كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المياه.. بيسر وسهولة؟!

علي نصر الله- فينكس:
وزعت وزارة التجارة الداخلية مؤخراً خبراً يثير الدهشة، ويترك أثراً عكسياً، أي أنه بدل أن يبث الشعور بالراحة النفسية لدى المتلقي فإنه ربما يستفزه ويدفعه لإعادة طرح تساؤلات طرحها سابقاً من دون أن يكون هناك ثمة إجابات واضحة عنها.

يقول الخبر: في إطار خطة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتأمين (مادة) المياه بكل يسر وسهولة للمواطنين وللفعاليات بمختلف أشكالها، فقد افتتحت "السورية للتجارة" مراكز لبيع المياه المعدنية للمعتمدين، بقاليات، تجار مفرق، منشآت سياحية، مطاعم، مقاهي... إلخ، مبينة عائديات التراخيص الممنوحة لهذه الفعاليات، وأسماء المراكز التي جرى تحديدها في المحافظات
أهم ما في الخبر، إشارته إلى أن"السورية للتجارة" قامت مؤخراً بالبيع المباشر للمواطنين بموجب البطاقة الالكترونية، وبدون رسائل، عبر صالاتها ومنافذ البيع التابعة لها!
.. إذا نحن أمام خطة، الخطة ستؤمن بكل يسر وسهولة (مادة) المياه، للمواطنين، وللفعاليات، وقد تم مؤخراً تسجيل فتح كبير بهذا المجال، ذلك أنه تم البيع المباشر بموجب البطاقة الالكترونية من دون رسائل، نعم، من دون رسائل!
الغريب في الأمر هو أن الخطة تتحدث عن توفير عبوات مياه، لا عن أشياء أخرى، الطبيعي أن تكون متوفرة وألّا تخضع لما تخضع له المواد الغذائية التي يضيق الحصار الظالم والعقوبات الجائرة علينا فيها، خاصة تلك المستوردة التي تحتاج للقطع الأجنبي!
هنا ربما من المنصف أن يقال: إن وزارة التجارة الداخلية هي آخر من يلام في المسألة، هي تستجر، وتبيع المتوفر، حتى أن السعر المنخفض أو المرتفع لا تتحمل المسؤولية الكاملة عنه، ولكن لماذا تريد بخبرها أن يقال بحقها ما يظلمها ويلقي عليها المسؤولية؟
الزيت، السكر، الخبز، الغاز والمحروقات، وكل المواد الغذائية والمقننات التموينية المدعومة، يجري توزيعها على البطاقة الذكية، لصعوبة تأمينها، لعدم وفرتها، ولتكاليفها المادية، ولضبط الهدر والتلاعب فيها، ودائماً يجري تحميل "التجارة الداخلية" مسؤوليات التقصير الحاصل، بينما هي لا تتحملها في الواقع، بل جهات أخرى هي من تتحملها، فلماذا تذهب لتحمل ما لا تتحمله في قصة المياه؟
لطالما كان من غير الملائم أن يتم تحميل "التجارة الداخلية" مسؤولية تقنين المياه المعبأة، وتوزيعها على البطاقة الالكترونية، مع رفع أسعارها، فعلى شركات تعبئة المياه والجهة التابعة لها أن تتحمل المسؤولية الكاملة في ذلك، فضلاً عن وجوب تصديها لتقديم الإجابات عن التساؤلات المنطقية المطروحة في هذا المجال.
*هل ازداد استهلاك المياه المعبأة؟ ولماذا؟ وهل هذا يحفز على زيادة الإنتاج والأرباح، أم يقود إلى التقنين غير المقبول؟
*هل ازدياد الاستهلاك مرتبط بأزمة في مياه الشرب لجهة الوفرة والجودة، تتحمل مسؤوليتها وزارة الموارد المائية؟
*هل من المتعذر زيادة الإنتاج بما يغطي الحاجة، بمعنى هل تناقصت غزارة بقين، فيجة، دريكيش والسن؟
*هل يتم التصدير على حساب حاجة السوق المحلية؟.
*عبوات المياه من كل المقاسات التي تقل سعتها عن ليتر وربع، يجب أن تكون في متناول كل الناس، في الأسواق وفي كل مكان، وبأسعار تنافسية، هي كذلك في كل أصقاع الدنيا!
الإجابة عن هذه الأسئلة، ليس أمراً صعباً، ولا يجوز تجاهل تقديمها للرأي العام الذي يقول: لو أعطيت المسألة، تعبئة وتغليف وشحن وتوزيع للقطاع الخاص، هل كان الأداء سيصل إلى هذا المستوى؟ أم أنه كان سيتضاعف الإنتاج مرات تتضاعف معها الأرباح مرات ومرات طالما هناك طلب متزايد؟