كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حج سعيد!

نبيل فنصة- فينكس

في مثل تلك الايام توفي جدي..
أبصرت النور وهو في حيطان الستين.. وتوفي وانا في العشرين.
.
عاش طويلاً ولم أتأثر به كثيراً، كان قارئاً للقرآن،شديد الايمان، يحب الاحسان، حج مرة ولم يزد. ولم يُعلم احداً متى يعود..
.
ورغم انه تبرع بكامل ((ثروته)) لجمعية تعني بشؤون الايتام والمساكين.كان يرفض استقبال دعاة الدين المتسولين!
.
لم يكن علمانياً.. ولا سلفياً. كان مسلماً حنيفاً على ملة ابراهيم. فاستنكر كل اشكال الطائفية. ونبذ الطائفيين. وكان يعايد جيرانه اليهود، و معارفه من المسيحيين..
.
ومع تدينه فإنني لم أسمع منه يوماً، أن الجهل يكمن في عدم معرفة بأي قدم ندخل الحمام، ولم يحرم استعمال فرشاة الأسنان، وأن الزبيبة على الجبين لازم تشوفا العين لأنها سمةٌ للمؤمنين..
.
كان يسخر ممن يدّعون ان تقليم الأظافر في الليل حرام. وان تقليمها ليس من باب النظافة، بل لكي لا ترتاح تحتها الشياطين والجان..
.
كان مؤمناً بأن العقل سبيلنا الى الله.. وأن في بعض البدع احسان..
.
كان يأمر بناته بالحجاب.. ولايرى في النقاب أجراً فائضاً وثواب..
.
كانت نظرته الى المرأة نظرة متحضرة.. هي ليست ممنوعة من الخروج من بيت أبيها إلا الى بيت زوجها أو الى المقبرة.
.
وكان يرى في تزيين المساجد والقبور فشخرة، ومواكب استقبال الحجاج تهريج و مسخرة..
.
كان يؤمن بأن الدين لايتنافى مع الحياة العصرية.فلم اسمعه يجادل في تحريم حقنة الوريد في رمضان ولا التحاميل الشرجية.
.
عاش جدي ومات، ولم يشجع على تعدد الزوجات الا للضرورات.. كان يرفض زواج الطفلات ويعتبرها من المحظورات..
.
كان يرتدي احياناً الغلابية. واحيانا الالبسة الغربية. ولم يساير مشايخ الحارة، في شُبهةِ التشبّه باليهود والنصارى..
قلت له متبجّحاً ذات مرة: سمعت ان سبب تخلفنا هو بعدنا عن الدين!
ودون أن يرفع رأسه قال: وماذا عن اليابان والغرب والصين؟
.
رحمك الله ياحج سعيد. كنت مدرسة!
.
وسلامتك ياسورية.. ألف سلامة!