كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في رحاب اللغة والقرآن الكريم

غزوان أحمد علي

بعد لقاءات عدة, كانت حوارات ومنها الفرق بين قول إبراهيم ع: [إِنِّي أرى] وقول يوسف ع: [إِنِّي رَأَيْتُ]، فقد جاء في القرآن الكريم على لسان إبراهيم ع: [..يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ..]، ولافت جداً هنا استخدام: [أرى] وليس: [رأيْتُ]، فـفي اللّسان العربي الفعل المُضارع يدل على الاستمرار والفعل الماضي يدلّ على تحقّق الأمر وثبات وقوعه، (وهي قاعدة لغوية تُدَرّس في المناهج الثانوية)، فالفعل (أرى) الذي تمّ استخدامه في قول إبراهيم ع، هو فعل مضارع يدلّ على الاستمرار، أي الاستمرار إلى حين بيان الأمر، لذلك كان جواب ابنه ع: [.. يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَر..]، بينما في مكان آخر من القرآن الكريم جاء قول يوسف ع: [.. إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ]، أي تمّ استخدام [رأيتُ] للدلالة على أنّ الأمر مُتحقّق وثابت، فـ[إنّي أرى]: بانتظار الأمر, و[إنّي رأيتُ] تمّ الأمر. والعارف يعرف، ومن الأحاديث الكثيرة حديث عن الفرق بين: [اسطاعوا] و[استطاعوا]، في قوله تعالى: [فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا] الكهف 97، وأنه في اللسان العربي زيادة المبنى زيادة في المعنى، فـ[ما استطاعوا] أشد صعوبة من [ما اسطاعوا]، فنقب السد أكثر صعوبة من الصعود عليه، ومِن ذلك ما جاء على لسان الخِضر لـ موسى: [..سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا]، لكنّه لمّا أخبره التّأويل جاء: [..ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا]، وأحاديث كثيرة سيتم بيانها لاحقاً.
أصدقائي الأكارم:
تمّ ذكر كلمة [عيد] في القرآن الكريم, في سورة المائدة: [...ﺍﻟﻠَّـﻬُﻢَّ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﺃَﻧﺰِﻝْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﻣَﺎﺋِﺪَﺓً ﻣِّﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﺗَﻜُﻮﻥُ ﻟَﻨَﺎ ﻋِﻴﺪًﺍ ﻟِّﺄَﻭَّﻟِﻨَﺎ ﻭَﺁﺧِﺮِﻧَﺎ ﻭَﺁﻳَﺔً ﻣِّﻨﻚَ ﻭَﺍﺭْﺯُﻗْﻨَﺎ ﻭَﺃَﻧﺖَ ﺧَﻴْﺮُ ﺍﻟﺮَّﺍﺯِﻗِﻴﻦَ ] ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ 114، وكلمة [عيد] في اللّغة العربيّة واللّسان العربيّ هي من [العَوْد]، وهي من العودة، جمعُها العودات، فـ[العيد] بحَسْبِ اللّسانِ العربيّ مأخوذ من العَوْد: فما لا يعودُ ليس بِعِيد، وقولُهُ: [لأوّلنا وآخرنا]، أي: عيد مُستمرّ من أوّلِنا إلى آخرِنا، أي مستمر عبر الزمان، وجاء في القرآن الكريم: [وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ] يس 39، وجاء في شعر العرب:
[وأحسنَ عمروٌ بالذي كانَ بيننا
.......... وإنْ عادَ بالإحسانِ فالعَوْدُ أحمدُ].
وقد تكرّرت كلمة [يُعيد]، شاملةً لحروف [عيد]، في القرآن الكريم-حيث الفاعل هو الله- تكرّرت 12 مرة، بإزاي: عدد الأشهر الـ 12، وهي الأهلّة: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ ..] البقرة 189، ونحن نقول: [تكرّرت]، ولكن، وكما جاء: [ليس في القرآن تَكرار، وإنما هي الأسرار]، والآيات الـ 12 هي:
1- [مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ..] طه 55
2- [..كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ..] الأنبياء 104
3- [..سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى] طه 21
4- [إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ] البروج 13
5- [أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ..] الإسراء 69
6- [ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا] نوح 18
7- [إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] يونس 4
8- [قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] يونس 34
9- [أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] النمل 64
10- [..يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] العنكبوت 19
11- [اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] الروم 11
12- [وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ] الروم 27.