كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

إسرائيلات جديدة في العالم!

عدنان بدر حلو- فينكس

الهيجان الجماعي في الغرب تجاه موضوعي أوكرانيا وتايوان، لا شبيه له في التاريخ المعاصر إلا احتضان الغرب كله للمشروع الإسرائيلي منذ ولادته في مطلع القرن العشرين. وكان الهدف منه خلق دولة "غربية" صغيرة (إنما مدججة بالسلاح ومعتمدة على كل أشكال الدعم الغربي) لتمزيق مشروع الوحدة العربية وتفكيك هذه الأمة التي تحتل أهم موقع استراتيجي على خريطة العالم، واستنزاف خيراتها ومنعها من النهوض. وهو المشروع الذي تلقى الرعاية والاحتضان والدعم من جميع المراكز الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) وكل من يلوذ بهذه المراكز من دول وقوى وملحقات.
الآن يجري الأمر نفسه مع أوكرانيا، فبعد انقلاب 2014 وسيطرة أتباع الغرب على السلطة في كييف انصب الجهد الغربي، لاسيما الأمريكي والبريطاني، على مد أوكرانيا بكل أشكال الدعم المادي والعسكري والسياسي لخلق قوة "غربية" حديثة مؤهلة بالاستناد على مصادر غير محدودة من المال والسلاح والمعلومات وغيره وغيره.. بشكل تصبح معه قادرة على تشكيل بؤرة في خاصرة الدولة الروسية الكبيرة تؤدي في النهاية إلى استنزافها والمساهمة في تفكيكها ومن ثم إخضاعها للهيمنة الغربية (أي الأمريكية).
الأمر نفسه يحصل في تايوان التي اضطرت الولايات المتحدة للتخلي عنها لصالح مشروع أكبر في سبعينات القرن الماضي عندما كانت المهمة المركزية لدى واشنطن هي اللعب على الخلاف الروسي- الصيني في سياق الحرب الباردة، ما جعلها تسعى للعب ورقة استرضاء بكين في مواجهة موسكو فأقدمت على الاعتراف بالصين الشعبية على حساب الصين الوطنية والقبول بمبدأ "الدولة الصينية الواحدة"، إنما دون التخلي عن العلاقات الخاصة بين واشنطن وتايبه. بل أكثر من ذلك راحت الولايات المتحدة تغدق المعونات متعددة الأشكال (بما في ذلك الحماية العسكرية المباشرة) على تايوان بحيث صنعت منها قوة حديثة مدججة بأحدث أنواع السلاح بهدف أبعد بكثير من قدرتها على الدفاع عن نفسها، بل على أمل الوصول بها إلى درجة القدرة على استنزاف الصين وحتى المساهمة في تفكيك وحدتها ضمن سياق الصراع المركزي الكبير الذي عبرت عنه الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو خلال قمتهم الأخيرة الذي اعتبر بيانها الأخير أن الصين تشكل "التحدي الأكبر الذي يهدد المجتمع الغربي وقيمه الديمقراطية"!
ومن الواضح طبعا أن روسيا والصين تشكلان العقبتين الوحيدتين أمام السيطرة الغربية (الأمريكية) المطلقة على العالم المعاصر!
السؤال الأساس في هذا المجال هو التالي:
هل ما يزال الوضع العالمي يتيح الفرصة لنجاح مشروع "الإسرائيليات" الجديدة، أم أنه (سبق السيف العزل) وبات مثل هذا المشروع قابلا للانقلاب على أصحابه؟
ملحوظة: المقال سابق على طوفان الأقصى