غريب الوسائل وعجيب الرسائل
2024.07.30
معن حيدر- فينكس
تم مؤخرا في السويد إزالة معظم صناديق البريد من الشوارع، بعد أن حلّ البريد الإلكتروني (الإيميل) محل الرسائل الورقية بشكل كامل تقريبا، وحلّ (الإنترنت)، كوسيلة نقل لهذا البريد الإلكتروني، محلّ وسائل النقل التقليدية.
وما بين هذا وذاك، لم يعدم بني البشر حيلة في اختراع وسائل غريبة لإيصال رسائلهم العجيبة:
+حيث نجد الشاعر ميشال طراد يحلّف العصفور بالغصن ويحمّله رسالة لمحبوبته، قائلا:
((بتطير ياعصفور.. عا كوخ من وزّال))
ويتابع وديع الصافي الغناء:
((بتأشع عريشي وباب .. بفيّتا مزوي
وحلوي بإيدا كتاب .. سلّم على الحلوي))
+وهناك من استخدم الجدران لإيصال رسالته لمن يحب، أو الصخور عندما كتب أحدهم على صخرة الربوة قرب دمشق:
((اذكريني))... الرسالة التي نُسِج عليها قصصا وحكايات غريبة عجيبة
+وهناك من أرسل رسالته مع الريح التي تهبّ باتجاه ديار المحبوب، بل قبَّل تلك الريح..
+وها هي المطربة وردة تكلّف القمر لينقل رسالتها:
((روح قلّو يا قمر .. فاكرنا ولّا ناسي))
+أمّا الحماة الدمشقيّة فترسل رسالتها (التأنيبيّة) لكنّتها التي تسكن معها في نفس الدار، ولكن هذه المرّة عبر جارتها التي تسكن في دار مجاورة:
((يي الواه الواه .. الحكي إلك يا جارة لتسمعي يا كننننننة))
+و للأصابع دور في إيصال الرسائل، (لا يروح ذهنكم لبعيد)،
فأنا أعني رسائل الحب، كما يقول الشاعر "ماني المُوَسوَس":
بَنانُ يدٍ تشير إلى بَنان ... تجاوبتا وما يتكلّمانِ
جرى الإيماء بينهما رسولا / فَأَحكم وَحيَه المتناجيان
وأيضا رسائل التهديد التي تقول (والله لفرجيك) عبر ضمّ الإبهام والسبابة
وكلنا يذكر تلك الرسالة من الأمهات: ((بفرجيك بس نرجع ع البيت))، ترافقها غالبا نظرة ثاقبة مع كزكزة الأسنان
+ولا ننسى دور العيون في نقل الرسائل
كما يقول أحدهم:
وكانتْ أعينٌ رُسلاً ... مكان الرسل بالكتبِ
عيونٌ تنقل الأسرار ... من قلبٍ إلى قلبِ
وكما يقول الشاعر البهاء زهير، ويغنّي ناظم الغزالي:
يا منْ لعبتْ بهِ شمولٌ ... ما ألطفَ هذهِ الشمائلْ
لا يمكنهُ الكلامُ لكنْ ... قد حَمّلَ طَرْفَهُ رَسائِلْ
+أما صباح فخري فلم يذكر لنا كيف سيرسل رسالته لسالم ليقول له:
((ما حدا من العشق سالم))
++وبالمقابل هناك أيضا رسائل تحمل الشر والموت
+ومنها رسالة كُتبتْ على الرأس، كما يحدّثنا الراحل سعد الله ونوس في مسرحيته التي تحكي لنا عن صراع الخليفة والوزير على السلطة،
وتبرع خادم الوزير المملوك جابر بنقل رسالة الوزير إلى الأعداء الذين قطعوا رأسه بعد أن قرأوا الرسالة.. ثم اجتاحوا بغداد.
+وقريبا منها قصة الشاعر طرفة بن العبد وقد حمل بيده رسالة موته التي كتبها له عمرو بن هند ملك الحيرة وأرسله بها إلى واليه في البحرين واهما إياه أنه سيساعده، لكنّه دفنه حيّا كما ورد في الرسالة.
+وفي حديث مع أحد المخضرمين في السياسة والصحافة، حدّثني عن الرسائل بين الدول.
-فذكر أنّ حادثة سقوط طائرة الركاب الإيرانية في مياه الخليج، التي قُتل فيها أكثر من 250 مسافر، كانت رسالة أنهتْ حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق.
-وأنّ تحطّم المركبة أبولو 13 و انفجار محطة تشيرنوبل كانتا رسالتين متبادلتين بين أمريكا والاتحاد السوفيتي إبان حرب النجوم بينهما.
ولا أدري مدى صحة تحليله.
++أخيرا لن أتحدث عن رسائل الدم والنار التي يشهدها مشرقنا التعيس، فالحديث عنها الآن مبكر جدا
ولكن أعود إلى قصيدة (رح حلفك بالغصن يا عصفور) حيث نقوم أنا
والشاعرة آنا إنبوم Anna Enbom بترجمتها إلى السويدية
بعد أن استكملنا ترجمة أغنيتي (يارا) و(جلنار) للشاعرين سعيد عقل و ميشال طراد
وسأضع نص الأغنية في أول تعليق لمن يرغب.