من ذكريات المرحلة الثانوية
2024.01.17
نور الدين محمد
عندما اندلعت حرب ١٩٦٧ كنت في الصف العاشر، وكانت المدرسة أغلقت أبوابها، وبالتالي أنا في القرية، وعندما سمعنا العنتريات من إذاعتنا تطلب من الجيش الشعبي التوجه الى مراكز التطوع لبست بدلة الفتوة وانطلقت ركضا حتى أصل الى أقرب سيارة، ويحتاج ذلك حوالي ساعتين من الركض، وما كان بجيبي من النقود يكفي أجرة الطريق، ولا يكفي لشراء سندويشة فلافل.
المهم وصلت السيارة فوجدت زميلين آخرين. من قرية أخرى وفي السيارة حاول السائق أن يشرح لنا أن المشكلة الحقيقية هي تفوق العدو في الجو وقنابل النابالم الحارقة، فضحكنا عليه وقلنا له أن تحرير فلسطين سيتم بأيام.
وصلنا لثانوية جبلة، وتوقعنا أن نجد المئات من زملائنا، فلم نجد أحداً، وباب المدرسة مغلق!
أصبحت العودة للقرية مشكلة حقيقية، وبصدق وصراحة لا أعرف كيف عدت، لكني أذكر جيداً أنني عدت ليلاً، وأبي وأمي وإخوتي في وضع كارثي خوفاً علي.
انتهت الحرب وهزمنا شر هزيمة. وعدنا الى الثانوية مع بداية العام الدراسي، فقررت أنا وأحد زملائي أن الوطن في خطر ونحن يجب أن نتصدى له ونعيد الأمور الى نصابها، وتفتقت عبقريتنا عن فكرة الانتساب لحزب البعث لأن هناك دورات عمل فدائي للبعثيين داخل فلسطين، فتوجهنا الى شعبة الحزب.
أمام الشعبة يجلس شخص وقور، قال لنا اقعدوا يابني، ماذا تريدون؟! قلنا له نريد الانتساب للحزب. نظر بهدوء الى فقرنا المدقع الواضح كنور الشمس من ثيابنا وأحذيتنا وسوء التغذية على وجوهنا، وقال: نحن في الحزب، البعثي آخر من يأكل وأول من يموت. فوافقنا.
سحب من جيبه الداخلي مفكرة صغيرة وسجل اسمينا وقال: تعالوا للاجتماع الأسبوع القادم.
لماذا كتبت هذه الخاطرة؟ لا أعرف!