كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

روسيا أكبر مما ينبغي!

 علي نصر الله- فينكس:

حتى /٢٣/ شباط الجاري، كانَ لدى "واشنطن" نظرة فوقيّة، استعلائيّة، غير واقعيّة تجاه "روسيا"، كانَ قد عبّرَ عنها "جو بايدن" من أنّهُ يجب إعادةُ "روسيا" إلى حجمها، إذ إنّها تبدو أكبرَ ممّا ينبغي.

"بايدن"، قادةُ دوَل القارّة العجوز، زُعماء الناتو، أعضاؤه، وسِواهُم منَ التابعين، ما كان أحدٌ بينهُم على استعدادٍ للحوار، وما كان أحدٌ منهُم يرغب بالاستماعِ أو الإصغاءِ للُغةِ العقل، بل ما كانَ هناكَ أحدٌ لديهِ الاستعداد لمُلاقاة" موسكو" في مُنتصف الطريق..
"فيينا"،" بروكسل"، و"جنيف"، المُحادثات، الاجتماعات التي عُقِدت فيها بين /٩ - ١٣/ كانون الثاني الماضي كانت شاهدَ إثباتٍ على صلف وتعنُّت الغرب والناتو وأمريكا، حيثُ النوايا المُبيّتة، وحيثُ الحِسابات الخاطئة التي تمثّل وظيفيّة دور "كييف" إحدى ركائزها التي انهارت على نحوٍ مُدوٍّ في الساعاتِ الأولى منَ العمليّة العسكريّة الروسيّة الخاصّة في "دونباس"..
وقد تخلّى الجميع عن" كييف" - كما قالَ الرئيس المرتهن "زيلنسكي" -، وتكشّفَ عن الجميع هشاشة وعُريّ إلاّ من فُقاعاتِ تصريحاتٍ لا تستُر عورة "أوروبا" و"الناتو"، فما الخطوة التالية غير إعلانِ العقوباتِ التي ستبقى سِلاحاً ذا حدَّين؟..
لا ينبغي أن ينخدعَ أحدٌ في العالم بكمِّ الأخبار والمعلومات المُضلِّلة التي تتدفّق عبرَ الماكينة الإعلاميّة الغربيّة، من تصريحاتِ المسؤولين في "الناتو" إلى "الولايات المتحدة"، مروراً بِ "لندن" وعواصم القارّة العجوز، فموجةُ التلفيقات لن تغيّر في الواقع شيئاً، وإنَّ التهديدَ الحاصل لأمنِ أوروبا والعالم تتحمّل المسؤوليّة عنه "واشنطن" وحلفاؤها الغربيّون.
نشرُ المزيد منَ القوات الأطلسيّة وقوات ما يُسمّى "التدخّل والردّ السريع" لا حاجة له، وهوَ تهويلٌ لا معنى له، ف "روسيا" لا تهدّد أحداً، وهيَ تؤكّد حرصَها على عدمِ إلحاقِ الضرر بالنظامِ العالميّ الذي هيَ جزءٌ منه، بل هيَ بصددِ عمليّةٍ خاصّة تحمي الاتحاد الروسيّ ومصالحهِ وأمنهِ واستقراره، وتدافع عن نفسِها، وعنِ القِيَم والمبادئ الأساسيّة.
"روسيا أكبر ممّا ينبغي"، رؤية أمريكيّة - أطلسيّة مُنحرفة، خاطئة، عدوانيّة، تستهدفُها في وجودِها ودورِها، وقد كانَ منَ الواجب والطبيعيّ أن تتحرّك" موسكو" لإحباطِ محاولةِ تهديدها من خاصرتها الأوكرانيّة.
في هذهِ الأثناء لا تحتاج الدول الغربيّة لشيءٍ ممّا تقومُ بهِ في سياقِ ما تسمّيهِ مواصلة العمل لحمايةِ الأعضاء في "حلف الناتو"، إذ لا تهديدات تنشأ ضدّ إحداها إلّا بمقدارِ انخراطه في مُخطّطاتِ استهداف "روسيا" التي لا تردّ اليوم فقط على تهديدها، بل تتصدّى للواجب الوطنيّ بردعِ كلّ مُحاولةِ اعتداءٍ أو استهدافٍ لها.
العقوبات، فرضُ حِزَمٍ أوسع وأشمل على "موسكو"، وعلى الرئيس" بوتين"، ووزير الخارجيّة، ومسؤولينَ في "الكرملين"، وبنوك ومؤسّسات مالية، وشركات نفطيّة وغيرها هوَ أقصى ما يُمكن للغرب وأمريكا فعله، وهوَ ليسَ أمراً جديداً، بل ستتخطّاه "موسكو"، وسيرتدّ على القارّة العجوز؛ الخاسر الأكبر من هذا التصعيد، ومن هذا الجُنون الذي تترجمهُ سواء بالالتحاق بمشاريع أمريكا، أو بالانتحار دفاعاً عن أوهام آنَ لها أن تُدركَ كارثيّتها.
"روسيا أكبر ممّا ينبغي"، المَقولة /الأمريكيّة - الأطلسيّة/، ربّما تكون اليوم الحقيقة التي على أمريكا وحلفائِها في الأطلسيّ فَهمُها، وتقبُّلها، والتعامُل معها، وإلّا فإنّ" روسيا" هذه مع حُلفائها والقِوى العالميّة التي تؤمن بالعدالة والمبادئ، والتي تحترم الحقوق والقوانين الدوليّة، ستعرف كيفَ تُلاحق المهزومين، وستنجح في تحويلِ هزائمِ خصومها إلى فُرصةٍ جديدة لقيامِ نظامٍ عالميّ لا مكانَ فيه للغطرسة والهيمنة.