كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

العربية الفصحى والمجاهد الشيخ طاهر النعسان

خالد محمد جزماتي- فينكس

كان الشيخ طاهر النعسان (1887- 1961) دارساً لأمهات الكتب الأدبية، وعاشقاً لديوان الشاعر أبو الطيب المتنبي (915 - 965 م)..
وكان شاعرنا الشيخ طاهر النعسان طوال حياته لا يتكلم العامية أبداً، ويتحدث بالفصحى أينما كان (فتخيلوا عظمة الصبر لدى السيدة زوجته!)، في العمل، في السوق، في جده وفي نزهاته، وحتى ضمن بيته مع زوجته وأولاده.
ونقل عنه الكثيرون الحوادث المميزة حول هذه الظاهرة التي عُرف بها. ومن هذه الحوادث التي جرت معه، أثناء انتخابات 1931- 1932 والتي جرت في حماة، ولقد كان وقّافاً مع الحق ومؤيداً لكتلة الوطنيين التي يتزعمها صديقه الدكتور توفيق الشيشكلي (1884 - 1940) الذي كلّفه بحراسة ومراقبة المركز الانتخابي القائم في جامع النوري.. هذا المركز تعرض للاعتداء من قبل بعض الرجال من الطرف الخصم، فلم ينهزم الشيخ ولا صديقه الذي كان بصحبته وهو المرحوم "محمد عثمان الكيلاني" الذي كان قوي البنية والقلب، فهزم المعتدين على المركز، والشيخ طاهر يصيح به وينخيه وهو جريح قائلاً بالفصحى: "اضربهم يا عثمان.. اضربهم يا حفيد علي.. عليك بهم يا مفتول الساعدين".. بعد ذلك صعد الشيخ طاهر الى سطح جامع النوري، فوجد صديقه "أبو السعود الكيلاني مختبئاً، فقال له بصوت عال: "أنت هنا يا أبا السعود، ونحن أكلناها قياماً وقعود..!؟"، فأجابه أبو السعود: "لفها شيخي هلق وقت الكلام بالنحوي، مانك شايف الموت قدامنا"..
ويروي القاضي النزيه "حسن الشققي أنه عندما كان قاضياً في الرقة لمدة خمس سنوات، حبث كان الشيخ طاهر النعسان فيها موظفاً، وفي احدى المرات ترافقا في السفر معاً الى حلب وحماة، وأثناء الطريق حدثته عن شخص من أهل الرقة فقلت له: "إن الشخص الرقاوي"، فانبرى من فوره وقال لي: "لا يا ابن خالي لقد أخطأت، يُقالُ "رقًي" ولا يقال "رقاوي".
ومرة كان مسافراً الى دمشق مع عائلته بواسطة حافلة عامة، وكان يتكلم كعادته بالعربية الفصحى، فسألته إحدى المسافرات وهي من حمص: أستاذ.. ليش أهل حماة يسمونا "مجانين"...؟ فأجابها: يا بنيتي، أنتن "مجاذيب، ولستن "مجانين"، فقالت السيدة الحمصية لصويحباتها: سمعتوا... هيك العالم بيحكوا...
ومن طبائع الشيخ طاهر حرصه على الكتب وعدم التفريط بها، وكان يخشى من إعارتها للآخرين. وتشاء الأقدار أن أحدهم طلب منه إعارته أحد كتبه الغالية عليه، فأجابه من فوره ببيتين من الشعر هما:
ألا يا مستعير الكتب دعني ****فإن إعارتي للكتب عار
فمحبوبي من الدنيا كتاب **** فهل شاهدت محبوباً يُعار
فكان لطيفاً ظريفاً في اعتذاره..
وللشيخ طاهر النعسان ولدان وثلاث بنات هم:
-- الدكتور محمد زهير النعسان استقر في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يُرزق بأولاد.
-- السيد زياد النعسان وكان شاعراً، توفي عام 1962 وله ثلاث أولاد طارق ورياض وطاهر.
-- صبيحة النعسان زوجة المرحوم صبحي المصري
-- سلمى النعسان زوجة المرحوم هاشم الصيادي أبو منقذ.
-- سعاد النعسان زوجة المرحوم الأستاذ مختار الدلال.
-- رحم الله شيخنا الشاعر المجاهد طاهر مصطفى النعسان وزوجته السيدة عائشة بنت أحمد الشققي وطيب ثراهما.