غزة وحلف الفضول واليوم العالمي لحقوق الإنسان
2023.12.09
د. جورج جبور- فينكس
على مدى ثلثي قرن كان حلف الفضول ظاهرا في حياة العرب. امتد ظهوره من أيام ما عرف بالجاهلية إلى عهد يزيد بن معاوية. خاض الحلف معاركه في المجال الاقتصادي، كما في مسألة الدفاع عن حقوق المرأة، وفي ساحة ممارسة المعارضة السياسية. ثم --- وعلى حد ما استطعت المتابعة ---- غاب فلم أشهد له أثراً في ممارساتنا عبر قرون طويلة. وعلي هنا إضافة تحفظ : لم يكتب لي حظ المتابعة الجادة في تاريخنا العربي الطويل سياسياً، وفي تاريخنا الثقافي الغني للتأكد من دقة القول بغياب حلف الفضول.
لن أعرّف هنا بالحلف. أكتفي بوصف حداثي له. إنه أقدم منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان في التاريخ إلى أن يثبت العكس. يصح القول بأنه الجد الأعلى لمنظمات كالعفو الدولية وهيومان رايتس واتش. أحضرت الحلف إلى ساحة حقوق الإنسان قبل أشهر من مؤتمر فيينا لتلك الحقو ق الذي عقد صيف 1993. كان ذلك عبر مقال في جريدة "الثورة" الدمشقية أواخر كانون الثاني 1993. لم أنجح في إقناع المسؤولين السوريين بالإشارة إليه علناً إلا مرة واحدة. كان ذلك في كلمة رئيس الوفد السوري إلى مؤتمر دربان لمناهضة العنصرية عام 2001. أما الأمم المتحدة فلم تلتفت إليه رغم مخاطباتي لها منذ 1994 إلا في أواخر عام 2007. منذئذ انتهى الأمر على الصعيد الرسمي. أما على الصعيد غير الرسمي فقد كانت مساحة النجاح أوسع ولكن بقليل. كانت الذروة في جنادرية 1997 من خلال كلماتي التي تركت أثراً في كلمات الشخصية الجنادرية الأولى الشيخ عبد العزيز التويجري وفي مداخلة أمير سعودي في وزارة الخارجية من آل سعود الكبير.
أعلاه سرد من ذاكرة ثمانيني وليس تقصياً في أوراق عن الحلف مكدسة في ملفات الثمانيني تنتظر من يخرجها إلى العلن. واحب هنا أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى هيئة عنيت بالحلف. كما سآتي على ذكر ظهور ملتبس للحلف من خلال هيئة ثانية. أولى الهيئتين "المنظمة العراقية لحقوق الإنسان"، ومقرها دمشق. لماذا؟ هي نشرت عام 1998، بمناسبة 50 عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان، كتاباتي عن الحلف، ومعها كتابات لغيري عن الحلف مقرونة بامتداح جهدي في التعريف به. أما الهيئةالحلف مقرونة بجهدي في التعريف به.
أما الهيئة الثانية فهي تلك التي أنشأتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وافتتحت مكتباً للحلف في الولايات المتحدة الأمريكية. ومعلوماتي عما تقوم به غامضة. لم تتصل بي إلّا في البدايات حين سألتني كتابة مقال نشر في مجلة "تعايش". هل لـ"تعايش" علاقة بفلسفة "الدين" الإبراهيمي الذي يولد --- كما يقال--- من رحم الإتفاقيات الابراهيمية التطبيعية؟ لا أدري ولكنني لا أستبعد. في كل حال ومهما يكن من أمر. بعد يومين يطل علينا اليوم العالمي لحقوق الإنسان. تركيز البيانات التي ستصدر في الوطن العربي سينصب أو ينبغي أن ينصب على إشهار الظلم الذي تتعرض له غزة ومعها كل فلسطين. الظلم السادي الموقع من نتنياهو وعصابته أوضح من أن يتم تجاهله في البيانات عن حقوق الإنسان، عربية كانت أو دولية. أليس من النافع للعرب حضارياً --- بل وسياسياً --- أن يظهر "حلف الفضول" باهراً في تمسكه بإقامة العدل مقابل إيغال إسرائيل واميركافي إيقاع الظلم؟ وأن يكون ذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان القادم إلينا بعد يومين؟
دمشق. صباح الجمعة 8 كانون الأول 2023.