كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الموقف اليوم

أحمد رفعت يوسف- فينكس

لاشك ان الموقف الأمريكي، بالامتناع عن التصويت، على قرار مجلس الأمن، حول غزة، مما سمح بتمرير القرار، يحمل تطورا جديدا، في موضوع الصراع في المنطقة.
وهذا الموقف، يحمل احد الاحتمالات التالية:
** اما انه يشكل تحولا حقيقيا في الموقف الأمريكي، وهذا غير وارد.
** او انه يشكل نوعا من الاختلاف مع حكومة نتنياهو، والضغط عليها، لتليين موقفها، في المفاوضات الجارية، لإيجاد حل، يوصل إلى وقف القتال، بسبب حراجة الموقف الأمريكي، داخليا وخارجيا، وهذا وارد، ولكن لاينسحب على الدعم الأمريكي غير المحدود، للكيان الصهيوني..
** او انه تم بالتوافق مع حكومة نتنياهو، رغم ما تظهر هذه الحكومة من امتعاض، وذلك لتوفير سلم لها للنزول من الموقف العالي القلق، الذي وجدت نفسها فيه، تحت ستار الامتثال لقرار مجلس الأمن، وهذا ممكن.
ايا تكن الأسباب، التي تقف وراء التغير، ولو الجزئي، في الموقف الأمريكي، فهو يعبر عن مأزق حقيقي، تتشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الصهيوني، وتعبر عن قلق أمريكي حقيقي، من خطورة الموقف، الذي وصلت إليه الأمور في المنطقة والعالم، وبأن الأمور تتجه نحو الأسوأ، وأصبحت تمس المكانة الاستراتيجية واشنطن، ليس فقط في المنطقة، وإنما في كل نقاط الاشتباك في العالم.
فحكومة نتنياهو، عاجزة عن تحقيق اي هدف، من الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها، بالتشارك المباشر مع الإدارة الأمريكية.. والجرائم الإسرائيلية في قطا.ع غزة، باتت تشكل حرجا حقيقيا للإدارة الأمريكية، والكيان الصهيوني، عند الرأي العام الأمريكي، الداخلي والعالمي.
والموقف الأمريكي في البحر الأحمر، أيضا حرج جد، مع الفشل في وقف الهجمات اليمنية، على السفن الأمريكية والبريطانية، في البحر الأحمر وخليج عدن، واعلان اليمن، عن توسيع نطاق استهداف السفن الإسرائيلية، والأخطر من كل ذلك، الاعلان عن امتلاك اليمن صواريخ دقيقة فرط صوتية، واسلحة لم تستخدم بعد.
كما أن الوضع في أوكرانيا، ينذر بخسارتها الحرب مع روسيا، لتاتي عملية موسكو الإرهابية، لتقوي موقف موسكو، التي تتهيأ لتوجيه ضربة انتقامية لأوكرانيا، مع ما يعني ذلك، من اخطار جيوسياسية حقيقية، على الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها الأوروبيين.
إضافة إلى ذلك، فأن إيران باتت اليوم في وضع مريح جدا، في المنطقة، مما يعطيها أوراق قوة، في اي مفاوضات تجريها مع الأمريكيين.
كم ان الصين، تبدو المستفيد الأكبر، من الورطة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ومع تأكد واشنطن والجميع، بأن حكومة نتنياهو في موقف صعب جدا، والأصعب انها لاتستطيع التراجع، فيبدو ان الادارة الأمريكية، التي تشارك في العدوان، إدارة وتنفيذاً، منذ بدايته، قررت اخذ زمام المبادرة، للضغط على حكومة نتنياهو، لتليين مواقفها، لإنجاز تسوية توقف القتال، حتى لو اضطرت لتقديم تنازلات تعتبرها خطأ احمر، بهدف وقف حجم الخسائر عند هذا الحد، لان السير في هذا المسار، ينذر بالدخول في باب الخسائر الاستراتيجية، التي ستؤثر بشكل جدي وعميق، على الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الكيان الصهيوني أيضا.
وهذا يؤكد، ان الموقف الأمريكي في مجلس الأمن، هو بداية التراجع، والقبول عند هذه الحدود من الخسائر.
اما الواقع فيقول، بأن ما يجري، ابعد بكثير من قطا.ع غزة، ويتعلق بجوهر الصراع في المنطقة، وبأن الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الصهيوني، هما طرف في الصراع، وهناك طرف اخر، وهو محور المقاومة.. وقوانين الصراعات تقول، بأن على الخاسر، اثمان يجب أن يدفعها، ليس فقط في فلسطين المحتلة وانما بكافة نقاط الاشتباك في المنطقة، ومنها سورية والعراق، وهو ما تعجز عنه، الإدارة الأمريكية، وحكومة نتنياهو، او اي حكومة إسرائيلية، لان الاقرار والقبول بالخسارة، يعني وصول المجتمع الاسرائيلي، إلى مرحلة "اليأس وفقدان الأمل" وهو ماحذر منه قادة الكيان الصهيوني، منذ تأسيسه وحتى اليوم، لانه يعني إنهيار الكيان الصهيوني من داخله، وهذا يؤكد ان الصراع، طويل ومستمر، وهو مفتوح على كل الاحتمالات.