كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مهنة بيع القصائد

زيد قطريب

منذ أن بدأت الحرب، عملتُ في مهنة بيع القصائد.
صرتُ أجلسُ، عند زاوية الشارع، وأبيعُ الكلمات.
الرجلُ المنكسرُ مثل حرف الكاف،
أهديه حرف الألف.
والمرأة المعقودة كالتاء المربوطة،
أقول لها: جربي الهاء.
الانفعاليون، أنصحهم بكتابة السين دون أسنان،
والانطوائيون أصنعُ لهم خواتمَ من همزة الوصل.
القلقونَ، ألبسهم قلاداتٍ من علامة السكون
والمتخاصمون يأخذون حصتهم من علامة الضمّ.
ولطالما اضطررت لإجراء عمليات بلا تخدير
لاستئصال أشباه الجمل من أحشاء المصابين.
كانت أم خالد، تراقب كل ذلك بصمت
وتتمنى لو تبادلني التسوّل بمهنة بيع الشعر.
لقد كوّنت ثروة ضخمة من مطربانات "التوحد"
وعلب "الهستيريا" و"الاكتئاب".
قادةُ الميليشيات كانوا يأتون مبكراً
لشراء نصوص النصر،
لكنهم في المساء، يرجعون محملين على الأكتاف.
كانت البلد على خير ما يرام
حتى إنني صرت أشتري الأرجل المقطوعة
مجهولة الأجساد، بعد المعارك
ثم أبيعها للعاجزين عن الوصول.
بعد انتهاء المعركة الكبرى، على أطراف المدينة،
جاءني جنديٌّ برأس صديقه الميت،
قال إن جسده تلاشى ولا يمكن العثور عليه.
الرأس كان ثقيلاً،
عندما علقته بكلاّبات على واجهة البسطة.
بعتُ الذكريات، للمصابين بالزهايمر،
والأفكارَ للجهلاء، وكراسي الخدود للعابسين..
الرأس كان سعيداً بالتوزيع العادل لجمجمته
على أبناء الشعب.
كان يودّ أن يقول شيئاً،
لكنني بعت لسانه قبل أن ينطق!