كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عز الدين الشيخ خليل.. شريان الإمداد للمقاومة والقائد الثاني لكتائب القسام

القائد الشهيد عز الدين الشيخ خليل

"الأب الروحي ليحيى عياش وعماد عقل"، هكذا وصف رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني الأسبق إسحاق رابين القائد الشهيد عز الدين الشيخ خليل، ولم يكن هذا وصفاً عابراً، بل كان تعبيراً حقيقياً عن الرعب الذي قذفه الشيخ خليل في قلوب قادة الاحتلال على مدار سنوات ممتدة.

ويوافق اليوم 27 أيلول الذكرى التاسعة عشرة على استشهاد المقاوم العنيد الشهيد عز الدين الشيخ خليل بعد عملية اغتيال جبانة في العاصمة السورية دمشق، فهذا المقاوم الاستثنائي الذي لم يجعل من الاعتقال والملاحقة والإبعاد حاجزاً أمام مواصلة عمله المقاوم، فتمكن من إحداث نقلة نوعية في العمل العسكري في فلسطين.
ميلاد ونشأة
في الرابع والعشرين من يوليو عام 1962م، وُلد عز الدين صبحي سلامة الشيخ خليل "أبو محمد" بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، في أحضان أسرة تعود أصولها لمدينة غزة، أنهى دراسته الثانوية بمدرسة فلسطين للبنين، ثم التحق بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، ومنها انخرط في العمل النقابي الطلابي كأحد مؤسسي "الكتلة الإسلامية" الذراع الطلابية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ثم حصل على درجة الماجستير من دولة الباكستان.
كانت بدايته في العمل الدعوي حين انتقل للدراسة في مدرسة فلسطين الثانوية، والتي أتاحت له فرصة الالتقاء مع الشيخ المؤسس الشهيد أحمد ياسين والشيخ خليل القوقا نهاية السبعينيات، ثم بايع جماعة الإخوان المسلمين عام 1980م، وبرز كناشط في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ تأسيسها في ديسمبر عام 1987م، بعدها سافر إلى أفغانستان والتقى الشيخ عبد الله عزام.
من المؤسسين الأوائل
بعد عودته من أفغانستان عمل على تنظيم العمل العسكري، فبدأ بتوحيد المجموعات المقاتلة المتواجدة في مناطق قطاع غزة المختلفة، وعمل على نقل العمل العسكري من غزة إلى الضفة الغربية، وساعده في ذلك تنقله بين غزة والضفة بحكم نشاطه التجاري، واستطاع أن يجد حلقة وصل بين قادة القسام بغزة والضفة.
كما حمل على عاتقه مهمة تحديد واختيار أهداف العمليات الاستشهادية في الضفة والداخل المحتل، فأشرف على العديد من العمليات الاستشهادية حتى بعد خروجه من قطاع غزة، كان آخرها عملية بئر السبع التي أسفرت عن مقتل 16 صهيونياً.
وفي عام 1992م، كلفت قيادة حركة حماس القائد عز الدين الشيخ خليل بقيادة الجهاز العسكري لكتائب القسام في قطاع غزة، خلفاً للقائد العام الأول الشهيد القائد ياسر النمروطي، وذلك لخبرته العسكرية الكبيرة التي جمعها خلال سفره من باكستان وأفغانستان.
مرارة الزنازين والإبعاد
اعتقلته قوات الاحتلال عام 1985م لمدة أربعة أشهر بتهمة قيادته إحدى المجموعات العسكرية، تلا ذلك اعتقاله على خلفية اختطاف الرقيب أول نسيم توليدانو عام 1992م، لمدة سبعة أشهر إدارياً؛ لاقى خلالها صنوفاً من العذاب داخل زنازين العدو الصهيوني، ثم أُبعد من داخل المعتقل مع 415 من نشطاء وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور جنوب لبنان.
خلال الإبعاد عَلِمَ الشهيد عز الدين أن الاحتلال استطاع أن ينتزع من أحد معاونيه تحت التعذيب القسري اعترافاً يتضمن دور عز الدين الشيخ خليل في قيادة كتائب القسام، فقرر عدم العودة إلى القطاع، ولجأ إلى سوريا، ثم تنقّل بين عدة دول عربية وإسلامية كاحتياط أمني، وانتهى المقام به في العاصمة السورية دمشق، وفي سوريا واصل طريقه في مقاومة الاحتلال فعمل في صفوف الجهاز العسكري في الخارج، وتولى مسؤولية ملف الإمداد.
مسيرة خُتمت بالشهادة
في أعقاب عملية بئر السبع التي اتهم الاحتلال الصهيوني الشهيد القائد عز الدين الشيخ خليل بالتخطيط لها، هدد رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون بضرورة نقل المعركة إلى داخل سوريا، لإيوائها قادة المقاومة الفلسطينية.
وفي السادس والعشرين من سبتمبر عام 2004م، تمكن جهاز الموساد الصهيوني من اغتيال القائد الشهيد عز الدين الشيخ خليل بعد رحلة جهادية مشرفة عبر عبوة وضعت تحت مقعد سيارته في حي الزاهرة بالعاصمة السورية دمشق وفُجرت عن بُعد، ليكون أول من اغتاله الاحتلال من قادة القسام خارج فلسطين.