كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هشام الشريف: ولنا في الحرب الاهلية اللبنانية عبرة

ان محاكمة حدث ما بمعزل عن ما قبله وما بعده, وبمعزل عن دوافع الاطراف واستراتيجيتهم ووجهات نظرهم المتكاملة, هو قصر نظر سياسي وغوغائية توظف احيانا من القوى المعادية لشق الصفوف وحرف البوصلة.

ان الغوص في دهاليز الحرب الاهلية اللبنانية لا يترك احدا في الساحة اللبنانية ملاك يصلى على اطرافه, ولكننا بطيّ هذه الصفحة نعيد للبنان وحدته وتماسكه, ونعيد له تموضعه الطبيعي في معركة الامة.

ان نكأ الجراح والعيش اسرى لحدث ما يعني التمترس السلبي وعدم الانخراط في المعارك السياسية والعسكرية لامتنا وبث الفتن والاحقاد التي يترفع عنها كل سياسي يضع نصب عيونه المصالح العليا لامتنا.

ان العوام ومنتسبي السياسة ومرتادينها اوقات الفراغ لا يمكن تنصيبهم مفتين يحددوا مصائر الامم وقضاة يحاكموا الاطراف بناء على حدث شخصي معزول له ظروفه وفهمه المختَلف عليه.

ان افضل شيء في الحرب هو انتهاؤها وان العيش في كوابيسها لا يخدمنا من قريب او بعيد, ثم ان صراع اخوة له ظروفه لا يمكن ان ينسيهم مصيرهم المشترك, وينسيهم ضرورة بناء خندقهم الواحد في معاركهم الاساس, ولنا في تجارب الشعوب الاخرى خير معلم فلو ان الشعوب الاوروبية مثلا اصرت على العيش ضمن كوابيس حروبها الضارية لما التحقت بركب الحضارة ولخيم الظلام والتخلف كل ربوع القارة الاوروبية.

استذكر لقائي مع احد مبعدي مرج الزهور حين قال لي عند سؤاله عن الفائدة من دراسة التجربة اللبنانية, فرد قائلا لسنا بحاجة لخمسة عشر سنة من الحرب الاهلية الفلسطينية لنصل لنفس النتيجة التي وصل اليها اللبنانيون, وهي اننا كلنا لبنانيون ويجب ان نعيش على هذه الارض.

هذا ملخص الحرب اللبنانية الذي يجب ان يعيه كل اخوتنا العرب وان الحروب الجانبية والتي يكون لها ظروفها لا يجب ان تقف عائقا امام اعادة التموضع لخدمة قضايا الامة الاساس.

الملائكة للاسف غير موجودون بين البشر والاصرار على استحضار صورة الملائكة, هو جهل سياسي احيانا يكون له مفاعيل هدامة لوحدة الامة وتماسكها يستفيد منها اعداؤنا.