د. بهجت سليمان
[همروجة تجنيس "مجهولي النسب"]
1▪ ينتابني العجب حول تلك "الهمروجة" المثارة حول تجنيس "مجهولي النسب"..
وكأن الأمور طبيعية في سورية، ولم تقم فيها حرب طاحنة، كادت توازي في طول مدتها الحربين العالميتين، الأولى والثانية..
وكأن تلك الحرب الطاحنة، لم تترك تداعياتٍ ومفرزاتٍ وآثاراً، يحتاج المجتمع والدولة إلى التعامل معها، بمنتهى الحكمة والحنكة، بعيداً عن ردات الفعل.
2▪ وبعض الطروحات النارية في هذا المجال، لا تتسم بالعقلانية ولا بالحد الأدنى من المسؤولية..
وإذا كانت الحرب الكونية على سورية - وليس الدولة السورية - هي المسؤولة عن تلك التداعيات..
فإن الدولة السورية هي المعنية الأولى بمعالجة تلك التداعيات..
3▪ وإذا كانت بعض الجهات الرسمية السورية، قد قصّرت في القيام بواجبها، تجاه الشهداء وأهاليهم، أو تجاه جرحى الحرب، أو تجاه المخطوفين..
فإن ذلك التقصير، ليس مسطرةً يقاس عليها، ولا ميزاناً يجري الكيل به.
4▪ وعندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، أمراً، فإن واجب الوطنيين، في مختلف الميادين، يقتضي منهم، توضيح هذا الأمر وشرحه وإظهار العوامل الكفيلة بتحقيق ذلك الأمر الذي تستدعيه المصالح الوطنية العليا..
بدلاً من صَبّ الزيت على النار، وبدلاً من تهويش الغرائز وتحريك العواطف، واستحضار الأمثلة السلبية، ووضع العصيّ في عجلات الإجراءات الكفيلة بمعالجة تلك التداعيات والمفرزات والآثار.
5 ▪ إن إهمال وجود عشرات آلاف الأطفال مجهولي النسب الذين ولدوا في سورية، سواءٌ من "جهاد النكاح!" أو من "السِّفاح" أو كانوا لقطاء لا يُعْرَفُ عنهم شيء..
إن إهمال وضعهم ، يعني إفساح المجال لقوى الخارج - التي دفعت مئات مليارات الدولارات لتحطيم سورية - ولقوى الداخل المرتهنة لهم.. لكي يجعلوا منهم قطعاناً جديدة من بغال طروادة، مترعة بالحقد والضغينة على الوطن والشعب والدولة..
ولتحويلهم إلى قاعدة استناد، في محاولة لتفجير سورية مجدداً، خلال العقد القادم أو ما بعده.
6 ▪ والأنكى ، أن بعض من رفعوا عقيرتهم احتجاجاً على الإجراءات القانونية التي تعمل الجهات المختصة على اتخاذها بشأن هؤلاء والمتعلقة بعدم تركهم "داشرين" تتلقفهم سراديب الجريمة المنظمة، الكفيلة بإيصالهم إلى دهاليز ممارسة الإرهاب، الذي مارسه أولئك الإرهابيون الذين كانوا السبب في ولادة هؤلاء..
هم من يرفعون عقيرتهم دائماً، لاتّهام الدولة في تقصيرها السابق تجاه التحديات التي واجهتها، ولعدم اتخاذها إجراءات وقائية كافية وكفيلة بمعالجة الظواهر الإرهابية قبل استفحالها..
و تلك الأصوات تستدرّ العطف بإسم الشهداء، وتقوم بالتحريض على هؤلاء المجهولي النسب، وكأنهم هم من ارتكبوا تلك الفظائع وقاموا بتلك الجرائم!
7 ▪ ليس فقط استناداً إلى قوله تعالى (ولا تزر وزارة وزر أخرى)..
وليس فقط انطلاقاً من منظور إنساني، لا يسمح بالنيل من هؤلاء "المجهولي النسب" الذين يكفيهم وصمة العار اللاحقة بهم والتي ستبقى ملتصقة بهم، مدى العمر، بأنهم أبناء إرهابيين ومجرمين وعاهرات وووووو الخ..
وليس فقط اعتماداً على القوانين الناظمة التقليدية، التي تقضي بقوننة وجود هؤلاء فوق الأراضي التي يولدون عليها أو فيها..
8 ▪ بل، وقبل ذلك وبعده.. انطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا، التي تفرض علينا جميعا، التعامل بمنتهى الجدية والمسؤولية مع هذه الظاهرة التي فرضت نفسها، كإحدى نتائج الحرب الكونية على سورية..
ضرورة التعامل معها على قاعدة إزالة جميع السموم والبؤر المتعفنة المترافقة مع هذه الظاهرة، وقطع الطريق على تحويلها إلى غدد سرطانية كفيلة بتفجير المجتمع مجدداً.
9 ▪ وهذا يقتضي من مجلس الشعب ومن الحكومة ومن باقي الجهات المعنية، القيام بواجبها كاملاً تجاه هذا الموضوع الحساس والدقيق..
و عليها عدم التردد، مهما كانت الحملات الفيسبوكية عالية النبرة وقاسية اللهجة..
10 ▪ وهذا لا يعني أن كل ما قيل ونشر في وسائل التواصل الإجتماعي ، لم يكن في محلّه..
بل هناك الكثير مما قيل ونشر، يحمل وجعاً حقيقياً، عَبَّرَ عنه أصحابه بارتفاع النبرة وبرمي الجهات الرسمية المعنية ، بشتى التهم..
مع ذلك ورغم ذلك، فإن على الجهات الرسمية ، أن يكون صدرها رحباً وأن تستمع إلى تلك الأصوات، مهما كانت قاسية، وأن تستفيد مما تراه مفيداً فيها، سواء كان قليلاً أم كثيراً.
***
خالد العبود
قانون: "مجهولو النسب".. وموقف الدولة!
من حقّ بعض السوريين أن يغضبوا، حين يرون أنّ بعض مخرجات أو مدخلات العدوان عليهم يعاد التركيز عليها، أو يعاد استذكارها بشكل أو بآخر، وهو ما حصل ويحصل لجهة قانون "مجهولو النسب"، الذي يُناقش تحت قبة مجلس الشعب خلال هذه الأيام، لكنّ حقّهم علينا، ونعني بعض هؤلاء السوريين، أن نوضّح لهم ونطمئن قلوبهم، خاصة حين يحدث مثل هذا اللبس الذي حدث لجهة هذا القانون، ودور الدولة..
1- قانون: "مجهولو النسب" هو قانون قديم جدّا في سورية وكان مطبّقاً دون أن يشعر به معظم السوريين، باعتبار أنّه لا يعني الكثيرين منهم، كما هي حال كثير من القوانين التي لا تخصّ شرائح رئيسية من المواطنين، وهو ليس قانوناً خاصاً بالدولة السورية، وإنّما هو قانون عام موجود في أغلب دول العالم..
2- القانون يخصّ فقط أولئك الذين لا يوجد لهم أبٌ أو أمّ، بمعنى أنهم "لقطاء"، ولم يتعرّف عليهم أحدٌ يخصّهم، وأعتقد أنّ هؤلاء سيكون عددهم قليلا جدّاً في مجتمع مثل المجتمع السوري، والذي تعرض لعدوان مباشر وغير مباشر، لكنّه يظلّ مجتمعاً محافظاً..
3- خلال العدوان على سورية اتسعت ظاهرة "اللقيط"، وهذا هو الاسم القديم لاسم "مجهول النسب"، حيث تعرض المجتمع السوري لعدوان مباشر في بعض مفاصله، وبالتالي أضحى مطلوباً من الدولة أن تتصدى لهذه الظاهرة، وأن تعالجها لا أن تتوارى خلف إصبعها..
4- دور الدولة كان خلّاقاً حين سارعت لإعادة إنتاج قوانين سابقة معمول بها في الجمهورية العربية السورية، من أجل الإحاطة بتفاصيل أخرى إضافية، ظهرت معنا خلال الحرب على المجتمع السوري، خاصة على المستوى الاجتماعي..
5- إنّ الإحاطة بهذه الظاهرة وإعادة إنتاج قدرة الدولة للتعامل معها اجتماعياً لا تحمي هؤلاء المستهدفين فقط، نعني "مجهولي النسب"، وإنّما تحمي المجتمع بكليّته من إمكانية أن تتحوّل هذه الكتلة البشرية، إذا لم تتم رعايتها، إلى خطر مباشر على باقي مكونات المجتمع، وهو الهدف الرئيسيّ من هذا القانون، بمعنى أنّ القانون لم يكن من أجل رعاية "مجهولي النسب"، بمقدار ما كان قانوناً لحماية المجتمع في كلّيته..
6- بقي أن أثبّت واحدة ولم يكن بودّي أن أقولها أبداً، لكنّ الضرورة والموقف يدفعني للبوح بذلك، وهو أنّ هؤلاء "اللقطاء" أو "مجهولي النسب"، ممّن لا يوجد لهم أبٌ أو أمٌّ، يسجّلون في وزارة الداخلية في سجّل خاصّ بهم، ولا يمكن لأحد من أبناء المجتمع معرفة ذلك، إلا وفق أسس قانونية حدّدها القانون نفسه، بمعنى أنّ الدولة قادرة على متابعتهم ومعرفة تفاصيل حياتهم بشكل غير مكشوف حتى من قبلهم، وهناك قاعدة معلومات خاصة بهم يمكن للدولة ومؤسساتها العودة إليها متى شاءت..
***
مشروع قانون: "مجهولو النسب"، مشروع قانون يرعى شؤون الأطفال فوق أراضي الجمهورية العربية السورية، الذين لا يوجد لهم أمّ، ولا يوجد لهم أبٌ، ولا يمكّن التعرّف عليهم، يرعاهم لحماية المجتمع السوري كلّه منهم، ومن احتمال تحوّلهم إلى كتلة ضارة بهذا المجتمع!
مواد ذات صلة: د. نوفل نيّوف: "مجهولو النسب".. بين العنصرية والتلفيق http://www.fenks.co/%D9%86%D9%82%D8%B7%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85/18753-%D8%AF-%D9%86%D9%88%D9%81%D9%84-%D9%86%D9%8A%D9%91%D9%88%D9%81-%D9%85%D8%AC%D9%87%D9%88%D9%84%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%82.html
مواد ذات صلة: النائب ديما سليمان للنواب المنافحين عن أبناء جهاد النكاح: أين كانت إنسانيتكم عندما كانوا يذبحون أولادنا؟ http://www.fenks.co/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AE%D9%86/18749-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A7-%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%AD%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%AD-%D8%A3%D9%8A%D9%86-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AA%D9%83%D9%85-%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7-%D9%8A%D8%B0%D8%A8%D8%AD%D9%88%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%86%D8%A7%D8%9F.html