كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

درس ((الوطن)) والمعلم الغزاوي المقاوم..

أحمد الحاج طاهر- فينكس

كثير من الغزيين الذين خرجوا من جحيم غزة وضيقها لسعة العالم ونعيمه عبر معبر رفح تحت ضغط الحرب والتجويع ومحاولة منهم لحماية أطفالهم من المحرقة، باتوا يفكرون في اللحظة التي يعودون فيها لغزة رغم كل ما وقع فيها، هذه حقيقة وليست خيالاً أو بيع وهم.. شريحة واسعة منهم يفكرون على هذا النحو، نحن لا يمكننا مغادرة هذه الأرض لأننا لا نملك أرضاً غيرها وهذا ما يدفع كثيراً من الذين غادروا للتفكير باللحظة التي يعودون بها، لأننا لا نملك رفاهية الاختيار، ليس لدينا العديد من الأوطان.. يجب أن نبقى هنا لأننا لا نملك وطناً غيره..
من كان يظن أن الوطن مجرد تراب في أي مكان يسكن عليه، فهو لم يع معنى الوطن على الاطلاق.. الوطن نتاج وحصيلة تاريخ كامل.. حتى على الصعيد الاجتماعي.
الوطن هو الكينونة، من يقبل أن يتنازل عن كينونته؟ وهنا أنا لا أنتقد أي أحد يسافر أو يهاجر على الاطلاق، بل أنا أكثر المتفهمين لحاجة الناس أحياناً لتجربة ذلك الأمر بأنفسهم، ومقتنع بوجود مبررات مقنعة لذلك التوجه، ولكن بعد التجربة تصبح الرؤية أكثر اتضاحاً - رغم أني لم أجربها على صعيد الحرب السورية التي عشناها ولا أعتقد أنني سأجربها باذن الله حتى إذا بلغت الحلقوم - ..ولكن تجارب الآخرين تكفي للتعلم منها
على العموم كل من غادر قطاع غزة طيلة الحرب 115 ألفاً، وأنا واثق أن غزة ستجمع معظمهم من جديد بإذن الله.. إلا من كتب الله له النصيب والخير في الخارج، فهو ليس عيباً ولا ينتقص من دينه أو وطنيته.. ولكن نحن نتحدث عن المشهد الاجمالي، ولا ننكر حاجة غزة وحاجة شريحة من الناس للهجرة والعمل اذا كان لديهم فرصة استثنائية ولها فرصة نجاح، أما الخروج بهدف الخروج بدون خطة وفرصة وخاصة بعد أن تضع الحرب أوزارها.. فهو مجرد استبدال التيه في الوطن للتيه في أوطان الآخرين..
في الجانب الآخر مثير جدآ اهتمام العديد من الغزيين باعادة ترميم ممتلكاتهم بما توفر، رغم أن الحرب لم تنته بعد.
من أصدقاء المريض لمشفى الشفاء، وعيادة الوكالة في شمال القطاع، وصولاً لمخبز حمادة الخولي، وغيرها من العديد من الشقق المهدمة جزئياً، التي أعاد أهلها ترميمها بما توفر بين أيديهم من مواد وامكانات محدودة جداً.