حلف الناتو والاستراتيجيات المتحولة
ربا يوسف شاهين- فينكس
حلف الناتو أو ما يُسمى بحلف الشمال الأطلسي، هو العنوان الرئيس لتحالف عسكري دولي يتكون من 30 دولة، وتشارك فيه 21 دولة أخرى في برنامجه، الذي يدعى الشراكة من أجل السلام.
ومنذ أن حلت الحرب الكورية، بدأت أعداد الدول تتزايد للإنضمام إليه، وكذلك يُعد تأسيس حلف وارسو الذي يُعتبر الخصم اللدود، وهو من أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة عد الدول المنضمة إلى حلف الناتو، وذلك لمواجهة الإتحاد السوفيتي آنذاك.
وما يحدث الآن في أوكرانيا، أعاد المشهد إلى سابقته، وبدأت دول بالمسارعة للإنضمام إلى الحلف، كفلندا والسويد، اللتين تقدمتا بطلب الإنضمام إلى الحلف، وسط ترحيب الجميع، ماعدا تركيا، التي أعلنت عن رفضها للخطوة، إلا أنها وافقت على ترشح الدولتين للحلف، ووقعتا إتفاقية أمنية ضمنت فيه تركيا مخاوفها الأمنية، تُجاه بعض الجماعات التي تناصب تركيا العداء، والمتواجدة في فنلندا والسويد، بالإضافة إلى رفع القيود على بيع الاسلحة لتركيا، لتبدأ تركيا محاولة التأثير من خلال عضويتها في الناتو، لتستغل فكرة إنضمام أي دولة للحلف الأطلسي، لتبادر بالاعتراض مُستغلة الوضع القائم.
فقد شهد الحلف الأطلسي منذ تكوينه خلافات عديدة، كان أولها إنسحاب فرنسا من الحلف على خلفية خلافات بين باريس وواشنطن عام 1966، وكذلك اليونان التي انسحبت منه عام 1974حتى 1980، وذلك على خلفية الغزو التركي لشمال قبرص، لتعود وتتجدد الخلافات بين الدولتين اليونانية والتركية، نتيجة الإهتمام الأمريكي باليونان، وتزويد الأخيرة بطائرات مقاتلة من طراز F-16، لتعزيز قاعدتها الدفاعية ضد التهديدات الأجنبية، أما تركيا، فقد تم حظر بيع هذه الأنواع، لعدة سنوات بالإضافة إلى منع تركيا من شراء طائرات مقاتلة من طراز " F-35"، خاصة بعد شرائها لانظمة صورايخ إس-400 من روسيا، وإعطاء اليونان الموافقة على الشراء.
هي سياسة تتبعها الولايات المتحدة مع كل من يعارضها حتى في أمنه الداخلي، وتُظهر حقيقة العلاقات القائمة في الحلف المزعوم، وهي بذلك ترفع من حدة التوتر بين البلدين الجارين تركيا واليونان.
مسألة وجود الحلف الأطلسي ومسارعة الدول للانضمام إليه لتأمين الدولة المنضمة من عدو محتمل، والزام أعضاء حلف الناتو بالدفاع عنها، وفق قانون الحلف، لا يعتبر ضماناً رئيسياً بأن لا تتعرض هذه الدول للعقوبات والتهديد من الحلف ذاته، إذا ما فكرت التغريد خارج سرب الحلف، حتى في أبسط القرارات الداخلية منها قبل الخارجية.
وهنا، ومن ظروف تشكل الحلف، والتي جاءت بعد النكبة الفلسطينية، وتحضيراً من الدول الثلاث الولايات المتحدة الأمريكية والامبراطورية البريطانية وفرنسا، نقرأ جيداً أن محاولة الغرب إنشاء التحالفات، قد أوعز له بداية لحماية إسرائيل، من أي إعتداء، بالإضافة إلى حماية الدول التي أسست الحلف، لأنها تدرك جيداً، أن موازين القوى لن تبقى كما هي، وأن تفكك الاتحاد السوفيتي لن يمنع روسيا من الصعود مجدداً واستعادة دورها المنافس عالمياً في شتى الصُعد.
في النهاية، التحولات أو المتغيرات السياسية تفرضها معطيات خاصة للدول المصابة لا تجعل من انضمام الدول الى حلف الناتو بمأمن عن صفعاتها.