كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هل تنجلي الأزمة الراهنة عن اجتياح إسرائيلي للأراضي السورية؟

عدنان بدر حلو- فينكس
لم يعد سراً أن مرور أكثر من ستة أشهر على اجتياح إسرائيل لقطاع غزة، دون أن يحقق نتنياهو ما أعلنه من أهداف لذلك الاجتياح، كان يأمل أن يستعيد معها هيبة الكيان وسطوته ودوره في المنطقة، ويجدد لنفسه صورة بن غوريون القرن الواحد والعشرين.
ولم يعد سرّاً أنه قد لجأ في الفترة الأخيرة (وبهدف الخروج من دائرة الهزيمة التي تطوقه) إلى محاولات محمومة لتوسيع دائرة الحرب في المنطقة والسعي لجر أطراف أخرى، بما فيها الولايات المتحدة للانخراط فيها. وقد حاول كثيراً تجاوز حدود قواعد الاشتباك على الساحة اللبنانية من أجل تحقيق هذا الهدف، الأمر الذي دفع بأكثر من جهة دولية على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا (وحتى إيران) إلى التدخل الدبلوماسي النشط لمنع الانفجار على هذه الجبهة.
في السياق نفسه، شهدت الأشهر الأخيرة اعتداءات إسرائيلية متصاعدة على الوجود العسكري الإيراني في سورية، من الغارات الجوية على مواقع في منطقة البوكمال إلى اغتيالات لضباط ومستشارين إيرانيين كبار في دمشق نفسها. وصولا إلى عملية استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية التي قضى فيها سبعة ضباط كبار على رأسهم العميد محمد رضا زاهدي، كبير المستشارين الإيرانيين في سورية ولبنان ونائبه محمد هادي حجي رحيمي.
وإذا كانت طهران قد تمسكت بسياسة ضبط النفس التي اعتمدتها منذ عملية طوفان الأقصى، وامتنعت عن الرد المباشر على هذا التصعيد الاستفزازي، فإنها وجدت نفسها في وضع حرج بعد الاعتداء على القنصلية التي تعتبر أرضا إيرانية وفقاً للقانون والعرف الدوليين. وبات الامتناع عن الرد يشكل لها إحراجاً كبيراً في الداخل والخارج. وهذا ما دفع بالمسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم الإمام خامنئي إلى التعهد العلني برد على إسرائيل "يجعلها تندم على ما فعلته".
وهكذا دخلت المنطقة في بعد جديد للأزمة المتفجرة في غزة. وبات الحديث عن الرد الإيراني والرد الإسرائيلي على الرد، والموقف الأمريكي من كل ذلك يطغى على كل حديث آخر، خاصة بعد أن اعتمدت إدارة بايدن (والرئيس شخصياً) موقف الملتزم كلياً بحماية إسرائيل تجاه إيران وتهديداتها. وبات توقع الانفجار في هذه الاستطالة الجديدة للمواجهة متوقعاً خلال الأيام، بل وحتى الساعات القادمة. خاصة بعد أن عمدت أكثر من دولة في هذا العالم وفي مقدمتها روسيا إلى منع رعاياها من التوجه إلى المنطقة، بل أكثر من ذلك وردت أنباء تقول إن موسكو قد أرسلت طائرات لنقل مواطنيها منها.
تقديراتنا الخطيرة جداً!
ثمة احتمالان لا ثالث لهما:
الأول: أن ينجلي الأمر عن مفاوضات أمريكية إيرانية إسرائيلية لا يمكن أن تنتهي إلى نتائج إيجابية ما لم تتعلق بترتيبات في المنطقة كلها. وهذا أمر محتمل لكنه غير مرجح. ومع ذلك ستكون له في حال حصوله نتائج بالغة الخطورة!
والثاني: قيام إسرائيل في ظلال الرد وتصعيد الرد على الرد وتحت مظلة موقف واشنطن المشجع والانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة (على الأراضي السورية تحديدا) باجتياح بري يطال المنطقة الجنوبية (درعا والسويدا) والبادية وصولاً إلى منطقة البوكمال بدعوى قطع الطريق الإيراني إلى سورية ولبنان.
بمثل هذا "الإنجاز" (الذي يستغل الوضع السوري الخاص المدمر والممزق) يحقق نتنياهو المهزوم حالياً نصراً كبيراً يستعيد معه هيبة إسرائيل وهيمنتها على المنطقة، كما يطرح نفسه "نبياً" جديداً لإسرائيل أبعد إيران عن حدود الكيان، وحقق المطمع التوراتي بالوصول إلى الفرات! والتواصل المباشر مع المشروع الكردي في المنطقة، بكل ما لذلك من تبعات في خدمة مشروع "التطبيع" وإعادة فرض الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية على المنطقة كلها.

لا سمح الله!