كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

إن شانئكم هو الأبتر..

باسل علي الخطيب- فينكس
يجافيني النوم، يجافيني وأكاد أسمع الأرض والسماء تضجان، تسألني تلك الطفلة الصغيرة: هل بينهم (عمو)؟ أجبتها: كلهم أعمامك يا صغيرتي..... حتى عندما استشهد اخي لم أشعر أن في رقبتي ثأراً شخصياً، لماذا أشعر اليوم وكأنه استيقظت في داخلي كل ثارات كليب؟!... ليست القصة فحسب أنهم ليسوا اول الشهداء ولن يكونوا آخرهم.... إنها الكلية الحربية، أقدس اقداس الجمهورية، هذا بيت الله الحرام، هناك على بوابة الكلية نقشت هذه العبارة "مصنع الابطال"، هل تعرفون معناها؟ سلوا لواء جولاني عن ذلك، وقد خبروهم حروباً خمس ونيف.... هل سبق وحدثكم أحد عن الصراط المستقيم؟ أن تروا تلك الصفوف تسير تلك المشية المهيبة، وتلك الوجوه السمراء ترنو حيث لاحدود للعزة والكرامة، والزنود إياها تقبض على الكلاشينكوف، تقبض على البندقية وتقبض على حدود الوطن..... يقول الخبر إن الجيش العربي السوري يدك مواقع التنظيمات الإرهابية في إدلب وشمال اللاذقية منذ ساعات، وان الاستهداف قد طال كل مواقعهم تقريباً.... خذوا علماً... لن يكفينا من دمائهم كل دمائهم، كل قطرة دم سفكت في ساحة القادسية اليوم، هي بكل تلك اللحى العفنة، هي بكل تلك الأرواح التجسة.... احرقوهم حيث ثقفتموهم.... ذروهم رماداً، هباباً، هباءً، فحرام على أي أرض أن تضم جثثهم، أنها لن تنبت إلا زقوماً رؤؤسها طلع الشياطين....

ذات أيام ساقتهم الباصات الخضراء إلى هناك، خرجوا من جحورهم أذلاء كعهدهم دوماً، وهذه في الجينات، فلا خير في تلك النطاف ابداً، أن تك الأصلاب لن يخرج منها إلا الأرجاس.... نعم، يولد الإخواني من بطن الإخواني وهو يحمل على شفتيه وقع أقدام ابن تيمية وابن عبد الوهاب إياه.... من قال أن الأصنام قد دمرت؟ دققوا جيداً إنها تتجول في رؤوسهم.... هذا اليوم ليس كمثله يوم.... هذا يوم مفصلي في تاريخ سورية.... على مدى كل سنوات هذه الحرب، عانينا الكثير من الويلات والمآسي والمجازر، ولكن ولا مرة أعلنت سورية الحداد، حتى بعيد الزلزال، اليوم أعلنت الدولة الحداد على طول جغرافية الجمهورية، هذا يعني أن الجمهورية تتغير، هذا يعني أن الدولة بدأت تقارب الأمور بطريقة أفضل وأحسن... هذا انعكس على الاعلام، توقفت تلك البرامج التافهة إياها، وصدحت عبر شاشاتنا آيات الذكر الحكيم.... وهل سوى القران الكريم في حضرة تلك الأرواح الطاهرة؟!.. نكست الجمهورية الاعلام، وهل لذلك العلم أن ينحني إلا امام تلك الدماء الذكية؟!... ذاك كان عهداً ووعداً، وقبيل دقائق من استشهادهم، " أقسم بالله العظيم أن احافظ على الجمهورية العربية السورية......."، وكان أن صدقوا ماعاهدوا الله عليه.... هذا يوم مفصلي في تاريخ سورية، أولاد الفقر، أولاد القهر، السوريون حقاً، وليس من دية لدمهم إلا أن يرفرف ذاك العلم إياه ذو النجمتين فوق ادلب وجسر الشغور واريحا.... هناك حيث ستصل جنازير دباباتنا، وهناك فقط سنتقبل العزاء، وعدا ذلك لا عزاء لنا....

لا أحب كتابة الرثاء، فنحن نكتب لكي نقتل أوجاعنا، ولا أريد لهذا الوجع أن يموت، أريده أن يبقى كالجمر يحرقني كلما سهوت، قلت في مقالات سابقة أننا نسامح ولكن لاننسى، وها أنا أقول الآن أننا لن نسامح ولن ننسى، فقد جفت الأقلام ورفعت الصخف، والسيف اصدق إنباءً من الكتب.... لا تصالح.... 

هذه ستكون أول جملة في وصيتي لأولادي.....