إضاءة على الانتماء لدولة سوريّة
2024.12.21
صفوان زين- فينكس
الجمهورية السورية (بمناسبة ما جرى ويجري اليوم من أحداث قد تكون مفصلية في تاريخها المعاصر):
يبدو أننا لم نستوعب الى اليوم قيمةَ الكيان الذي حصلنا عليه مع الجلاء في السابع عشر من نيسان من العام ١٩٤٦ تحت مسمّى "الجمهورية السورية"، لم نستوعب قيمتَهَ لا في الشكل ولا في المضمون، في الشكل غيرنا اسمََه ونشيدَهَ الوطني وعلَمَه أكثر من مرة، وفي المضمون لم نكن يوماً قانعين به ككيانٍ نهائي، ألم تُقدَّم لهذه الجمهورية الوليدة في أعقاب استقلالها مباشرةً في العام ١٩٤٦ عروضُُ زواجٍ مشبوهة من جارَين عربييَن (الأردن ثم العراق) عندما لَمَسا تهالكَ جارتهما الحسناء على زواجٍ عروبي بأي ثمن؟ ألم تقدم الجمهورية السورية الى الجامعة العربية اوّّلََ مشروعٍ للوحدة العربية الشاملة مدفوعةً الى ذلك بالرغبة في المزاودة على الجميع عروبياً بعد أن زاود عليها الجميع عروبياً (المشروع المقدَم الى الجامعة العربية من وزير الخارجية ناظم القدسي في العام ١٩٥٠ والذي حمل اسمَه)، ألم نُضَحِّ باستقلال هذه الجمهورية بالكامل عندما ارتضينا لا بل وأصررنا على ان تذوب وبالكامل في دولة الوحدة مع مصر في العام ١٩٥٨؟
منذ ولادتها وصم بعضنا هذه الجمهورية الوليدة بأنها صنيعة مؤامرة سايكس بيكو الاستعمارية لتجزئة وطننا العربي وكأن هذا الوطن العربي كان يوماً ما موحداً! وظلت ترمز في خيالنا الجمعي وعلى مدى سنوات طويلة الى كونها مؤقتة وعابرة بحيث تحولت فعلاً في لا وعي الكثيرين الى مؤقتة وعابرة في الطريق الى الوحدة العربية المنشودة!
كافة الايديولوجيات والتيارات السياسية التي كانت سائدة عند ولادتها عملت صراحةً او ضمناً، وسواء عن قصد ام عن غير قصد، على تهميش دورها عندما رسَّخت في عقلنا السياسي بأنها كيان قاصر عن تلبية طموحاتنا القومية وكانت المحصلة ان وطنيًّتنا ظلت ولأمدٍ طويل مشدودةً الى كيانٍ قوميٍ مُتخَيَّل سوريّاً كان هذا الكيان أم عروبيّاً!
- [ ] الآن وقد حصل ما حصل، وبتنا ندرك قيمةَ ما أغفلناه في غفلة من الزمن، نطرح السؤال متى نعود الى الجمهورية السورية'وتعود إلينا بكافة مكوناتها وبوصفها الدولة التي يبدأ وينتهي عندها انتماؤنا الوطني. أما انتماؤنا الأوسع سوريّاً كان هذا الانتماء أم عروبياً، فليبقى شعاراً يُرفَع وأملاً يُرتَجى.