"بينيت".. الأسئلة الثقيلة!
2022.02.19
علي نصر الله- فينكس:
قبل التحليق الاستطلاعي الناجح للطائرة المسيرة - حسان - ١٨ شباط الجاري لأربعين دقيقة بعمق ٧٠ كيلومتراً فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع العودة الآمنة إلى قواعدها، كانت قيادة أركان الحرب في جيش الاحتلال تطرح أسئلة مركزية، بحثت طويلاً - وعبثا - عن إجابات لها، فما شكل الأسئلة التي يزداد ثقلها بالطرح الآن؟.
المتحدث باسم جيش الاحتلال قبل أن يعلن عن أن تحقيقاً تم فتحه، اعترف بفشل القبة الحديدية ومنظومات السلاح الجوي باعتراض الطائرة المسيرة، وقال إن التحقيقات بأسباب هذا الفشل جارية، مشيراً إلى عدم قدرة التعرف عليها، وإلى اختفائها عن الرادارات لمدة ساعتين، ومؤكداً خروجها بعد ذلك من المجال الجوي!.
صحيفتا هآرتس ويديعوت أحرنوت، إذاعة جيش الاحتلال، لم تتوقف فقط عند الفشل وأسبابه، ولا عند التكاليف التي تم تكبدها بمحاولة السيطرة والاسقاط، بل ذهبت لطرح العديد من الأسئلة الثقيلة حول قدرات الردع، الحماية، التفوق، ومواجهة الاحتمالات الصعبة في حال حصلت المواجهة التي من أجلها تجري مناورات عسكرية دورية ومتلاحقة؟.
حكومة العدو برئاسة نفتالي بينيت التي لا تملك إجابات واضحة عن الكثير من الأسئلة الثقيلة السابقة المطروحة قبل تاريخ ١٨ شباط الجاري، هي اليوم مطالبة بتقديم إجابات إضافية لأسئلة لم يتأخر طرحها في إعلام العدو، معظمها يتمحور حول ميزان الرعب، الردع، الحلول والبدائل وهل هي أمنية عسكرية أم سياسية؟.
وإذا كان الطرف الآخر لم يتحدث إلا عن الثقة بامتلاك الإرادة وأشكال جديدة من التسليح الدقيق والفعال، فإن ذلك ضاعف من عدد الأسئلة المطروحة على بينيت وحكومته: عن سبل التعاطي والتعامل مع ما سمي بالتهديدات، وعن أفق الحرب القادمة، وعن قدرات التحمل في الحرب الطويلة، وعن خطط مواجهة الذعر وتجنب الفوضى، وعن الاستعداد لحماية الجبهة الداخلية، بل تم توجيه الكثير من الأسئلة عن واقع فقدان قدرة الدفاع الفعال والادهاش، من عدمه؟.
الأسئلة إياها، المطروحة والمتداولة في أوساط الساسة والقادة في حكومة الاحتلال وجيشه، في شارع المستوطنين، في إعلام العدو، إذا كانت قد ازدادت وتضاعفت معها مشاعر القلق والتوتر والخوف، لمجرد وقوع حوادث - على أهميتها وقيمتها - من تلك التي وضعها العدو تحت اسم اختراقات أو تهديدات، كالطائرة المسيرة، وكتنفيذ عمليات دقيقة خلف خطوط المواجهة، فما سيكون حال بينيت وزمرته، ومعنوياته ومعنويات شارع المستوطنين عندما تسقط مئات أو آلاف الصواريخ على التجمعات الاستيطانية المحيطة بالثكنات والمواقع العسكرية والحيوية الموضوعة على قائمة بنك الأهداف؟.
الطائرة المسيرة، التهديد بجعل جنود الاحتلال يقفون على "رجل ونص"، وسواها، ليست فقط تنطوي على حرب نفسية ترهق العدو وداعميه، بل هي حرب ارادات حقيقية تكاليفها لا تقل شأناً عن تكاليف الحرب إن وقعت، بل ربما تكون أكثر ثقلاً على المستوطنين وقادة الكيان اللقيط، لجهة الحقائب التي يحزمها الكثيرون، مع تنامي ظاهرة الحصول على جنسيات أخرى استعداداً للرحيل!.
إن نجاح المقاومة الوطنية اللبنانية في اختراق العدو على النحو الذي يراكم أسباب القوة، لا يربك حسابات الكيان فقط، إنما يضعه أمام مسلسل أزمات، الثقة ليست أولها، وأزمة الخيارات ليست آخرها، ذلك أنه سيعد للألف قبل أن ينتهي إلى ابتلاع ما حصل مع تنفيذ توصيات قد تخلص إليها لجان التحقيق على غرار تلك التي انتهت إليها لجنة فينوغراد ٢٠٠٦، أو قبل أن يفكر بالرد الذي قد يفتح عليه ما يعد له ويخشى خوضه، ولتبقى خياراته ربما بالذهاب إلى تطوير قبته الحديدية بعد الاعتراف بأنها اليوم باتت كرتونية بالدليل القاطع الذي ثبت غير مرة، "سيف القدس" دليل آخر لا يقل إيلاماً!.