كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

سجــــالٌ حـــول النّقــــد الثّقافـــي عنـــد إدوارد سعيـــد

أحمد الحسين

 ما قدمه إدوارد سعيد في مجمل مؤلفاته يَصبّ في خانة النقد الثقافي لا في حقل النقد الأدبي، وهو نقد يهتم بالمحمول في النص لا بآلية تشكيله، ولذا فلا علاقة لهذا النزوع بالنقد الأدبي، الذي يولي آلية تشكيل المتن أو المحمول كلّ اهتمامه، ولا يبقى سجينَ الدّلالة او علاقتها بالسياق الذي تحيل إليه، وأظن أن هذه هي نقطة ضعف ما قدمه سعيد في مجمل مؤلفاته ولاسيما "الاستشراق" أو "الثقافة والإمبريالية" أو "العالم والنص والناقد"، أو غيرها.
وبعض النُّقاد كصديقنا علي الشدوي (السعودية) يَرَوْن أن الاهتمام بالشكل في النقد الأدبي يجعل صاحبه شكلانيا، وهو ما أراد سعيد تجنبه وعدم الوقوع في شركه، ومع ذلك ينبغي الإشارة إلى أنه ليس كل من اشتغل بأدبية الأدب "شكلانيًّا"، بل فيهم من اهتم بالأدب؛ لأنه يجمع بين الاهتمام بالمتن والمبنى، ويولي الشكل أهمية كبيرة، ولا حاجة إلى تعداد أسماء من فعلوا ذلك فهم كثر، ومع هذا قد يتسق انصراف "سعيد" عن الاهتمام بالشكل مع تركيزه على دنيوية الأدب، ومدى استجابته لهموم الناس وقضايا عصره الملحّة، وهو ما ينسجم مع مفهوم النقد الثقافي، وقد دافع الأستاذ الشدوي عن هذه النقطة في حواري معه على صفحته، ولم يعدّه نقطة ضعف في نتاج سعيد كما فعلتُ أنا، بل إنني رأيتُ أنّ هذه السمة في شغل "سعيد" قد لا تكون وجهة نظر تخصّني وحدي، بل قد يكون هناك من يشاركني فيها من الصديقات والأصدقاء.