كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هل يتدفق نهر الأردن من جديد؟!

د. خيام الزعبي- فينكس

منذ إعلان المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى ضد إسرائيل، وما تبعها من جرائم بحق المدنيين في غزة، شكلت المقاومة الإسلامية في العراق عامل قوة ساعد على تخفيف الضغط عن الشعب الفلسطيني، عبر توجيه ضربات تكتيكية ضد قواعد أمريكا في العراق وسورية، وقصف مواقع حيوية في تل أبيب، الأمر الذي قلب معادلة الحرب وغيّر بوصلتها من الهزيمة الى الانتصار، بالإضافة الى ظهور محور المقاومة في المنطقة لاعباً رئيسياً قادراً على إفشال المخططات الامريكية -الإسرائيلية في المنطقة.

وعلى الطرف الآخر، انتاب الشارع الأردني سعادة كبيرةبعد قيام عملية "طوفان الأقصى" التي رافقها تداول مقاطع فيديووتعليقات ساخرة عنهروب وأسر أعداد كبيرة من الإسرائيليين الفارين من المستوطنات، وانعكست حالة السعادةالأردنية في شكلاحتفالات، وترديد هتافات النصرلفلسطين، بذلك لم يوفّر الأردنيون يوماً جهداً من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعمه، سواء كان ذلك بكلمة حق تعلو في تظاهرة، أو عبر مساعدة مادية.

يظهر هذا الأمر بوضوح من خلال توجه الشباب الأردني صوب الحدود الأردنية الفلسطينية، يدفعهم بذلك الشوق لعبور الحدود ومشاركة الفلسطينيين دفاعهم عن مدينة القدس والمسجد الأقصى، ولإيصال رسالة للعدو الصهيوني أن في الأردن رجالاً يحبون الموت دفاعاً عن الأقصى والمقدسات، ومطالبة الحكومة الأردنية بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، ووقف استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، وطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وإعادة السفير الأردني من تل أبيب.

الأمر لم يقتصر على ذلك، إنما احتشد الأردنيون في مختلف المدن والمحافظات تضامناً مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، وأكدوا خلالها أن معركة "طوفان الأقصى" هي معركة الأمة، وتنوعت الفعاليات الشعبية في الأردن، بين الاعتصام اليومي قرب السفارة الإسرائيلية في عمان، إضافة للمسيرات والاعتصامات اليومية في محافظات ومدن المملكة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

كما برزت تحركات لافتة من خلال اعتصامات ومبادرات وبيانات لعشائر أردنية في كافة محافظات المملكة، إضافة لتجمعات شبابية على الجبال المطلة على فلسطين لتصوير صواريخ المقاومة المتجهة نحو مناطق الاحتلال.

عسكرياً أيضاً، شبك الأردنيون قضيتهم بالقضية الفلسطينية من خلال ضم مقاتلين أردنيين لدعم الفلسطينيين وذلك بالتزامن معالبيان الذي أصدره المسؤول العسكري في حزب الله – العراق، أبو علي العسكري، الذي جاء فيه بأن قواته مستعدة لتسليح وتدريب 12 ألف مقاتل في الأردن، سيذهبون إلى محاربة إسرائيل خاصة أن جزءاً كبيرا من الشعب الأردني ينتمي الى فلسطين، وبالتالي فهم يدافعون عن مقدساتهم وكرامتهم أسوة بمحور المقاومة.

ومن هنا أن انضمام المقاتلين الأردنيين الى المعركة نتجه لسيناريو تتحول فيه المملكة إلى ساحة جديدة لـ“محور المقاومة"، وهذا سيوسع جبهة المقاومة وتنخرط الكثير من الشعوب لا سيما الحدودية مع الكيان الصهيوني بجبهة المقاومة، وبالتالي تشكيل طوق على كل حدود الكيان الصهيوني تحت نيران المقاومة، ومن هنا فإن الشعب الأردني جاهز للحرب إذا ما تمت خطة تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية تجاه الأراضي الأردنية، لاسيما وأن هذه الاحتمالات بدأت بالتوسع مع تسليح المستوطنين ودعوتهم أبناء الضفة للتوجه نحو الأردن، بالتالي سيضع الكيان ضمن كماشة المقاومة من جميع الاتجاهات.

في هذا السياق إنّ الشعب الأردني في خندق المقاومة البطلة لأنها حجر الزاوية في مشروع التحرير وهي القادرة على لجم الحكومة الإسرائيلية الفاشية المتطرفة وردعها، وهي اليوم عنوان التوحد الفلسطيني وتقف خلفها كل الفصائل في وحدة ميدانية في كل مدن فلسطين وكلمة واحدة هي "المقاومة".

بالتالي إن فتح جبهة من الأردن ضد الكيان الصهيوني يعطي زخما كبيرا لـ”طوفان الأقصى" ورسالة الى الكيان وأمريكا التي تعول على الحكومات المطبعة، بأن نيران المقاومة تأتي من جميع الاتجاهات ولا مناص من استرداد الحقوق ونصرة الشعب الفلسطيني.

ومن الواضح أن الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تساهم بشكل متسارع في تكريس "أيديولوجية المقاومة" في ذهنية الفلسطيني أولاً، ثم في ذهنية الأردني والعربي. وهذا ما يضع مستقبل الأمن والاستقرار المدني في إسرائيل على المحك، خصوصاً مع التغيرات الجديدة في الخريطة السياسية للمنطقة ، وما يرافقها من تحالفات جديدة، التي سيكون للكيان الصهيوني النصيب الأكبر من نتائجها، إنها ملامح رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو غزة ولبنان والعراق والأردن ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة.