كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مأثر تشرين بلسان بطل الجمهورية.. اللواء مجيد الزغبي

معين حمد العماطوري- السويداء- فينكس

حولَ طاولةٍ جمعت أصدقاء وصحباً، عادت ذكريات ماضي الشجاعة والعزة، حَمَلتها لنا ذاكرةُ بطلٍ من تشرين، نالَ وسام بطل الجمهورية، اللواء الطيّار المتقاعد "مجيد الزغبي"، الموصوف برجلُ الشّجاعة والمواقف، الوفي والصادق مع الله والوطن، صاحب النّظر الثاقب، واسع المعرفة والحيلة، جميلُ القلب. شخصية اجتماعية بامتياز، حملت داخلها كنزاً من الوطنية والمعارف العلمية والثقافية...
مع أنه في عِقده الثامن، كانت ذاكرتُه حاضرةً في أدقّ تفاصيل الأحداث وأقدمها. أفاض بها ببهجة وسرور. جعلنا نعيش ساعات من العزّة والفخار.
حاضَرَ فينا محلّلا ما ذكره بعلميّةٍ وجديّة وموضوعيّة، وبمنطقيةٍ غير معهودة، مع أن مستمعيه كانوا أساتذةً جامعيين: الدكتور غسان ابو طرابه في الفنون الجميلة، الدكتور تيسير المصري في العلوم المالية، الدكتور يحيى قطيش في الرياضيات. وقد آثروا أن ينصِتوا ويستمتعوا بما حملت ذاكرته في الزمان والمكان، من روايات وقصص البطولة، بين الأرض والسماء...
حاورْتُه محاولاً انتزاع صورَ ووقائعَ أحداثَ سطّرها لتاريخ سورية المعاصرة. وددتُ أن أكشف محطاتَ هامّة في حياته ومسيرته، وفي سِرّ علاقته الحميميّة بحبيبته "الميغ ٢١" التي عشقها ووثق بقدراتها، والتي أكد أمام كبار قادة البلاد بأنها "لا تسقط في المعركة، شرط تأمين وصوله إليها".
تحدث اللواء مجيد الزغبي عن طائرته التي عاشرها عمرا كاملا. كان له معها "عِشرة عُمر"...  ذكر كلّ ما كان له معها خلال خدمته التي تجاوزت الاربعين عاماً، من أحداث ووقائع ومواقف، وحوادث بعضها كان مميتا حقاً. غير أن إيمانه ومهنيّتِه، وعشقه لطائرته، وحبّه الجامح للتحليق في السماء، كان منقذه من الموت، بعد إرادة خالقه. 
منذ ريعان شبابه كان حلمه أن يكون طيارا يذودُ عن حمى الوطن. ورغم إخفاقات عدة، كانت تحول دون قبوله في الكلية الجوية، شاء القدر أن يكون له ما أراد.
قوة خفية كانت تدفعه ليمتلك، فيما بعدُ، ما بين السماء والأرض....
لم ينس اللواء الطيار مجيد الزغبي، بطل الجمهورية، أسماء مدربيه منذ الساعات الأولى لبدء مشواره مع القوى الجوية، ولا أسماء المتدربين، ولا الوقائع، حتى البسيطة، التي نَحَتَها في ذاكرته خلال مشواره الطويل.
روى بمحبة وسرور علاقته بـ"عشيقته" الميغ ٢١، التي ربما كان لها الفضل في إكسابه مهارة تخزين المعلومات والذكريات؛ والتي ناصَرَتْهُ في معارك البطولة. ففي إحدى معارك حرب تشرين أَسقَطَت طائرتُه، خلال سِت دقائقَ فقط، طائرتين معاديتين، وكانت حصيلة الطائرات التي أسقطها للعدو ثمانية. وناصَرَتْهُ أثناء التدريب. وساعدته ليثبت لخبراء أجانب أن "الميغ 21 لا تسقط في المعركة"... 
لم يمتلك طيارنا البطل مهارات الطيران والتدريب فحسب، بل المعارف العلمية والنظريات في مجال الطيران. ولم تكن معارفه فقط في علوم الطيران، بل امتدت إلى معارف الحياة والمجتمع والسلوك والمواقف. 
بوركت أيها البطل، اللواء الطيار مجيد الزغبي، فما أكثر مَنْ علّقوا على أكتافهم نجوماً، اقتداءً بك وتأثّراً ببطولاتك بين السماء والأرض. أنت نجمٌ ساطعٌ في ذاكرة الوطن والوطنية، وفي وجدان شرفاء هذا الوطن.
  تحيةً لك في كل لحظة وكل عام... 
جلسة حوارية لا تُنسى، بين نخبٍ علميّةٍ وكفاءات فذة، تُشعِرُ المرءَ كأنّه نسرٌ يطيرُ بين السّماء والأرض، بكلّ ثقة ومحبّة، في زمنٍ نحنُ فيه، أحوج ما نكونُ، سادةَ الأرض والسماء.