كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قصة سامي الدروبي مع دوستويفسكي

عشرون عاما أمضاها المُترجم والدبلوماسي السوري «سامي الدروبي تـ1976م» في ترجمةِ أكثر من عشرةِ آلاف صفحة من أعمال الفيلسوف الروسي والعبقري الروائي «دوستويفسكي تـ1881م».
معلومة: ”لَمْ يكُن الدروبي يُترجم عن الروسية مُباشرة، بل ترجمَ عن الفرنسية”.
‏«شعرتُ أن بيني وبينه أنساباً روحية، ووجدتُ نفسي فيه، وصرتُ أتحرّك في عالمِه كتحرّكي في بيتي، وأعرفُ شخوصه معرفة أصدقاء طالت صحبتي معهم، حتى لأكاد أحاورهم همساً في بعضِ الأحيان».
كانَ هذا تعبير الدروبي شارِحاً علاقته العميقة بدوستويفسكي.
‏قالَ الدروبي إن معرفته وعلاقته بدوستويفسكي بدأت عِندما كانَ في الثامنة عشرة من عمره. وكانَ يستشهد بقولِ نيتشه: «دوستويفسكي هوَ الوحيد الذي علمني شيئاً عن النفسِ الإنسانية».
‏كانَ الدروبي يعيش أوقاته كلها تقريباً في كنفِ دوستويفسكي وأعماله، حتى أن زوجته السيدة إحسان تروي؛ أنها عندما كانت برفقته في موسكو، وبينما هما في جولةٍ في شوارع المدينة، أشارَ فجأة إلى جسر قريب وقال: «هذا الجسر ذكره دوستويفسكي في قصةِ الليالي البيضاء».
‏وفِي شارعٍ آخر وقفَ يتأمل أحد البيوت، وبعد نَفَسٍ عميق، قال: «أظن أن رواية الجريمة والعقاب حدثت في هذا المنزل!». في ليلة الثاني عشر من فبراير 1976م، كانَ الدروبي في مكتبتهِ يتأمل أعماله المترجمة وقد بلغت 80 كتاباً؛ أكثر من 40 ألف صفحة!

‏مشى الدروبي في مكتبتهِ يتَهَادى بين الصحةِ والمرض، يُريد معجماً ليبحث عن كلمةٍ أعيته، فكانت هذهِ اللحظات آخر لحظات حياته، إذ وجدته زوجته ملقًى على الأرضِ والمعجم عند رأسه، وكانت هُناك 40 صفحة مِن الجزء الثاني من «الحرب والسلم» لتولستوي لم تُتَرْجَم بعد.