد فرنجية

د. كمال ديب:

نتذكره لنتذكر أيضاً أنّ هناك شخصيات أوادم تركت آثاراً طيبة في تاريخ لبنان المعاصر.
نتذكر حميد فرنجية مؤسس الديبلوماسية اللبنانية ومفكر وواضع سياسة لبنان الخارجية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي فبقي مفهومه هو السائد حتى اليوم.
حميد قبلان فرنجية (6 أآب 1907 - 5 أيلول 1981)، هو زعيم سياسي لبناني ونائب دائم في البرلمان شغل عدة مناصب وزارية وترشّح لرئاسة الجمهورية عام 1952 وكان قائداً في المعارضة المسلحة في ثورة 1958 باسم موارنة شمال لبنان.
كرّس حميد فرنجية موقف لبنان السيادي تجاه قضية فلسطين أثناء توليه منصب وزير الخارجية في اواخر الأربعينيات وأواسط الخمسينيات.
بقي مبدأ حميد فرنجية في سياسة لبنان الخارجية هو السائد حتى اليوم. وها هو يشرح هذا المبدأ أثناء زيارته للأمم المتحدة في نيويورك في 15 كانون الثاني 1949:
"لا يوجد أحد جدّي في لبنان لا يفكّر في اسرائيل بوصفها عدو متآمر. وثمّة رأي أنّ اسرائيل تشكّل خطراً على مستقبل الاقتصاد والتجارة للبنان فيما لبنان هو في الأساس مكان لتجارة العبور إلى الدول العربية. وكل مسيحي في أي مهنة كان، يشعر في عمله يومياً بعلاقاته مع أخوانه المسلمين. عقله السليم يجنّده ضد كل صراخ أو ديماغوجيا تسعى إلى فصل لبنان عن سورية. والاسرائيليون على ما يبدو لا يفهمون ذلك ويرتكبون أخطاءً لأنّهم لا يتعاملون مع مسيحيين شرفاء بل يتعاملون مع مقاولين مسيحيين أو مسلمين وربما ينفقون عليهم الأموال لقاء معلومات مغلوطة. فالمسيحيون لن يكونوا مصدر عرقلة لأي ترتيب منصف للعلاقات بين لبنان واسرائيل شرط التوجّه إلى مسلمي لبنان وإقناعهم أولاً. ولبنان كدولة عليه أن يتبع سياسة مقبولة لدى كل مواطنيه مسلمين ومسيحيين. يعني أن يتبع سياسة مقبولة لدى المسلمين وليس فقط مقبولة للمسيحيين لأنّه هنا بيت القصيد. فمسلمو لبنان لن يقبلوا الافتراق عن أخوانهم في سورية ومصر ولن يتخلوا عن قضية فلسطين. ولذلك فسياسة لبنان تجاه كل الدول العربية هي سياسة واحدة. وعليكم أن تفهموا أنّ لبنان لا يستطيع أن يكون أول من يبدأ المفاوضات مع اسرائيل ولن يرفع حواجزه التجارية. فنحن لن نلغي المقاطعة الاقتصادية ولن نشارك في أنشطة إقتصادية مع اسرائيل. لا بل لبنان سيكون آخر بلد عربي يوقع معاهدة سلام. ونحن مقتنعون أنّ هذه السياسة تعزّز استقرارنا الداخلي".